العراق.. وتحديات ما بعد الانسحاب الامريكي من سوريا

العراق.. وتحديات ما بعد الانسحاب الامريكي من سوريا
الأحد ١٠ فبراير ٢٠١٩ - ٠٦:٠٣ بتوقيت غرينتش

يعتبر التواجد الامريكي في العراق من المعادلات القلقة على الشارع العراقي. وفيما يطالب معظم العراقيين بينهم مسؤولون كبار بضرورة إنهاء هذا التواجد، يعتبر موقف الكتل والاحزاب السياسية هو العامل المهم في حسم هذه المعضلة، خاصة بعد ان صرح الرئيس الامريكي دونالد ترامب بأن قوات بلاده باقية في العراق بحجة "مراقبة" ايران.

العالم - تقارير

شن زعيم تحالف "الفتح" في العراق هادي العامري، هجوما حادا على التواجد الأمريكي في العراق، قائلا "قطعا لن نسمح بأي تواجد بري أو قواعد جوية أمريكية بالعراق وسنقرر بالبرلمان ذلك، لكن لا نمانع إذا بقي عدد من المستشارين لأغراض التدريب، وهذا تقرره الحكومة العراقية".

وقال العامري في كلمة له خلال المؤتمر التنظيمي لمنظمة بدر فرع ديالى اليوم 10 شباط 2019 إن "القوات الأمريكية أجبن من أن تقوم بتحركات في المدن العراقية، وكل ما يرد بهذا الخصوص عبارة عن أكاذيب وشائعات".

وكان التحالفان الأكبر في البرلمان العراقي "الفتح" بزعامة العامري و"سائرون" المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قد خرجا برد مشترك على تصريحات الرئيس الأمريكي بشأن إبقاء قوات بلاده في العراق لما أسماه مراقبة إيران.

وقال العامري خلال الاجتماع المشترك، إن "أمامنا تحديات لا بد من تجاوزها أهمها التواجد الأمريكي"، مشددا على أن "العراق لن يكون منطلقا لتهديد دول الجوار بما فيها ايران، وأن الدستور يرفض التواجد الأجنبي".

وبدأ تحالف "سائرون" في جمع تواقيع النواب لتمرير قانون ينهي الوجود الامريكي في العراق، ويرى التحالفان "الفتح" و"سائرون" وتتفق معهما قوى أخرى أن التواجد الأمريكي في العراق لم يعد ضروريا بعد هزيمة تنظيم "داعش" الإرهابي على ايدي قوات الحشد الشعبي والقوات المسلحة العراقية.

وبعد إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في 19 ديسمبر 2018، قراره بسحب قوات بلاده من سوريا، حذر تحالف البناء في البرلمان العراقي من خطورة دخول القوات الأمريكية من سوريا إلى العراق، واصفا دخول قوات أمريكية من الأراضي السورية إلى العراق بالأمر الخطير جدا. واكد أن "مجلس النواب العراقي ماض في إقرار قانون إخراج القوات الأجنبية بأقرب وقت ممكن".

وكان مصدر عسكري عراقي كشف في تصريح اعلامي أن مجموعة مؤشرات رصدها الجانب العراقي، أوصلت الحكومة إلى قناعة بأن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا سيكون باتجاه الأراضي العراقية.

وفي الثالث من الشهر الجاري، ذكر ترامب في مقابلة مع شبكة "سي بي أس" الامريكية أنه يخطط لإبقاء القوات الأمريكية في العراق بحيث تكون قادرة على الرد بشكل سريع على أية احداث في المنطقة وكذلك لمراقبة إيران، حسب زعمه.

هذا التصريح قابله رد فعل رافض من قبل عدد من القيادين والسياسيين العراقيين وعلى رأسهم رئيس الجمهورية برهم صالح الذي أكد رفض العراق ان يكون طرفاً في أي محور او أي صراع بين الدول، كما رفض رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي تصريحات ترامب وطلب من الولايات المتحدة إعادة النظر في هذه التعليقات المثيرة للجدل، والتي أكد بأنها تصريحات تؤدي الى "زعزعة للاستقرار".

