ما الجديد في تصريحات اردوغان الاخيرة عن سوريا؟

ما الجديد في تصريحات اردوغان الاخيرة عن سوريا؟
الجمعة ١٨ يناير ٢٠١٩ - ١٠:٠٧ بتوقيت غرينتش

فی سبتمبر الماضي خرج اجتماع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان باتفاق إدلب، الذي نص على مراحل لم يكشف عنها سوى الثلاثة الأولى: سحب السلاح الثقيل، تشكيل منطقة منزوعة السلاح، وانسحاب التنظيمات الإرهابية. ولكن المرحلة الثالثة المتعلقة بالتعهدات التركية بسحب الإرهابيين من "منزوعة السلاح" لم تتحقق، فيما اكدت دمشق أن مصير هذه المنطقة هو كغيرها "العودة إلى حضن الوطن" بـ"القوة أو المصالحة".

العالم-سوريا

وبالرغم من انتشار المجموعات الارهابية في أرياف حماة الشمالي ومدينة إدلب وريفها وريف حلب الغربي مجموعات إرهابية من تنظيم "هيئة تحرير الشام" الذي يتزعمه تنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي التي خاضت معارك طاحنة خلال الأيام الماضية وهزمت أشقاءها من التنظيمات الإرهابية وأجبرتها على الانضواء تحت رايتها وبالرغم من هذا الانتشار الا ان الجيش السوري مستمر دون كلل أو ملل في التصدي لمحاولات تسلل الإرهابيين في "المنطقة المنزوعة السلاح" موقعا في صفوفهم خسائر في الأرواح والعتاد.

وأحبطت رمايات وحدات من الجيش السوري تسلل مجموعات إرهابية من محوري اللحايا واللطامنة باتجاه المناطق الآمنة في ريف حماة الشمالي. بعدما رد الجيش، والذي أصبح بشكل يومي تقريبا، في ريف حماة الشمالي على خروق التنظيمات الإرهابية لاتفاق "المنطقة منزوعة السلاح"، وأحبطت محاولات تسللهم من محيط قرى وبلدات حصرايا واللطامنة وأبو رعيدة الشرقية وأوقعت في صفوفهم خسائر بالأفراد والعتاد.

في المقابل رغم ان الجيش السوري يواصل نضاله ضد الارهاب الا ان تركيا تحاول فرض هيمنتها على شمال سوريا رغبة منها في تحقيق "انتصارات دعائية" حيث ‏أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان مؤخرا، أنه سيتم تشكيل "منطقة آمنة" في سوريا، من قبل بلاده، لافتا إلى أنه تحدث مع الرئيس الأمريكي حول هذا الأمر.

وذكر الرئيس التركي، في كلمة له أمام الكتلة النيابية لحزب "العدالة والتنمية": "ترامب تحدث عن المنطقة الآمنة وأكد مجددا أنه سيسحب قواته من سوريا"، مضیفا: "نرحب بتبني ترامب مواقف مختلفة بشأن سوريا، لكنها لا تنعكس على أرض الواقع". لكن هذا الترحيب لم يمنع اردوغان ان يبدي حزنه على"اختلاف المواقف مع الولايات المتحدة بشأن سوريا".

وذكر الرئيس التركي أنه أجرى مكالمة هاتفية مع ترامب كانت إيجابية، مضيفا: "ترامب أكد لي مجددا قراره بسحب القوات الأمريكية من سوريا".

كما أوضح أنه توصل إلى تفاهم وصفه بـ "التاريخي" مع ترامب يشمل النواحي السياسية والاقتصادية، وذلك بعد أيام من تهديد ترامب بتدمير تركيا اقتصاديا.

التصريحات التركية لم تمررها سوريا مرور الكرام حيث رد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الايرانية على تصريحات اردوغان وقال إن "الجمهورية العربية السورية تشدد على أنها كانت وما زالت مصممة على الدفاع عن شعبها وحرمة أراضيها ضد أي شكل من أشكال العدوان والاحتلال بما فيه الاحتلال التركي للأراضي السورية بكل الوسائل والإمكانيات".

