هدوء حذر في السودان والبشير يتهم الدول الكبرى بابتزاز بلاده

هدوء حذر في السودان والبشير يتهم الدول الكبرى بابتزاز بلاده
السبت ٢٩ ديسمبر ٢٠١٨ - ١٠:٠٧ بتوقيت غرينتش

في الوقت الذي جربت جميع الولايات السودانية، يوم أمس الجمعة، يوما هادئا، شهدت بعض انحاء العاصمة الخرطوم تجمعات تعاملت معها قوات الشرطة بحرفية وذكاء، وتمكنت من فضها والسيطرة على الوضع دون اللجوء للعنف أو وقوع خسائر بشرية أو مادية.

العالم- السودان- تقارير

وقد وزع "تجمع المهنيين السودانيين" الذي أعلن إنضمامه الى المظاهرات المطلبية للشعب السوداني، بيانا أكد فيه ان التجمع سيقوم بتنظيم مسيرات إحتجاجية لتحيق مطالباته، داعيا الجماهير السودانية اللحاق بالمسيرات يوم الإثنين القادم.

كما أعلن الأمين السياسيّ لحزب الموتمر الشعبيّ إدريس سليمان المشارك في الحكومة السودانية، أنه يرفض استخدام القوة والعنف ضدّ المحتجّين، وطالب الحكومة بالتحقيق في حوادث القتل التي وقعت خلال الاشتباكات التي ادت الى مقتل 19 شخصا وإصابة 397 آخرين بينهم 219 من القوات النظامية، وإعتقال آخرين.

ويشهد السودان احتجاجات مطلبية غاضبة منذ التاسع عشر من كانون اول/ ديسمبر الماضي، بعد ان رفعت الحكومة أسعار الخبز لثلاثة أضعاف علها تعالج جانبا من العجز الإقتصادي المتنامي لها، والذي بلغت نسبة التضخم في 70%، ما جعل 46% من سكان السودان يعيشون تحت خط الفقر وفق آخر تقرير للأمم المتحدة.

وبما ان المسيرات الإحتجاجية اضحت خير سبيل لطرح ما يطمح اليه ابناء الشعب، إلا أن مما لشك فيه يمكن العثور على جماعات او تنظيمات تستغل ثورة غضب الشعب وسخونة الموقف لتمرير مآربها على ارض الواقع. وهناك بعض المؤشرات تؤكد أن السودان يمر بمثل هذه المحنة التي قد لايقتصر أوارها على السودان فحسب، بل ومن المؤكد ان لهيب نيران فتنتها ستكوي شعوب دول الجوار السوداني دون اي شك.

ومن أجل ذلك جاء تحذير الرئيس السوداني عمر البشير حيث قال إن بلاده تتعرض لمحاولات الابتزاز الاقتصادي والسياسي من الدول الكبرى، وعلى المعنيين ان يعوا ذلك.

كما أن وزير الإعلام السوداني بشارة أرور هو الآخر كشف مفاجأة جديدة، مشيرا إلى أن السلطات الأمنية، قبضت على عناصر تابعة لحركة مسلحة متمردة بجوار العاصمة الخرطوم، وبحوزتها أسلحة وذخائر، كانت تستعد لعمليات اغتيالات ونهب لمواقع تجارية أثناء الاحتجاجات.

كما ذكر موقع "السوداني نت"، المقرب من السلطات الأمنية السودانية، يوم أمس الجمعة، أن "جهاز الأمن والمخابرات، استطاع ضبط خلية إجرامية، بمنطقة "الدروشاب"، الواقعة بمدنية "الخرطوم بحري"، وهي خلية تابعة للمتمرد "عبد الواحد محمد نور"، زعيم حركة تحرير السودان المسلحة، و بحوزتها أسلحة وذخائر وعبوات مصنعة محليا وأسلحة بيضاء ومخططات معدة لاستهداف ونهب لمواقع تجارية بالخرطوم لتمويل أنشطة وأعضاء الحركة، وكانت تستعد للقيام بعمليات اغتيال شخصيات محددة من قبل، أثناء المسيرات ونهب لمواقع تجارية أثناء الاحتجاجات، خاصة وأن "أعضاء الخلية، تلقوا تدريبا نوعيا على أعمال التخريب والفوضى. ومن أجل ذلك تم تزويدهم بأسلحة خفيفة مثل "مسدسات كاتمة للصوت".

وأكد الموقع أن المواقع المستهدفة بالكسر والنهب، كان من ضمنها "برج الذهب" و"مول الواحة"، الواقعين وسط العاصمة الخرطوم، بزعم أنها أموال تابعة للشعب، حسب إفادات الخلية خلال التحقيقات الأولية.

وما تجدر الإشارة اليه ان وزير الإعلام السوداني بشارة أرور وخلال اول مؤتمر صحفي حول اسباب اندلاع الإحتجاجات المستمرة منذ أكثر من عشرة أيام، كشف عن رصد وضبط 107 منظمات وحركات مسلحة غالبتها تابعة لـ "حركة تحرير السودان المسلحة" بزعامة عبدالواحد محمد نور. حيث تسعى الحركة، لتحريض المتظاهرين، والقيام بأعمال تخريب لممتلكات الدولة والمواطنين أثناء المسيرات الإحتجاجية.

كما أكدت الشرطة السودانية وعلى لسان الناطق الرسمي بإسمها اللواء طه هاشم علي عبدالرحيم، أن قوات الشرطة تمكنت من ضبط خلية تقوم بتصنيع القنابل الحارقة وتوزعها على جميع مناطق الخرطوم، وقد عثرت الشرطة على 47 عبوة حارقة وجاهزة منها، وكمية اخرى قيد الإعداد بجانب كميات كبيرت من الزجاجات الفارغة المعدة للتعبئة شرقي النيل.

هذه المعلومات دفعت المراقبين للتأكد من وجود عناصر مندسة تريد زعزعة أمن واستقرار السودان ومحيطه لصالح اصحاب المصالح الذين ينظرون للمنطقة وثروات بلدانه بعين الريبة والطمع. وهو امر كان وراء تراجع وتيرة المسيرات الإحتجاجية خلال اليومين الماضيين واصدار بيان لتجمع المهنيين السودانيين، بأن المسيرات ستكون وفق إعلان مسبق، ومطالبها معلومة كي لايتسلل المغرضون إليها.

يبقى على فئات الشعب السوداني الإنتباه للعصابات التي تحاول التسلل الى صفوف المتظاهرين والقاء القبض على كل من يحاول الإضرار بالممتلكات العامة قبل طرح المطالبات وانتظار رد الحكومة عليها. وفي غير ذلك سيصبح السودان وثرواته الطبيعية على كف عفريت، ويمكن ان تصل اليه رياح الإرهاب التكفيري الذي لايبقي ولايذر، كما على الحكومة ان تأخذ ذلك بنظر الإعتبار وتلبية ما يتطلع اليه ابناء الشعب. والأيام بيننا.

*عبدالهادي الضيغمي