لوموند تتساءل.. هل تتولى الحشرات قريبا إطعام سكان الأرض؟

لوموند تتساءل.. هل تتولى الحشرات قريبا إطعام سكان الأرض؟
الأحد ٠٣ فبراير ٢٠١٩ - ٠٥:٣٦ بتوقيت غرينتش

تقول الكاتبة ناتالي بيكار إن العلماء في معهد الأبحاث الخاص ببيولوجيا الحشرات في مدينة تور الفرنسية يطورون تربية الحشرات، وتتساءل عن ربحية هذا العمل والمصالح البيئية وراءه، وهل سيكون هذا المورد مقبولا غذائيا لدى الناس؟

العالم - منوعات

وتضيف في مقال نشرته لها صحيفة لوموند الفرنسية، أن الطابق السفلي من المختبر الذي تتم فيه هذه العمليات، يحتوي على متاهة من الممرات التي تؤدي إلى منطقة محظورة، يكشف بابها عن غرفة صغيرة ذات مناخ استوائي.

وتشير إلى أن المئات من الذباب يتطاير داخل اثنين من أربعة أماكن لتربية الحشرات، أما في الأماكن الأخرى، فقد بدأ الذباب الذي ما زال في مرحلة اليرقات الأخيرة قبل البلوغ يكمل آخر مراحل تحوّله.

وتشير بيكار إلى طريقة جمع البيض الذي تضعه إناث الذباب، وإلى عملية وضعه في حاضنة مليئة بالغذاء، وفرزه ومتابعته حتى يبلغ مرحة البلوغ عقب تحولات عدة من طور اليرقة إلى الديدان إلى حشرة مكتملة.

تربية الذباب
وتقول الكاتبة إن هذا المشروع بدأ في 2017 مع شركة آفينيونيز بيوميمتريك التي تعمل على تحسين تربية الذباب المغذى بالمنتجات النباتية كبقايا التفاح وغبار الحبوب والحبوب المكسرة، وإنه يهدف إلى إنتاج أعلاف للحيوانات وأسمدة للزراعة.

ويعتبر هذا النوع من الذباب من الأنواع "الفعالة جدا في تحويل النفايات العضوية بصورة حيوية"، وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) المشاركة في "معمل علم الحشرات التابع لجامعة فاجننغن في هولندا.

وترى المنظمة الأممية أن زراعة الحشرات ستكون لها مساهمة بيئية في الأمن الغذائي، في مواجهة النمو السكاني وزيادة الطلب على المنتجات الحيوانية وتناقص الموارد.

مفهوم جديد
وتنسب الصحيفة إلى مدير معهد أبحاث علوم الأحياء والحشرات بمدينة تور ديفد جيرون القول "نحن نضع خبرتنا على الحشرات في خدمة قضية اجتماعية"، وهي موضوع بحث جديد لمختبر علم الحشرات الفرنسي، يدرس الظروف المثالية للإضاءة ودرجة الحرارة والرطوبة المناسبة للتربية، كما يدرس كثافة الحشرات التي تضمن الاستنساخ الأمثل والطعام الأفضل.

وتقول الصحيفة إن هذه الدراسات تستهدف مفهوما جديدا -إذا استثنينا بعض التقاليد في تربية الحشرات في تايلند وفيتنام- لأن استهلاك الحشرات كان يعتمد على أخذها من الحياة البرية.

وتنسب الصحيفة إلى فريديريك ماريون بول أستاذ الأبحاث في غرو باريتيك "كرّست مسيرتي المهنية لتعليم كيفية قتل الحشرات، أما من الآن فصاعدا فسأتعلم كيف أربيها".

وتتساءل لوموند: هل سينتشر أكل الحشرات في جميع أنحاء العالم؟ مشيرة إلى أن ملياري شخص يتغذون بالفعل على الحشرات، خاصة في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، وذلك ووفقا لمنظمة الفاو.

