ماذا حصل للانسحاب الأميركي من سوريا؟

ماذا حصل للانسحاب الأميركي من سوريا؟
الأربعاء ٠٩ يناير ٢٠١٩ - ٠٥:٣٠ بتوقيت غرينتش

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن تضارب التصريحات حول موعد انسحاب القوات الأمريكية من سوريا وشروطه، ما يعكس وجود انقسام داخل الإدارة الأمريكية.

العالم - مقالات وتحليلات

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن القرار المفاجئ الذي اتخذه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الشهر الماضي والقاضي بسحب قواته العسكرية من الأراضي السورية قد سبب صدمة كبيرة لحلفائه ومستشاريه على حد السواء.

وقد أدى هذا القرار إلى إثارة زوبعة كبيرة داخل إدارته. كما طالت الرئيس انتقادات واسعة من قبل مستشاريه ومنتقدي سياسته الخارجية.

وعلى خلفية هذا القرار الصادم، قدّم وزير الدفاع، جيمز ماتيس، استقالته، في حين عبّر المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة عن غضبه إزاء هذا القرار وقدم هو الآخر استقالته. علاوة على ذلك، أعرب منتقدو سياسة ترامب الخارجية عن قلقهم إزاء مصير الأكراد في سوريا، حيث اعتبروا قرار الانسحاب خيانة لهؤلاء.

وأفادت الصحيفة أنه من الواضح وجود خلاف حول الموعد النهائي للانسحاب الأمريكي من سوريا، وهو ما يسلط الضوء على الشرخ بين الرئيس والمسؤولين في إدارته إزاء هذه المسألة.

وعلى ضوء هذه التجاذبات، قرر ترامب تمديد الموعد النهائي للانسحاب من 30 يوما إلى أربعة أشهر، في حين صرح مسؤولون في إدارته أن القوات ستظل في سوريا إلى حين تحقيق مهمتها في المنطقة.

وعلى خلفية هذه الضغوط المتزايدة، نشر الرئيس يوم الأحد تغريدة على حسابه على تويتر، أعلن فيها أنه لن يسحب قواته حتى يتأكد من أنه قد تم القضاء على تنظيم "داعش" تماما.

وأضافت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي أعلن خلال شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي عن نجاح القوات الأمريكية في هزيمة تنظيم الدولة على الرغم من وجود دلائل تفنّد ادعاءاته.

وفي الأثناء، أعرب كبار المسؤولين في وزارة الدفاع عن تحفظاتهم إزاء قرار الانسحاب الذي جاء في وقت لا يزال فيه عناصر تنظيم الدولة يشكلون تهديدا قويا على الرغم من تقهقر قواتهم العسكرية وتراجع نفوذهم في المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، تواصل تركيا إيلاء أهمية كبرى لمحاربة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، التي تعتبرها جزءا من مجموعة إرهابية كردية، على حساب معركتها ضد تنظيم "داعش".

وكشفت الصحيفة أن شخصيات بارزة في الإدارة الأمريكية، على غرار وزير الخارجية، مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي، جون بولتون، والمبعوث الرئاسي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، قد أكدوا أن الهدف من التواجد العسكري الأمريكي في سوريا لا يقتصر على محاربة مقاتلي التنظيم وإنما يشمل أيضا التصدي للنفوذ الإيراني في سوريا.

وفي هذا الإطار، سيقوم وزير الخارجية، وهو المدافع الأبرز عن الاستراتيجية المناهضة لإيران، بجولة في دول الشرق الأوسط في محاولة للتخفيف من مخاوف حلفائهم والتأكيد على التزام البيت الأبيض بضمان مصالحهم الأمنية، على الرغم من الغموض الذي يشوب ما سيحدث في المستقبل.

الجدير بالذكر أن بومبيو قد صرح يوم الخميس الماضي لموقع “نيوزماكس” اليميني أن الحملة لمحاربة النفوذ الإيراني ستظل مستمرة حتى في حال انسحاب القوات الأمريكية من سوريا.

وأشارت الصحيفة إلى أن بولتون أدى زيارة إلى "إسرائيل" في عطلة نهاية الأسبوع، ثم توجه إلى تركيا، حيث سيرافقه المبعوث الخاص لسوريا ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية.

وفي تصريح أدلى به للصحفيين، قال بولتون إن القوات الأمريكية لن تنسحب من سوريا حتى هزيمة المسلحين التابعين لتنظيم الدولة بشكل كامل، فضلا عن الحصول على وعد من تركيا لضمان سلامة الوحدات السورية الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة، والتي تعتبرها أنقرة جماعات “إرهابية”.

ونوهت الصحيفة بأن الحقائق الميدانية تشير إلى أن الموعد النهائي للانسحاب الأمريكي سيكون مفتوحا إلى حد ما.

ومن المرجح أن يكون الجدل الديبلوماسي القائم مع تركيا، التي توعدت بشن عملية عسكرية ضد الوحدات الكردية على حدودها الجنوبية، معقدا للغاية.

وفي ظل تقلص الخيارات المتاحة أمامهم، فتح الفصيل المسلح للقوات الكردية في سوريا باب المحادثات مع الحكومة السورية لطلب الدعم العسكري من دمشق، من أجل التصدي لهجوم تركي محتمل ضدهم.

وفي الختام، بينت الصحيفة أن المراقبين يرون في التغييرات الأخيرة التي طرأت على القرارات المتعلقة بالسياسة الخارجية إشارة على تضارب في المواقف وارتباك داخل الإدارة الأمريكية حول أجندتها في الخارج.