مستقبل الاعمار في سوريا في مرحلة "ما بعد داعش"

مستقبل الاعمار في سوريا في مرحلة
الخميس ٢٧ ديسمبر ٢٠١٨ - ١١:٠٨ بتوقيت غرينتش

بعد سبعة أعوام من الحرب الطاحنة في سوريا والتي أدت إلی مقتل آلاف من المدنيين الأبرياء  وإصابة کثيرين آخرين ونزوح مئات آلاف وتشردهم وبعد ما بات جليا للجميع ما تکبدته سوريا من دمار في البنی التحتية والمراکز والمباني والمنشآت والمرافق...الخ بعد کل هذا تمکن الجيش السوري بمساندة ايرانية وروسية کبيرة من التغلب علی جماعة داعش الارهابية وغيرها من التنظيمات والجماعات المدعومة من السعودية وأمريکا واسرائيل وحققت انتصارات باهرة علی الصعيدين السياسي والعسکري. من هنا تتردد مقولات کثيرة هنا وهناك عن بدء عملية اعادة الاعمار في سوريا.

العالم- تقارير

صحيح أن "داعش" والجماعات الارهابية باقية في سوريا والعراق وفي أي بقعة أخری من بقاع الأرض ما بقي الجهل والسفه والفهم الناقص والسقيم للدين الاسلامي الحنيف، وما بقيت الانظمة المغرضة الراعية للارهاب لکن يجب أن يعقب الدمارَ الاعمارُ، ويعقب توترَ الامن والسلام ارساءُ الاستقرار والامن والسلام باذن الله وهذا ما تحتاجه اليوم سوريا.

ومن قبل أعلن الرئيس السوري مرارا أن الدول الراعية للارهاب في سوريا لا ولن تشارك في إعادة اعمارها في اشارة ضمنية الی السعودية وامريکا و من حذا حذوهما في العدوان ودعم الارهابيين. هذا وقد أعلنت کل من ايران و روسيا عن استعدادهما لاعادة الاعمار في سوريا؛ الامر الذي یتطلب عشرات السنوات ومئات مليارات من الدولار وفق الصليب الأحمر الدولي.

وقد صرح نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف بأن الوقت قد اصبح مناسبا للبدء في عملية اعادة اعمار سوريا ودعت بلاده لتفعيل الجهود الدولية لبدء اعادة اعمار سوريا، کما افادت الخارجية الایرانية بأن ايران ستشارك في مشاريع اعادة اعمار سوريا عبر شرکات قطاعها الخاص.

وفي خضم هذه الظروف وبعيد اعلان امريکا انسحاب قواتها من سوريا أعلن الرئيس الأمريكي ترامب في اسلوبه بين الامر والتهکم المبطن، أن السعودية ستتكفل بالمبلغ المطلوب لإعادة إعمار سوريا، بدلا من الولايات المتحدة، معبرا عن شكره وامتنانه للمملكة التي وصفها بأنها "فاحشة الثراء".

وقال "ترامب"، في تغريدة نشرها عبر حسابه بـ "تويتر": "وافقت السعودية على التكفل بالمبلغ المطلوب لإعادة إعمار سوريا بدلا من الولايات المتحدة".

وأضاف: "أترون؟ أليس من الجيد أن تقوم الدول فاحشة الثراء بمساعدة جيرانها في عملية إعادة الإعمار بدلا من دولة عظمى، أمريكا، التي تبعد 5000 ميل.. شكرا للسعودية".

وفي أغسطس/آب الماضي، قال "ترامب" إنه قرر إيقاف المدفوعات التي تقدمها بلاده لإعادة إعمار سوريا، والبالغة 230 مليون دولار سنويا، واصفا إياها بالهزيلة، مطالبا "السعودية الغنية ودول أخرى في الشرق الأوسط" أن تتحملها بدلا من واشنطن.

