في ظل نجاحه مطاردة فلول "داعش"..

هل تسمح الظروف بإستعادة العراق دوره الإقليمي والدولي؟

هل تسمح الظروف بإستعادة العراق دوره الإقليمي والدولي؟
السبت ٠٩ فبراير ٢٠١٩ - ٠٨:٥٦ بتوقيت غرينتش

الجهود والنجاحات التي بذلتها مختلف الفصائل العراقية في القضاء على التنظيمات التكفيرية-الإرهابية، يقف العراق اليوم مسيطرا على معظم اراضيه التي إحتلت أجزاء كثيرة منها جماعة داعش الإرهابية والجماعات التي كانت تشكل لها حواضن في المدن والقرى العراقية القريبة من الحدود التركية والسورية والأردنية.

العالم- تقارير

فبعد أن أعلن العراق، في ديسمبر/كانون الأول 2017، تحرير كامل أراضيه من سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي، شهدت معظم المدن العراقية المتاخمة للحدود السورية والاردنية هجمات ارهابية، تمكنت القوات العراقية من إحباط الكثير من تلك العمليات والحؤول دون وقوع خسائر بين ابناء الشعب العراقي، والقاء القبض على العديد من الإرهابيين الداخلين على العراق من مختلف الجنسيات العربية والغربية. ما حمل نواب البرلمان العراقي بتقديم مشروع يقضي بإعادة النظر في قضية إستمرار التواجد العسكري لبعض الدول الغربية على ارض العراق بعد إستعاد معظم أراضية من الجماعات الإرهابية التي كانت جاثمة عليها منذ منتصف العام 2015، ما حمل الدول الغربية للتسارع في إستئناف علاقاتها مع العراق، كي تبقي حصة لها من كعكة إعادة إعمار العراق في الفترة القادمة.

وما ان شهدت الدول الغربية سيطرة العراق على الساحة وطرده للجماعات الإرهابية من ارضه، حتى راحت تتخلى عن شبابها الذين تم إغواؤهم من قبل الجماعات الإرهابية لينخرطوا في صفوفها وباتوا يقاتلون الى جانبها في سوريا والعراق وباقي الدول الإقليمية التي تعيث بها الجماعات الإرهابية قتلا وتدميرا وإفسادا.

ومن بين الدول الغربية التي تخلت عن مواطنيها الذين التحقوا بجماعة داعش الإرهابية، فرنسا التی تعتبر حليفا تقلیدیا للعراق، حيث شهدت العلاقات الفرنسية العراقية في الآونة الأخيرة تطورات ملحوظة تجسدت في تبادل الزيارات بين كبار مسؤولي البلدين، والتطرق لإستئناف العلاقات الثنائية وتوثيق التعاون الشامل للبلدين.

ومن بين الزيارات التي تمت بين البلدين خلال الأيام الأخيرة، كانت زيارة وزيرة الدفاع الفرنسية "فلورانس بارلي" للعراق جديرة بالإهتمام، حيث التقت خلالها الرئيس العراقي برهم صالح، إضافة إلى الإجتماع بنظيرها العراقي، إلى أن اسفرت لقاءاتها عن توقيع إتفاق يقضي بدعم فرنسا للموقف العراقي في وكالة السلامة الأوروبية للطيران "إياسا" لتمهد الأرضية لرفع الحظر عن شركة الخطوط الجوية العراقية الى الدول الأوروبية.

كما سبقت زيارة بارلي لبغداد بثلاثة أسابيع زيارة وزير الخارجية الفرنسي "جان إيف لو دريان"، في إطار تعزيز التعاون والشراكة بين البلدين، وتوثيق العلاقات الثنائية بما فيها استمرار حضور القوات الفرنسية في العراق، عسى ان لا يشمل قواتها المتواجدة في العراق، مشروع إعادة النظر في إستمرار حضور القوات الأجنبية في العراق الذي يعتزم البرلمان دراسته في الأيام القادمة.

ولم يكتف العراق بالزيارات التي يقوم بها الساسة الغربيون لبغداد بل إنه قام بإيفاد كبار مسؤوليه وفي مقدمتهم وزير خارجيته محمد علي الحكيم ليشارك في الملتقيات والإجتماعات الدولية، ويؤكد عزم العراق على تبني خيار الحوار لحلحلة الأزمات وإعتماد فكرة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى.

وفي هذا الإطار جاءت زيارة وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم لواشنطن ليحضر الإجتماع الوزاري لدول التحالف الدولي لهزيمة داعش، ويؤكد "إن العراق أصبح بيئة آمنة للاستثمار، وأنه يتجه لتعزيز الاستثمار، وتقديم التسهيلات للشركات، ورجال الأعمال، خاصة في مجال البنى التحتية في المدن المحررة من قبضة الإرهاب".

ويرى المراقبون أن هذه النشاطات التي تشهدها الساحة العراقية في الوقت الراهن، يمكن مشاهدة آثارها على المديين القريب والبعيد.

فعلى صعيد المدى القريب، باتت كل مساعي الدول الداعمة للإرهاب وعلى رأسها امريكا وعميلاتها الإقليميات التي ساعدت وساندت الجماعات الإرهابية لضرب أمن واستقرار دول المنطقة، على فوهة بركان قد ينفجر عليها قبل غيرها.

فلم يكن الوضع بالنسبة لتنظيم داعش الإرهابي الذي لم تفلح أمريكا في نقل معظم قادته من سوريا والعراق الى افغانستان واليمن وشمال افريقيا مرعبا فقط، بل ان الدول التي كانت تعاني من كيد هذه الجماعات باتت مكوناتها وفصائلها تتطلع لتوحيد الصف، والعمل على طرد الجماعات المسلحة الدخيلة عليها.

فتلك سوريا التي إعتمدت معظم فصائلها الحوار في مشروع أستانا الذي يمهد لإستمرار المحادثات السورية السورية في جنيف، وها هو العراق الذي يخوض بكل فصائله حربا شرسة على الجماعات الإرهابية ويكاد يتخلص من كل فلولها، وهو يعلن بين الحين والآخر السيطرة على منطقة من المناطق التي كانت تحتلها تلك الجماعات الدخيلة عليه.

وصولا الى اليمن الذي يواصل محادثات السويد، على متن السفينة الاممية في ميناء الحديدة وفي العاصمة الاردنية عمان ايضا، ليغلق الطريق على المعتدين الذين احتلوا مناطق من جنوب غربه عبر زج الجماعات التكفيرية الإرهابية العملية لهم فيها.

يبقى ان تحدد الدول الغربية الأخرى موقفها من الجماعات التكفيرية الإرهابية قبل أن يفوت الأوان ولاتبقى بإنتظار ما تمليه عليها الولايات المتحدة الأمريكية فيما يخص التعامل مع دول غرب آسيا وفي غير ذلك ستبقى خارج إطار عمليات إعادة الإعمار وبناء هذه الدول التي مما لاشك فيه ستستعين بالكثير من الدول الصديقة لها في إعادة ترميم مدنها وبناها التحتية التي دمرتها الجماعات الإرهابية والايام بيننا.

*عبدالهادي الضيغمي / العالم