هل تبعد 'المنطقة العازلة' تركيا عن محور 'سوتشي'

هل تبعد 'المنطقة العازلة' تركيا عن محور 'سوتشي'
الأحد ٢٤ فبراير ٢٠١٩ - ٠٩:٢٨ بتوقيت غرينتش

قضية المنطقة العازلة على الحدود السورية التركية اصبحت من اهم القضايا الشائكة التي تواجهها الازمة السورية.

العالم - تقارير

وآخر التطورات بخصوص هذه القضية هو ما اعلنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي قال ان الشرطة العسكرية الروسية قد تشارك في إنشاء منطقة عازلة على الحدود بين سوريا وتركيا، مشيرا إلى أن مناقشة تفاصيل هذه المنطقة لا تزال مستمرة.

وقال لافروف في مقابلة مع "التلفزيون الفيتنامي" وتلفزيون الصين المركزي، و"فينيكس" قبيل زيارته للصين وفيتنام: "دار الحديث عن إنشاء منطقة عازلة على أساس الاتفاق الذي وقعته تركيا وسوريا عام 1998.

وينحصر الاتفاق في ضرورة التعاون بين الطرفين في إزالة التهديدات الإرهابية على الحدود المشتركة، بما في ذلك السماح لتركيا للقيام بأعمالها في بعض الإجزاء من الحدود في الأراضي السورية".

روسيا مستعدة للتعاون في تحقيق المنطقة العازلة

واشار لافروف الى ان بلاده تملك خبرة في مجال الاتفاقات البرية حول وقف إطلاق النار ومراعاة الإجراءات الأمنية وإنشاء مناطق خفض التصعيد والتي جرت عادة بمشاركة الشرطة العسكرية الروسية وهناك احتمال لذلك فيما يخص المنطقة العازلة المذكورة.

ويبدو ان الامر لم يحسم بعد وان القضية هي قيد الدراسة مشيرا الى أن "العسكريين يقومون بإنهاء تنسيق التفاصيل، مع الأخذ بعين الاعتبار موقف دمشق وتركيا".

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد اعلن يوم امس السبت في مقابلة مع شبكة "سي إن إن ترك" إن أي منطقة آمنة ستقام على حدود بلاده لا بد أن تكون تحت سيطرة أنقرة.

وأضاف الرئيس التركي أنه أجرى مباحثات هاتفية إيجابية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول الشأن السوري، مؤكدا أن العلاقات مع ترامب بشأن سوريا جيدة وأن هذا يسهل حل الكثير من المشاكل.

اردوغان يعيد التنسيق مع الاميركان

وتابع قائلا إنه تلقى دعوة من ترامب لزيارة واشنطن، كما أنه وجه دعوة مماثلة للرئيس الأميركي لزيارة تركيا.

وجاءت تصريحات أردوغان بعد إعلان مسؤول بالإدارة الأميركية يوم الجمعة أن واشنطن ستبقي على نحو 200 فرد من قواتها في سوريا، في تراجع من جانب الرئيس دونالد ترامب قد يمهد الطريق أمام حلفاء الولايات المتحدة للإبقاء على قوات هناك.

محللون اعتبروا التصريحات الاخيرة لاردوغان هي استدارة غير مناسبة نحو البيت الابيض بعدما لحظ العالم التنسيق العالي من جانب تركيا مع روسيا وايران بخصوص الشأن السوري.

وقال الكاتب والاعلامي عبد الباري عطوان "لا نعرف حتى كتابة هذه السطور موقف كل من الروس والإيرانيين، شركاء الرئيس اردوغان في قمة سوتشي الثلاثية، عن هذه التطورات المفاجئة، وابرزها عودته للتنسيق مجددا مع الاميركان في ملف شمال شرق سوريا، وبما يتعارض مع الاتفاقات التي تم التوصل اليها، وابرزها انهاء سيطرة "هيئة تحرير الشام" (النصرة)، على ادلب، وعودة التنسيق الأمني السوري التركي باحياء "اتفاق اضنة"، والقضاء على جميع "الحركات الإرهابية" كردية كانت او عربية او اجنبية.

