موجة انتقادات دولية جديدة تعصف بالسعودية

موجة انتقادات دولية جديدة تعصف بالسعودية
السبت ١٩ يناير ٢٠١٩ - ١٢:٠٠ بتوقيت غرينتش

الانتهاكات السافرة والمتكررة في مجال حقوق الانسان التي يمارسها النظام السعودي في الداخل والخارج تواجه انتقادات دولية واسعة، حيث وصف تقرير نشر مؤخرا السعودية بانها من الاكثر الانظمة انتهاكا لحقوق الانسان، وفي وقت اعلنت فيه الامم المتحدة استعدادها لتشكيل فريق تحقيق دولي، لمتابعة قضية اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، طالبت كندا بالإفراج عن المدون السعودي رائف بدوي المعتقل منذ عام 2012.

العالم- السعودية

وجه التقرير الجديد لمنظمة هيومن رايتس ووتش حول وضع حقوق الإنسان في العالم لعام 2019 انتقادات للسعودية حول انتهاكات حقوقية حيث اكدت المنظمة ان النظام السعودي من اكثر الانظمة انتهاكا لحقوق الانسان وارتكاب مجازر ترقى لجرائم حرب في عدوانه على اليمن كما قالت المنظمة ايضا في هذا التقرير ان الامارات تنفذ هجمات غير مشروعة وتسيئ معاملة محتجزين في اليمن.

وسلطت منظمة هيومن رايتس ووتش الضوء على الانتهاكات المتواصلة في كل من السعودية والامارات والبحرين، ووثقت اكثر من 90 غارة غير قانونية يرقى بعضها إلى جرائم حرب استهدفت المنازل والأسواق والمستشفيات والمدارس والمساجد في اليمن.

وقال المدير التنفيذي في المنظمة، كينيث روث، ان "اليمن يعيش أسوأ كارثة إنسانية في العالم حيث يقوم التحالف بقيادة السعودية بقصف المدنيين وحصارهم والملايين على شفا المجاعة، القادة السعوديون يواجهون مسؤولية جنائية محتملة عن جرائم الحرب التي اسفرت عن مقتل وجرح المئات الاشخاص بينهم عشرات الاطفال".

ووصف التقرير السعودية بانها من الاكثر الانظمة انتهاكا لحقوق الانسان وركز على حملة الاعتقالات التي تشنها السعودية بحق الناشطات متهمة المحققين السعوديين بتعذيب ثلاث نساء على الاقل وبتصعيد حملة القمع ضد المعارضين بطلب عقوبة الاعدام ضد بعضهم.

واضاف روث، ان "من المؤسف جدا ان يكون مقتل جمال خاشقجي هو الذي دفع لتسليط الضوء على الشر الذي تقوم به السعودية وهذه هي الحقيقة هذا الاغتيال هو ما احدث هذه الصحوة.

وانتقدت "رايتس ووتش" ايضا في تغريدات على موقع "تويتر" موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من تقارير وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية، التي تشير إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من أمر بقتل خاشقجي، قائلة: "ترامب فضل تقبّل المستبدين الأصدقاء، فبينما رفض ترامب بشكل واضح الموافقة على ما توصلت إليه وكالة المخابرات المركزية من أن ولي العهد السعودي قد أمر بقتل خاشقجي، أيد مجلس الشيوخ الأمريكي هذا الاستنتاج وصوت على إنهاء المساعدة العسكرية الأمريكية للحرب في اليمن".

وفي سياق متصل، اتهم تقرير المنظمة الامارات بتنفيذ هجمات غير مشروعة على اليمن واساءة معاملة المحتجزين في الداخل والخارج، كما انتقدت المنظمة الدولية مواصلة القضاء البحريني إدانة المعارضين السلميين وسجنهم، بمن فيهم مدافعون بارزون عن حقوق الإنسان وزعماء معارضة، بدعوى حماية الأمن القومي.

ويبدو ان الانتقادات الموجهة للسعودية لا تاتي منفردة حيث ابدى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الجمعة، إنه على استعداد لتشكيل فريق من المحققين الدوليين، بعد الحصول على تفويض من مجلس الأمن، لمتابعة قضية اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول، والتي لم تتم محاسبة مسؤوليها المباشرين بشكل قاطع حتى الآن.

وقال غوتيريش، ردًا على أسئلة الصحافيين بشأن عدم قيامه بتشكيل لجنة تحقيق دولية في مقتل خاشقجي، إنه "ليس من حقه تشكيل لجنة تحقيق"، مستدركًا بإبداء استعداده لتعيين محققين دوليين في حال تفويض مجلس الأمن له بذلك.

