اميركا وضرب ايران.. بين "حركة حزب الشاي" والناتو العربي (ج 2)

اميركا وضرب ايران.. بين
الثلاثاء ٢٢ يناير ٢٠١٩ - ٠٤:٣٧ بتوقيت غرينتش

كان واضحا ان مشروع اسقاط نظام الجمهورية الاسلامية في ايران من مسلمات السياسة الخارجية لادارة دونالد ترامب، تحديدا بعد انضمام مايك بومبيو ومايكل بولتون لها. لكن الرؤية التي يتبناها بولتون والمعتمدة على كثير من الصدامية والقوة والأسس التقليدية لسياسة التوسع الاميركية لم تعد على ما يبدو مستساغة لدى الاخرين من صقور الادارة.

العالم-مقالات وتحليلات

في هذا الخصوص يبرز التوجه الاميركي لوضع استراتيجية بديلة، مبنية على ذات الأسس المتمثلة بإسقاط النظام في الجمهورية الاسلامية، لكن بطرق وادوات مختلفة وعبر وكلاء هذه المرة. وهنا يأتي الحديث عما بات يعرف "بالناتو العربي" أو "الناتو المتوسطي"، والذي بدات ملامحه في أيار-مايو عام 2017 مع زيارة ترامب الى السعودية وافتتاح ما سمي بمركز مكافحة تمويل الإرهاب. وطبعا حينها لم يكن الإرهاب الحقيقي المتمثل بداعش والنصرة وغيرهما هو المقصود، بل كانت إيران والمحور الذي تتواجد فيه.

منذ ذلك الحين راهن الاميركيون على انكسار ايراني في واحد من مسارح المواجهة في المنطقة بينها وبين الولايات المتحدة وحلفائها الاقليميين، وتحديدا في سوريا او اليمن. وبطبيعة الحال أثبتت الوقائع طوال هذه الفترة ان الاوراق الايرانية في هذه النقاط بقيت قوية، ما يستدعي تفعيل الخطة البديلة او “Plan B

المرحلة الاولى كانت مع إعلان بومبيو انشاء غرفة عمليات خاصة بمواجهة إيران، ووضعه اثني عشر مطلبا قال حينها انه على ايران الاستجابة لها.

المرحلة الثانية استكملت مع اعادة فرض اجراءات الحظر الاميركية ضد ايران، والتي لا يختلف اثنان على انها اثرت على طهران واقتصادها، لكنها لم تحقق ما رسم لها من اهداف ( اجبار ايران على التفاوض حول اتفاق نووي جديد اكدت طهران مرارا انها ترفضه بشكل مطلق).

هذه المرحلة كان مقررا ان تترافق مع الخطوة الاكثر محورية بالنسبة لواشنطن، وهي تفعيل نظرية الناتو العربي او المتوسطي، خاصة وانها نضجت بالنسبة للاميركيين بفعل التقارب غير المسبوق بين دول عربية والكيان الاسرائيلي، واقتراب التطبيع العلني من مرحلته الاخيرة لاسيما بين الكيان ودول حليفة لواشنطن في المنطقة.

على اساس كل ذلك اتى اعلان القمة الدولية التي ستعقدها الولايات المتحدة في بولندا بمشاركة دول عربية والكيان الاسرائيلي، والتي قال مايك بومبيو انها ستلعب دورا مهما فيما يخص التحالف الدولي لمواجهة ايران ( والمقصود طبعا الناتو المتوسطي).

المهمة الاولى والمركزية للناتو هذا ستكون مواجهة ايران بكل الوسائل حتى وان كانت عسكرية، لكن هذه المرة ستكون عبر حلفاء الولايات المتحدة التي ستبقى بعيدة لاسباب خارجية وداخلية. وهذه المواجهة بدأ التحضير لها فعليا عبر اعلان الخروج الاميركي من سوريا، والحديث عن سحب القوات الاميركية من افغانستان (مع ما يرتبط بذلك من تفعيل لارهابيي داعش على الحدود الشرقية لايران بعد نقل ما تبقى من الارهابيين من سوريا والعراق الى هناك).

سياسة اغلاق ملفات المنطقة الحساسة ليس حبا بمصالح هذه الدول، بل لتهيئة الساحة الاقليمية للمواجهة التي يراهن عليها الاميركي كثيرا لتنفيذ خطة اسقاط النظام في ايران. والتي اذا ما حصلت فانها تنطوي على احتمالات كثيرة بان تؤدي الى خراب في المنطقة، كون واشنطن لا يهمها اذا ما ادت هذه السياسة لتدمير دول المنطقة طالما ستكون هي الرابح الاكبر من هذه الفوضى.

لكن القول الفصل في هذه المسألة يعود للميدان، وما اذا كان سينجح رهان واشنطن على حلفائها الذين فشلوا في امتحانات ابسط بكثير من الامتحان الايراني..

حسین الموسوی