لماذا ألغى نتنياهو فجأة زيارته إلى موسكو؟

لماذا ألغى نتنياهو فجأة زيارته إلى موسكو؟
الأربعاء ٢٠ فبراير ٢٠١٩ - ٠٧:٢٧ بتوقيت غرينتش

إذا صحت الأنباء التي ترددت في أوساط إعلامية إسرائيلية متعددة، مكتوبة ومرئية، حول إلغاء بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء، زيارته آلى موسكو المقررة غدا الخميس، وهي تبدو صحيحة.

العالم - اسيا والباسفيك

فإن هذا الإلغاء لا بد أن يكون قد جاء نتيجة لوجود مؤشرات عن احتمالات فشل هذه الزيارة، ولغياب أي تجاوب روسي مع مطالب نتنياهو في إطلاق يد طائراته وصواريخه في قصف العمق السوري دون عوائق.

ما يدفعنا إلى التكهن بهذا الاحتمال عدة أسباب، الأول: أن نتنياهو ظل طوال الأشهر الثلاثة الماضية “يستجدي” القيام بهذه الزيارة للقاء الرئيس فلاديمير بوتين، الذي تجنب هذا اللقاء أكثر من مرة، كان آخرها في قمة العشرين الاقتصادية في الأرجنتين، والثاني أن الأعذار التي جرى طرحها، وهي التفرغ للعمل لتوحيد الأحزاب اليمينية المتشددة لا تبدو منطقية، فهذه المسألة لا نعتقد أنها ستتأثر إذا غاب نتنياهو 24 ساعة عن الساحة الداخلية الإسرائيلية، وغادر إلى موسكو.

ربما هناك من يجادل بأن يوم الخميس هو آخر موعد لتقديم أسماء التكتلات السياسية والحزبية التي ستخوض الانتخابات العامة للكنيست في شهر نيسان (إبريل) المقبل، ولكنه يستطيع، أي نتنياهو، إنجاز هذا “التوحيد” للأحزاب اليمينية المتطرفة طوال ليل الأربعاء وصباح الخميس، أو هكذا يقول المنطق.

نعود إلى السبب الحقيقي وراء إلغاء هذه الزيارة أو تأجيلها، وهو احتمال عدم تجاوب القيادة الروسية في إطلاق يد نتنياهو وطائراته في سورية، وعدم إعطاء الضوء الأخضر للجيش العربي السوري باستخدام صواريخ “إس 300” المتطورة للتصدي للطائرات والصواريخ الإسرائيلية فور انطلاقها للقيام بأعمال القصف هذه، سواء وهي في أجواء فلسطين المحتلة، أو في الأجواء اللبنانية، مثلما جرت العادة في الغارات الأخيرة، فمدى هذه الصواريخ يصل إلى حوالي 250 كيلومترا على الأقل.

الرئيس فلاديمير بوتين الذي نجح في التوصل إلى تفاهمات استراتيجية مع حلفائه الأتراك والإيرانيين أثناء قمة سوتشي الخميس الماضي، من بينها إحياء “اتفاق أضنة”، وحسم الوضع نهائيا في منطقة إدلب، ورسم هياكل اللجنة الدستورية والحل السياسي في سورية، ومنع إقامة “دويلة” في شرق الفرات بدعم أمريكي، واستعادة الدولة السورية لسيادتها على جميع أراضيها، لا يمكن أن يقبل بتخريب جميع هذه الإنجازات، ويسمح للطائرات الإسرائيلية بقصف سورية مجددا، مثلما كان عليه الحال طوال السنوات السبع الماضية.

النقطة الأخرى التي لا يمكن تجاهلها في هذا الإطار، هي تلك التي تحدث عنها السيد حسن نصر الله، أمين عام “حزب الله” في مقابلته الأخيرة مع قناة “الميادين”، وكررها أكثر من مسؤول إيراني كبير، وأكد من خلالها بأن هناك قرارا سوريا إيرانيا جرى اتخاذه بالرد الانتقامي على أي غارات إسرائيلية تستهدف أهدافا سورية أو إيرانية في العمق السوري، وقد يأتي هذا الرد بقصف أهداف إسرائيلية.

وزارة الدفاع الروسية سربت إلى صحف شبه رسمية في موسكو، تقول بأن تدريبات الجيش العربي السوري، ووحدات دفاعه الجوية على كيفية استخدام الصواريخ “إس 300” على أيدي خبراء روس تكتمل في شهر آذار (مارس) المقبل، ولهذا سارع نتنياهو بطلب زيارة العاصمة الروسية قبل هذا التاريخ.

إلغاء هذه الزيارة، أو تأجيلها، ربما يجبر نتنياهو على اتخاذ كل إجراءات الحيطة والحذر، وعدم الإقدام على أي هجوم استفزازي سواء على الجبهة الشمالية (سورية ولبنان)، أو الجنوبية (قطاع غزة)، تجنبا لأي انعكاسات سلبية على الانتخابات التشريعية الإسرائيلية، اللهم إلا إذا أراد خلط الأوراق، وتخريب هذه الانتخابات لشعوره باستحالة الفوز فيها، أو أن قرارا من النائب العام الإسرائيلي بتقديمه إلى المحاكمة بتهمة الفساد بات وشيكا وفي غضون أيام أو أسابيع معدودة.. والله أعلم.

* رأي اليوم