ولم يكن غوتيريش الوحيد الذي نبه العالم الى انتهاكات السعودية في حق معارضيها بل ان رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو هو الاخر انضم الى الركب حيث طالب ترودو، أمس الجمعة، بالإفراج عن المدون السعودي رائف بدوي المعتقل منذ عام 2012 ويؤكد على أن هذا المطلب هو “أولوية” لجميع الكنديين.

وقال رئيس الوزراء الكندي في مؤتمر صحافي إنه أثار "مباشرة" ملف بدوي مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في قمة مجموعة العشرين في أواخر نوفمبر في الأرجنتين.

وأضاف ترودو بعد اجتماع لمجلس الوزراء في شيربروك، على بعد 160 كيلومترا شرق مونتريال، أن “حل هذا الملف والإفراج عن رائف بدوي ليسا أولوية بالنسبة لي ولعائلته فحسب، بل لجميع سكان كيبيك وجميع الكنديين”.

وأشار رئيس الوزراء الكندي إلى أنه اقترح على ولي العهد السعودي أن يصدر عفوا عن البدوي.

والتقى ترودو زوجة بدوي، إنصاف حيدر التي تعيش في كندا مع أطفالها الثلاثة، وقال إنه لا يستطيع “أن يتخيل” ما تعيشه هي وأطفالها بسبب سجن المدون “منذ وقت طويل”.

وكان بدوي قد اعتقل عام 2012 بتهمة ما قالت السلطات السعودية انه الإساءة إلى الإسلام.

وحكم عليه في مايو 2014 بالسجن عشرة أعوام وبألف جلدة موزعة على 20 أسبوعا، ما استدعى ردود فعل دولية منددة.

ولم تكن كندا وحدها تؤنب السعودية بل نواب جارتها الجنوبية ايضا اتخذوا موقفا مشددا من الرياض رغم دعم رئيسهم دونالد ترامب لها حيث طرحت مجموعة من النواب الأميركان مشروع قانون جديد يطالب بوقف جميع أشكال المساعدات الأمنية الأميركية للسعودية وبيع الأسلحة للرياض فورا ردا على مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

واتهم عضو مجلس النواب الأميركي عن الحزب الديمقراطي، جيمس ماكغوفيرن، الذي قدم مشروع القانون الجديد ودعمه 20 نائبا من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، في بيان نشر على صفحته الإلكترونية الرسمية اول أمس الخميس، الحكومة السعودية بأنها "قتلت جمال خاشقجي بدم بارد".

وشدد ماكغوفيرن على أن "استخدام موقع دبلوماسي كغرفة للتعذيب ليس إهانة للمعايير الدولية فحسب بل أيضا للأخلاق الإنسانية الأساسية"، معبرا عن أسفه "لعدم اتخاذ إدارة (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب إجراءات حقيقية للدفاع عن قيمنا ومحاسبة الحكومة السعودية".

وأكد النائب الأميركي أنه "حان الوقت للولايات المتحدة أن توقف جميع مبيعات الأسلحة وتقديم المساعدات العسكرية للسعودية"، مشيرا إلى أن "قيمنا الديمقراطية على المحك هنا ويجب علينا أن نخطو خطوة إلى الأمام ونفعل الشيء الصحيح".

الرحمة المنزوعة لدى السعودية التي وجهت سهام النقد لها من منظمة "هيومن رايتس واتش" والامين العام للامم المتحدة وكندا ونواب اميركيين لم تقتصر على المعارضين والشعب اليمني الاعزل بل شملت حتى الجيش السعودي الذي يحارب اليمنيين من اجل الاطماع التوسعية لنظامه حيث أعلنت اللجنة الوطنية اليمنية لشؤون الأسرى أنها عرضت على تحالف العدوان السعودي صفقة مُستعجَلة لتبادل أسير سعودي مريض مقابل أسرى يمنيين مرضى. وأوضحت اللجنة أنها أبلغت الجانب السعودي أن الأسير موسى شوعي علي عواجي مريض جدا، ومصاب بفيروس الكبد.

وأشارت الى محاولات علاجه، إلا أن حالتَه فوق إمكانية اليمن العلاجية بسبب الحصارِ المفروض على البلاد. واضافتْ اللجنة أنها أبلغتْ الصلبيب الأحمر الدولي، وأخْلَت مسؤوليتَها الدينية والاخلاقية، وحتى الآن لم تَتلَق اللجنة أي تجاوب من الجانب السعودي.

ومن الواضح انه اذا ما كان النظام السعودي يراهن على ضعف ذاكرة المجتمع الدولي امام جرائم سلطات الرياض هو رهان اثبت فشله لان الرياض مازالت في دائرة الانتقاد الدولي والتهديد بسبب خروقاتها التواصلة في مجال حقوق الانسان.