وأكد المصدر أن "محاولة المساس بوحدة سوريا لن تعتبر إلا عدوانا واضحا واحتلالا مباشرا لأراضيها ونشرا وحماية ودعما للإرهاب الدولي من قبل تركيا والذي تحاربه سوريا منذ ثماني سنوات".

وقال البيان إن تصريحات الرئيس التركي "تؤكد مرة أخرى على أن هذا النظام راعي الإرهابيين في حوارات أستانا، لا يتعامل إلا بلغة الاحتلال والعدوان ولا يمكن أن يكون إلا نظاما مارقا متهورا غير مسؤول يتصرف بشكل مستمر بما يتناقض مع أبسط مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة".

واعتبر المحلل السیاسي ناصر قنديل ان ما جاء في الاتصال هاتفي بين ترامب وأردوغان حول التفاهم على منطقة عازلة تقيمها تركيا على الحدود مع سوريا بموافقة ودعم من واشنطن، هو بدايى حملة تسويق تركية لنظرية قديمة جديدة عن عزمها إقامة منطقة أمنية عازلة. واعتبر التغيردات المتبادله بين ترامب و اردوغان الذي " راوحت من "قلت له سوريا كلها لك" إلى "إياك والمساس بالأكراد" إلى "سأدمّر الاقتصاد التركي" إلى "ندعم إقامة منطقة عازلة" لا يدلّ على خفة الرئيس الأميركي فقط، بل وعلى خفة الرئيس التركي أيضاً، وشعورهما معاً بالعجز والضعف حاجتهما لـ"البهورات" الإعلامية لصناعة قوة ليس بين يدَيْ كل منهما".

واضاف: "يريد ترامب منا أن نقتنع أنه قادر على تقديم المساندة لأردوغان لإقامة المنطقة العازلة وهو ينسحب من سوريا، بعدما لم يكن قادراً على ذلك وقواته موجودة في سوريا".

لكن يتبادر الى الذهن ما هو الموقف الروسي من المستجدات بين تركيا و امريكا بشان سوريا خاصة ان روسيا كانت الطرف الثاني مقابل تركيا في اتفاق سوتشي؟ الانتظار على الاجابة لن يكون طويلا حيث ذكر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو ستقيّم المبادرة التركية بشأن إنشاء منطقة آمنة شمال سوريا على ضوء تطورات الوضع في سوريا عموما.

وقال عميد الدبلوماسية الروسية إن الأولوية في المسار السوري تكمن في الحفاظ على وحدة واستقلال وسيادة سوريا، مشيرا إلى أن تركيا والولايات المتحدة وغيرهما من أعضاء الأمم المتحدة وافقتوا على هذا الهدف.

وتابع: "بطبيعة الحال، ستكون المصالح الأمنية لدول المنطقة بما فيها تركيا جزءا من الاتفاقات التي سنسعى إليها".

هنا يرى المحللون انه رغم ان فوات الفرصة لا يصب في مصلحة ترکيا وانها في الظروف الراهنة یتعين عليها أيضا ان لا تغض الطرف عن جبهة النصرة التي اخذت تنتعش ثانية غربي حلب، وعن تنظيم داعش، الذي راح يستجمع قواه علی خلفية افتقار الاکراد الی الدافعية لکن رغم هذا كله فيبدو ان اردوغان من خلال تصعيد تهديداته بشأن الهجوم علی شمال سوريا يقصد من جهة الی ان لا یخفض حظ مواليه في الفوز بمقاعد الانتخابات البلدية، ومن جهة اخری انه اذا ما اراد ان ينظم عملية شمال سوريا یتعين عليه ان يکتسب رضا اميرکا وروسيا علی حد سواء.کل هذا بمعنی ان اردوغان قد يضطر الی ان یتحمل اکراد سوريا حتی الثالث من مارس وموعد لقائه ببوتين. سواء اقامت تركيا المنطقة الامنة او لم تقمها لكن من المؤكد ان الجيش السوري لن يقف مكتوف الايدي امام الاحتلال باي شكل كان وسيقاومه وينتصر عليه كما قاوم الارهاب في احلك الظروف وهذا ما سيكون واضحا خلال الايام القادمة.