قيمة غذائية
وتتراوح أنواع الديدان الأرضية ذات الأرجل الستة بين 6 و10 ملايين نوع، بما في ذلك مليون نوع موصوف و2100 نوع صالح للأكل، حددها خبير التصنيف يدي جونغما في جامعة فاجننغن.

وقد أثنت منظمة الأمم المتحدة على فوائد الحشرات الغذائية من حيث جودة البروتين (من 13% إلى 77% من المواد الجافة)، مما يعني أنها تنافس اللحوم والأسماك.

وترى الكاتبة أن الحديث عن الحشرات يؤدي إلى الخلط بين أشياء لا علاقة بينها، إذ هي متباينة حسب النوع ومرحلة التطور والمحيط، وهي أمور تؤثر في تكوينها، مضيفة أن مدير الأبحاث في المعهد القومي جان ميشيل شارديجني يقول إن "الكلام عن الحشرات كوضع القمح والدوم في إناء واحد، إنها مفهوم واسع للغاية على تحليل القيم الغذائية".

وتقول منظمة الأغذية والزراعة إن العديد من الحشرات الصالحة للأكل توفر "كميات كافية من الطاقة والبروتين وتلبي الاحتياجات البشرية من الأحماض الأمينية، كما أنها غنية بالأحماض الدهنية الأحادية وغير المشبعة وبالمغذيات الدقيقة".

محاربة الجوع
وخلصت دراسة قام بها باحثون بريطانيون ويابانيون عام 2016، حللوا خلالها قيم الطعام في ثلاثة أنواع من اللحوم (لحم البقر والخنزير والدجاج) وست حشرات صالحة للأكل كالجراد ويرقات الفراشة ودودة الدقيق وذلك من أجل تصحيح اختلالات الغذاء لدى السكان الغربيين، إلى أنه من الأفضل أكل الدجاج لأنه أقل غنى بالطاقة والصوديوم والدهون المشبعة.

وقالت الكاتبة إن عدم رغبة الأوروبيين في وضع الحشرات على قائمة غذائهم أمر يعود لأسباب ثقافية، لأن الحشرات غالبا ما تكون مثارا للخوف والاشمئزاز، "نحن نعدها قذرة وحاملة للأمراض وآفة على الحقول وطعاما للشعوب الفقيرة"، كما يقول رودي كاباروس وهو محاضر في علم الحشرات.

وتضيف الصحيفة أنه وفقا لكثير من الخبراء، فإن القبول بالحشرات سوف يمر من خلال بعض التركيبات حيث لا يمكن التعرف عليها في الغذاء، مثل الطحين على سبيل المثال، كما هي الحال بالفعل في سويسرا، حيث تبيع شركة "إسانتو" منذ 2017 شرائح لحم مصنوعة من الدقيق والأرز والديدان النباتية في ستين متجرا ومطعما.

حشرات وشهية
وتضيف الكاتبة أنه مع أن الحشرات قد لا تكون مثيرة للشهية، فإنها على الأقل ستكون جيدة للكوكب، وذلك لأنها قادرة من الناحية الكمية على توفير الغذاء اللازم، كما أن إنتاجها أقل كلفة وأقل انبعاثا واستهلاكا للأرض من إنتاج الحليب والدجاج ولحم الخنزير أو لحم البقر.

وتشير إلى أن بعض الخبراء ينصحون باستخدام الحشرات لتغذية الحيوانات بدل تغذيتها بدقيق السمك، مبررين ذلك بأن إنتاج دقيق من خنفساء الطحين مثلا يستهلك موارد بيولوجية أقل ويساهم في مواجهة نضوب المخزون السمكي الناجم عن الإفراط في الصيد.

وتحاول شركة ينسيكت إنشاء أول مصنع لها العام الجاري بالقرب من آميان، معتبرة أن الانتقال من المختبر إلى المستوى الصناعي هو التحدي الأهم، وهي لذلك تستهدف إنتاج آلاف الأطنان سنويا بأسعار معقولة لدمج سلاسل الأغذية الزراعية.