كما علق رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي خلال مؤتمر صحفي على التصريحات الأمريكية قائلا "ان العراق بلد يمتلك صداقات مع الجميع" وهو ما فسره بعض المحللين بأنه رفض دبلوماسي لتصريحات ترامب الاخيرة.

وفيما أكد النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي، حسن الكعبي، رفضه لتصريحات ترامب بشأن الإبقاء على قاعدة عسكرية في العراق، قال رئيس البرلمان محمد الحلبوسي في تصريحات، إن البرلمان "سيعمل وبالتنسيق مع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لمعرفة الحاجة الفعلية بشأن القوات الأجنبية".

ويأتي هذا الجدل بين القيادات العراقية في وقت بدأ الحديث يجري في الشارع العراقي عن تحركات للقوات الأمريكية في مناطق مختلفة من العراق بينما لا تزال الحكومة تلتزم الصمت حيال الحراك السياسي والبرلماني بهذا الشأن.

وكان المرجع الديني آية الله علي السيستاني دعا الأسبوع الماضي خلال استقباله ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق إلى أن "العراق يطمح إلى أن تكون له علاقات طيبة ومتوازنة مع جميع دول الجوار وسائر الحكومات المحبة للسلام على أساس المصالح المشتركة من دون التدخل في شؤونه الداخلية أو المساس بسيادته واستقلاله، كما أنه يرفض أن يكون محطة لتوجيه الأذى لأي بلد آخر".

هذا واعتبرت المقاومة الإسلامية كتائب حزب الله، تصريحات ترامب بشأن بقاء القوات الأمريكية في العراق إعلانا صريحا لاحتلال البلاد ومرحلة جديدة من المواجهة، كما انتقد رئيس تيار الحكمة السيد عمار الحكيم تصريحات ترامب وذلك اثناء لقاء جمعه بالمساعد الخاص لرئيس البرلمان الإيراني حسين امير عبداللهيان.

بدوره أعلن عضو البرلمان العراقي ساركوت شمس الدين أنه سيتم عقد اجتماع بين البرلمان والحكومة وكبار المسؤولين لمناقشة وجود القوات الأمريكية في العراق والتصريحات الأخيرة للمسؤولين الأمريكيين بشأن استخدام الأراضي العراقية لمراقبة إيران، وتحدث مسؤولون عراقيون حول وجود بند، في اتفاقية الإطار الاستراتيجي الذي تم توقيعها بين الولايات المتحدة والحكومة العراقية عام 2008، يحظر استخدام الأراضي والأجواء والمياه العراقية لمهاجمة أي بلد آخر.

ويرى مراقبون أن القوات الامريكية قد بدأت بالفعل بإعادة الانتشار في العراق تحقيقا لما يصبو اليه رئيس الولايات المتحدة، وان الوجود الامريكي بات اكثر وضوحا في عدد من المناطق العراقية بعد القرار الامريكي بالانسحاب من سوريا ونية واشنطن إعادة نشر قواتها في قواعد عسكرية في العراق.

وكان مسؤول ومصدر عسكري عراقي في محافظة الأنبار غرب العراق قد أفاد لوكالة "الأناضول" التركية، بوصول تعزيزات عسكرية أمريكية إلى منطقة التنف العراقية على الحدود مع سوريا.

وقال المسؤول العراقي، إن تعزيزات أمريكية مكونة من آليات عسكرية من نوع "همر" ومدافع وأسلحة ثقيلة أخرى وصلت إلى منطقة التنف 490 كم غرب مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار".

وأضاف المسؤول، مفضلا عدم ذكر اسمه، أن "الهدف من تلك التعزيزات، تأمين الحدود العراقية مع سوريا، بالتزامن مع العمليات العسكرية التي انطلقت بالجانب السوري لتحرير آخر معاقل داعش بمحافظة دير الزور".

بدوره، أكد ضابط في الجيش العراقي برتبة مقدم وطلب عدم ذكر اسمه، صحة هذه المعلومات، مبينا: "تلك التعزيزات الأمريكية جاءت من قاعدة عين الأسد في ناحية البغدادي 90 كم غرب الرمادي، واستخدمت الطريق الدولي السريع لمرورها وصولا إلى منطقة التنف".