في المقابل، لم يصدر أي تعليق فوري من الرياض بشأن تصريح الرئيس الأمريكي، حتی ظهرت

تصريحات حديدة لعبد الله العساف الكاتب والمحلل السياسي من الرياض، قال في هذا المجال أن "موافقة السعودية على تمويل إعادة إعمار سوريا، مشروط بتقدم الحل السياسي ووضوح الرؤية والوضع في سوريا من حيث الدستور والانتخابات ووضع المعارضة وغيرها من الأمور الخلافية".

وأشار الكاتب السعودي إلى أن هذه ليست أول مرة يتم الحديث فيها عن تمويل السعودية لإعادة الإعمار في سوريا، مشيرا إلى أن المملكة قالت مرارا إن ذلك الأمر مرهون بالوصول إلى تصور واضح للوضع السياسي.

وأحدث موقف بهذا الشأن ما ورد علی لسان مسؤول في السفارة السعودية لدى واشنطن، یوم امس الأربعاء، فقد قال: إن بلاده لم تتعهد بأي مخصصات جديدة لصالح إعادة إعمار سوريا.

ونقلت شبكة "سي إن بي سي" تصريح الدبلوماسي السعودي (لم تذكر هويته)، بعد يومين من تغريدة للرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، أعلن فيها تحمل الرياض تكاليف إعادة إعمار سوريا بدلًا من بلاده.

وأوضح المصدر أن المملكة لم تتعهد بأي حزمة مالية جديدة في هذا الإطار منذ أغسطس/آب کما زعم أن بلاده مساهم رئيس في التحالف الدولي ضد التنظيم، فضلًا عن تبرعها بملايين الدولارات لصالح جهود إغاثة المدنيين.

وجاء في المقال: أعلن دونالد ترامب أن المملكة العربية السعودية ستخصص أموالاً لإعادة إعمار سوريا، بدلاً من الولايات المتحدة، التي لا تكتفي بمغادرة سوريا، بل ولن تنفق المال على بعثها بعد الحرب. وستكون مساعدة السعوديين مفيدة للغاية، فهناك حاجة لمئات مليارات الدولارات لاستعادة البنية التحتية.

مع كل تردد أوروبي وسعودي والممالك العربية الأخرى في "إعطاء المال للنظام السوري فليس لديهم خيار آخر، بشار الأسد خرج منتصرا من الحرب وهو لن يرحل، والجميع يريد المشاركة في إعادة الإعمار. ليس من قبيل الصدفة أن الممثل الأمريكي الخاص بسوريا، جيمس جيفري، قال قبل أسبوع، في حديث في واشنطن، إن "اعادة إعمار هذا البلد، التي ستحدث يوما، لا يمكن تمويلها فقط من قبل الأسد وأصدقائه - روسيا وإيران. يجب أن يرعاها المجتمع الدولي بأكمله حتى نرى عملية سياسية تناسبنا. "

ان سوريا سوق مربحة للغاية وتقليدية، منذ آلاف السنين، نقطة تلاقي العديد من طرق التجارة، وخيار مناسب جدا لمشاريع البنية التحتية المستقبلية، مثل مشاريع الغاز والنقل.

عموما ستكون هناك حرب اقتصادية صعبة من أجل كسب حق إعادة إعمار سوريا، بين السعودية وقطر والإمارات وتركيا والصين، كما أن الغربيين سيلحقون بهم.

ويرى البعض أن ترامب أراد الكشف عن دور السعودية في تولي إعمار سوريا، لكن دون ان يبين کيف ستتعامل الرياض مع نظام بشار الاسد حليف ايران الأساس.

ومهما يکن من أمر الاعمار فالذي لا شك فيه الآن هو أن السعودية قد تنازلت عن کثير من شروطها بعد ما خسرت الرهان في سوريا لصالح ايران وابطال المقاومة. اذ کانت السعودية تری في رحيل بشار الاسد شرطا مسبقا وکانت تقول بأنه لا دور لبشار الاسد في مستقبل سوريا.

د.نظري