ويضيف عطوان تأكيده "ما نعرفه ان الرئيس فلاديمير بوتين الذي تعارض بلاده قيام المنطقة العازلة في شمال سوريا، ويشدد على حتمية عودتها بالكامل الى سيادة الدولة الام، هو الذي اقترح احياء "اتفاق اضنة" في القمة الثنائية التي جمعته مع اردوغان في سوتشي، ووحد هذا الطرح موافقة الرئيس اردوغان الذي بدأ التمهيد لتطبيقه بالحديث عن وجود اتصالات رسمية بين أجهزة المخابرات التركية والسورية، فلماذا تغير الموقف التركي فجأة، وكيف سيكون الرد الروسي على هذا التغيير؟"

واستخلص عطوان "ان الرئيس اردوغان لا يريد احياء اتفاق اضنة لانه يكن كراهية شخصية للرئيس الأسد، ولان التطبيق يعني التنسيق، وإعادة العلاقات، وهذا ما يفسر عودته الى الحليف الأميركي وارساله وزير دفاعه خلوصي اكار الى واشنطن واتصاله بالرئيس ترامب، الامر الذي ينطوي على مخاطرة كبيرة ربما تعكس نتائج عكسية، ابرزها تعثر طموحاته (اردوغان) في إعادة 3.5 مليون لاجئ سوري وتوطينهم في المنطقة العازلة، لان هذه الخطوة لن تحظى بموافقة الاكراد الذين سيصبحون في موقف اقوى بعد قرار بقاء قوات أميركية ممكن ان تتعزز بأخرى أوروبية لحمايته".

كما اعتبر عطوان "الهجوم الشرس وغير المسبوق الذي شنه الرئيس السوري بشار الأسد قبل خمسة أيام على نظيره التركي، واتهمه بالتبعية للاميركان يوحي بأن القيادة السورية كانت تعلم مسبقا بهذا الانقلاب في الموقف التركي على الاتفاقات التي جرى التوصل اليها في قمة سوتشي، ولا نستغرب ان يكون هذا الهجوم انعكاسا لغضب روسي مماثل أيضا، فهذه هي المرة الأولى، ومنذ سنوات يهاجم الرئيس الأسد نظيره التركي بهذه القسوة، دون ان يشن في الوقت نفسه أي هجوم مماثل على دول مجلس التعاون المتورطة تمويلا وتسليحا في الازمة السورية منذ بدايتها قبل ثماني سنوات تقريبا مثلما كان عليه الحال في خطابات سابقة."

استدارة تركية نحو واشنطن

وكان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار قد التقى وزير الدفاع الأميركي بالنيابة باتريك شانهان واتفقا على التعاون الثنائي في المجال الدفاعي وفي الملف السوري.

وذكر بيان لوزارة الدفاع التركية، السبت، أن اجتماعًا ثنائيًّا وآخرا على مستوى الوفود انعقدا في مقر وزارة الدفاع الأميركية، بحضور رئيسي هيئتي الأركان في البلدين لبحث قضايا ترتبط بالساحة السورية بعد الإنسحاب الأميركي منها.

وأوضح البيان أن أكار وشانهان تناولا التعاون الثنائي في المجال الدفاعي والعمليات الجارية ضد تنظيم داعش في سوريا ومخاوف تركيا إزاء الدعم الأميركي لتنظيم "ي ب ك/ ب ي د".

وبحسب البيان فإن أكار تطرق لأهمية التعاون من أجل تحقيق الوحدة السياسية ووحدة التراب في سوريا، وأكد عزم تركيا على مكافحة كل التنظيمات الإرهابية بما فيها "بي كا كا" و"ي ب ك" و"ب ي د" وداعش وغولن.

وقال خلوصي أكار بعد لقائه في واشنطن القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي باتريك شاناهان إنه ناقش العمليات العسكريةَ في سوريا وقلق تركيا من دعم الولايات المتحدة لوحدات حماية الشعب الكردية.

استدارة اردوغان نحو البيت الابيض كانت سريعة، لكن روسيا ستتدخل لاعادة الامور الى مجراها فهي ليست فقط تعارض تهديد الامن التركي بل مستعدة للمشاركة من خلال شرطتها العسكرية في تحقيق منطقة عازلة تحقق الامن لتركيا وذلك ضمن اتفاقات شاملة تدخل فيها الاطراف المعنية بالموضوع بما في ذلك ايران والحكومة السورية.

محمد طاهر