وأوضح أن القوات الأمريكية تتخذ في محافظة الأنبار الحدودية مع سوريا عدة قواعد لها، ومنها قاعدة الحبانية 30 كم شرق الرمادي، والأسد 90 كم غرب الرمادي، إضافة الى موقعين في القائم وموقع شرقي مدينة الرطبة.

وكان القيادي في المحور الغربي للحشد الشعبي محمود مرضي، قد أكد الأربعاء الماضي، أن فصائل الحشد الشعبي ستستهدف القواعد والمصالح الأمريكية في محافظة الانبار والمحافظات الأخرى في حال أعلنت واشنطن تواجد قواتها في العراق كاحتلال. لافتا إلى إن "الحشد الشعبي أصبح قوة كبيرة ومهمة ولا يمكن الاستهانة بها وقادرة على اتخاذ قرارات جريئة تجاه إي تواجد أجنبي يصنف كمحتل".

وأضاف أن "عدم قيام الحشد الشعبي بعمليات استهداف للقواعد الأمريكية المنتشرة في البلاد حتى الآن، لامتثاله لأوامر القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي"، مبينا أن "الحكومة الاتحادية تعد المسؤول الأول عن تواجد القوات الأمريكية القتالية في الانبار والمحافظات الأخرى وملزمة ببيان أسباب التواجد الأمريكي وأعداد القوات المتواجدة في عموم العراق".

الى ذلك كشف قائد المحور الغربي للحشد الشعبي قاسم مصلح، عن نشر القوات الأمريكية طائرات قتالية ونقل في قواعدها العسكرية في الحدود السورية العراقية، مشيرا الى ان الجيش الأمريكي لديه أربع قواعد قرب الحدود.

وفي نفس السياق اتهم عضو مجلس محافظة الأنبار قصي الأنباري، القوات الأمريكية المتواجدة في المحافظة بتأمين ممرات آمنة لتنظيم "داعش" الإجرامي، مؤكدا ان التواجد الأمريكي بدأ يزداد داخل قاعدتي عين الأسد والرمانة.

وفي هذا السياق كشفت مصادر مطلعة بأن اتفاقا جرى بين كل من "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، والتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن وتنظيم "داعش" الإرهابي، يقضي بخروج التنظيم التكفيري من آخر مناطقه في شرق الفرات شمال سوريا.

وذكرت المصادر، أن تنظيم "داعش" بدأ بإحصاء عدد مسلحيه والتجهيز للخروج من شرق الفرات، مشيرة إلى أن وجهة "داعش" التكفيري ما زالت غامضة "ولكن من المرجح أن مسلحيه سينقلون إلى صحراء الأنبار أو بادية التنف" غرب العراق.

وتحدثت من جهتها ما يسمي "تنسيقات المسلحين" في سوريا ان واشنطن تحاول من خلال هذا الاتفاق إبقاء العناصر المتبقية من "داعش" في سوريا ونقلها الى الانبار من خلال تامين الحدود المشتركة بين العراق وسوريا لهم.

من جانب آخر تستعد القوات العراقية لشن هجوم كبير على فلول تنظيم "داعش" الارهابي في المناطق الحدودية ما بين خمس محافظات عراقية، بحسب ماكشفه أحمد الجبوري، محافظ صلاح الدين السابق ورئيس تحالف المحور الوطني في البرلمان.

وتأتي الاستعدادات للعملية العسكرية بعدما أعدم تنظيم "داعش" ثلاث أشقاء شمال محافظة صلاح الدين، إضافة إلى خروقات أمنية متفرقة أخرى، راح ضحيتها أطفال ونساء.

ومن المتوقع أن تشمل رقعة العملية العسكرية المرتقبة جبال مكحول شمالي محافظة صلاح الدين وجبال حمرين جنوب غرب محافظة كركوك بالإضافة إلى حويجة كنعوص ما بين محافظتي نينوى وصلاح الدين لضرب قدرة "داعش" على نصب الكمائن التي تحصد أرواح المدنيين العراقيين.