سوريا... سيناريوهات التأزيم الجديدة ...

سوريا... سيناريوهات التأزيم الجديدة ...
الجمعة ٢٥ يناير ٢٠١٩ - ٠٤:٥٦ بتوقيت غرينتش

منذ بداية الشتاء بدأت الأحداث تتوالى بسرعة في سوريا وكان هناك خطة مرسومة فعلياً ضد الدولة ومؤسساتها، لأن جميع الأحداث توالت بسرعة وكانت مركبة لتخلق أزمات كثيرة لدمشق وتضع الدولة في موقع المقصر والمسؤول، ومن رسمها وضعها بحرفية عالية ولكن من يتابع المشهد السوري يرى أن جميع الأحداث هي إعادة لما وقع في السابق ولكن بطريقة متسارعة فبدلاً من أن تكون على مدى 8 سنوات باتت على مدى أسابيع.

العالم - مقالات وتحليلات

الأحداث بدأت مع خلق أزمات مركبة للدولة السورية عبر تهريب كميات كبيرة من المحروقات إلى الأردن ولبنان، ويستطيع أي شخص أن يبحث على مواقع التواصل الاجتماعي ليرى صهاريج المحروقات التي عبرت هذه المناطق على مدى الأسابيع الماضية، ومع قدوم فصل الشتاء وتهريب هذه المادة الرئيسية والمهمة وفي ظل أن الولايات المتحدة ومن معها يسيطرون على حقول مهمة للغاز والنفط في الشرق السوري، زاد الطلب على المحروقات للتدفئة، وعندما لم يتم إيجاده بسبب جميع ما سبق، لجأ المواطنون للكهرباء التي هي أيضاً تعاني بسبب أن هناك محطات قد تعرضت لتدمير كبير بسبب الإرهاب هذا من ناحية ومن ناحية أخرى بسبب الضغط العالي بعد لجوء المواطنين إليها، مما أدى لقطع الكهرباء لأوقات طويلة وأعطال في محطات التوليد، وفي الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي روجت بعض الصفحات المشبوهة لفكرة فشل بعض الوزارات في إدارة الأزمة.

هذا من ناحية ومن ناحية أخرى بدأنا نشاهد أخبار تذكرنا ببداية الأحداث أي قضية "أظافر اطفال درعا" الذين وبعد 8 سنوات من الحرب لم نعرف أسم شخص واحد منهم، ومع اشتداد البرد رأينا فجأة اعلامي سوري يروج لفكرة وفاة طفلة في مدينة حلب نتيجة البرد وعدم وجود أي وسيلة للتدفئة، ولكن بعد الاطلاع على تقرير الطبيب الشرعي وجد أن سبب وفاة الطفلة هو التهاب في قصبات الصدر والسبب بعيد كل البعد عن البرد.

عمليات التخوين والاتهام طالت جميع المسؤولين الحكوميين، في محاولة لفقدان حس الانتماء بين المواطن والمسؤول والعكس أيضا، وذلك يتم بزرع المخاوف بين الجانبين من بعضهم البعض وخلق فجوة كبيرة منهم وهي عبارة عن وهم، نحن مع النقد لهذه المؤسسات وللجميع حتى يقوم بعمله على اكمل وجه، ولكن يجب ان يكون نقد بناء وليس هدام لمؤسسات ووزارات كانت صامدة في اصعب لحظات الحرب.

قبل أيام توفي سبعة أطفال في منزلهم نتيجة ماس كهربائي بسبب أن المدفئة كانت موضوعة بالكهرباء وعندما قطعت بقيت فيها، وعندما أتت حصل الحريق، ولكن تركت قضية الأطفال وكان التوجيه مركز على الإعلام في محاولة لإظهاره بأنه فاشل وبعيد عن معاناة الأهالي، وبعد الانتهاء من الإعلام وجهت عبر هذه الصفحات أصابع الاتهام للدولة السورية بهذه الفاجعة!!! وكان السؤال ما علاقة الدولة بما حصل؟

الفاجعة بدأت عندما ترك الأب اطفاله الستة الذين هم تحت سن العاشرة في رعاية أخيهم الذي لم يتجاوز الثانية عشر، وطبعا نسي الأب أن المدفئة هي في الكهرباء اثهناء خروجه من المنزل، وعندما أتى التيار الكهربائي حصل الماس ووقع الحريق، اذا ما ذنب الدولة؟ هل على الحكومة أن تعيين موظف أمام كل منزل حتى يسحب الأجهزة الكهربائية عندما يقطع التيار مثلا؟ أليست هذه القضية هي إهمال من قبل الأسرة في الولايات المتحدة توفيت طفلة نتيجة الحرارة المرتفعة في حديقة منزلها بعد أن تركتها والدتها مع اختها، وذهبت إلى العمل، وطبعا القضاء الأميركي حكم على الأم بالسجن مع وقف التنفيذ بتهمة الإهمال.

اذاً... كيف في سوريا تحمل الدولة مسؤولية وفاة الأطفال جميع من هم تحت سنة الأربعين يتذكرون التقنين في سوريا ويتذكرون كيف كانت هناك إعلانات على شاشات التلفزات وتحذيرا من أجل سحب مقبس الكهرباء وطبعا بالإضافة إلى إغلاق جرة الغاز وغيرها من الإعلانات والتحذيرات وكان للفنان دريد لحام نصيب الأسد فيها فهو الذي كان يقدم جلها.. اذا نحن تربينا على هذا الأمر ولم يكن جديدا علينا، فلماذا الآن تحديدا تحمل الدولة السورية كل شيء؟

خلال الفترة الماضية شهدنا أيضا نقصان كبير بعدد من المواد الأساسية أهمها الغاز وحليب الأطفال، وهذا الأمر يعيدنا أيضا إلى ماحدث عام 2011 عبر قيام بعض التجار بشراء المواد الأساسية مثل الحليب والخبز والغاز و إخفائها من أجل خلق أزمة معيشية للدولة.

ما يجري الآن هو نفس الذي حصل قبل 7 أعوام ولكن بطريقة سريعة والهدف هو خلق أزمة بين الشعب المؤيد للدولة والحكومة، لذلك على الشعب أن يكون حذر من هذه المحاولات التي ستكون كثيرة وكبيرة خصوصا في الربع ساعة الاخير من الحرب على سوريا.

ابراهيم شير - كاتب واعلامي سوري