كواليس اختيار أول سفيرة للرياض لدى واشنطن

كواليس اختيار أول سفيرة للرياض لدى واشنطن
الأحد ٢٤ فبراير ٢٠١٩ - ١٢:٤٤ بتوقيت غرينتش

عيّنت السعودية، الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان بن عبد العزيز سفيرة للرياض في واشنطن، خلفا للأمير خالد بن سلمان. وأصبحت ريما (44 عاما) أول امرأة تشغل منصب سفير للمملكة عبر التاريخ، الامر الذي أثار تساؤلات وتعليقات كثيرة حول هذا القرار المفاجئ. ويأتي تغيير الرياض سفيرها لدى واشنطن وسط توترات تشوب العلاقات السعودية الامريكية منذ مقتل الصحفي جمال خاشقجي في اسطنبول.

العالم - تقارير

تصدّر اسم الأميرة، ريما بنت بندر بن سلطان، قوائم البحث على محرك البحث الأشهر فى العالم "غوغل" ومعظم مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن أصدرت السعودية أمرا ملكيا بتعيينها سفيرة للمملكة في واشنطن بدلا من الامير خالد بن سلمان الذي عيّن نائبا لوزير الدفاع. ويريد الجميع أن يعرف من هي السفيرة الجديدة لدى واشنطن.

ريما بنت بندر، ولدت بالرياض عام 1975، ولعائلتها تاريخ طويل في العمل الدبلوماسي، خاصة تولي منصب سفير المملكة في الولايات المتحدة. فوالدها بندر بن سلطان، الذي وصف سابقا بـ"عرَّاب العلاقات الأمريكية السعودية"، شغل المنصب ذاته في واشنطن لنحو 22 عاما، حيث كان ابن سلطان سادس من شغل هذا المنصب، وبقى فيه بين عامي 1983 و2005.

كذلك تولى خال ريما "تركي الفيصل" المنصب ذاته بين عامي 2005 و2007، فكان سابع سفير للمملكة في الولايات المتحدة.

أما خالها "سعود الفيصل"، فكان يُعرف بـ"أمير الدبلوماسية السعودية" على مدار أربعة عقود، وهو أبرز وزير خارجية في عهد السعودية، وتوفي عام 2015.

وشغلت ريما، وفق الإعلام المحلي، مناصب في عدد من المجالس الاستشارية المحلية والعالمية، منها: المجلس الاستشاري لـ"المبادرة الوطنية السعودية للإبداع"، والمجلس الاستشاري العالمي لشركة "أوبر".

وقبل 3 أعوام، وبالتحديد عام 2016، دخلت العمل الحكومي من بوابة الرياضة، حيث تولت منصب وكيلة رئيس الهيئة العامة للرياضة للقسم النسائي. ونالت "جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للإبداع الرياضي" لعام 2017.

والعام الجاري، مثَّلت ريما، السعودية في "مؤتمر دافوس الاقتصادي" الذي عُقد في سويسرا، إضافة إلى منتدى الرؤساء التنفيذيين السعودي الأمريكي الذي استضافته نيويورك.

ويأتي تغيير السعودية سفيرها في واشنطن وسط توتر في علاقاتها مع الولايات المتحدة منذ مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في اسطنبول.

وقد نفت السلطات السعودية في البداية علمها بما حدث للصحفي، ولكنها اعترفت فيما بعد بمقتله في مبنى القنصلية على يد مجموعة من الضباط والمسؤولين في الدولة، قالت إنهم تصرفوا من أنفسهم، ودون موافقة قيادة البلاد.

وهدد نواب وأعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي باتخاذ تدابير صارمة ضد السعودية، بسبب عملية القتل الوحشية، خاصة بعد الادلة الاستخباراتية التي تشير الى تورط لولي العهد بأنه مسؤول شخصيا عن الحادثة.

ولفت مقتل خاشقجي انتباه الرأي العام العالمي إلى تحالف العدوان، الذي تقوده السعودية في اليمن، وأدى إلى أكبر أزمة إنسانية وصفتها الأمم المتحدة بأنها هي الأسوأ في العالم.

وصدق مجلس النواب الأمريكي، في مطلع هذا الشهر، على قانون يأمر بوقف التدخل الأمريكي في الحرب، التي تقودها السعودية في اليمن، تحديا للرئيس، دونالد ترامب، الذي وقف إلى جانب ولي العهد السعودي.

ويحقق نواب يقودهم ديمقراطيون هذا الشهر أيضا، في مخاوف وجود خطة لدى البيت الأبيض لبناء مفاعلات نووية في عدة مناطق في السعودية.

وتحدثت مصادر إلى لجنة الرقابة بمجلس النواب، وحذرت من أن هذه الخطوة يمكن أن تزعزع استقرار الشرق الأوسط من خلال تعزيز الرغبة في امتلاك الأسلحة النووية.

وتفيد المصادر التي تحدثت إلى مجلس النواب بأن شركات على علاقة بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تسعى إلى نقل هذه التكنولوجيا إلى السعودية.

الى ذلك، أثار ناشطون تساؤلات بشأن اختيار السعودية للاميرة ريما، كما ربط البعض الأمر بتصريحات والدها الأمير بندر ـ رئيس الاستخبارات السعودية السابق ـ الأخيرة وحملته ضد قطر التي وصلت حد تهديده بغزوها مجددا.

وذهب هؤلاء إلى أن اختيار الأميرة جاء مكافأة لوالدها بعد الحملة الشرسة التي أُمر بشنها ضد قطر وخصوم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في سلسلة حواراته الممتدة مع صحيفة “إندبندنت عربية”.

وأشاروا إلى أن ابنته بالطبع ستسير على نهج والدها في تبييض صورة ابن سلمان الدموية لدى الغرب، ومؤكد أنها قدمت فروض الولاء والطاعة له قبل تعيينها وتوافقه على كل جرائمه وسياسته القمعية.

من جهتها، علقت محررة الرأي والقضايا الدولية في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية كارين عطية، على تعيين السفير السعودي السابق في أمريكا خالد بن سلمان، نجل ملك البلاد، نائبا لوزير الدفاع برتبة وزير، وتعيين أميرة كسفيرة بدلا منه في واشنطن.

وقالت عطية: "كان يجب طرد خالد بن سلمان بشكل رسمي، بعد نشره معلومات خاطئة أدت لمقتل خاشقجي".

وأضافت: "جميعنا نعلم أن محمد بن سلمان يستخدم النساء بسخرية لتبييض صورتهم أمام الغرب".

وختمت بقولها: "يجب استجواب الأميرة ريما عن النساء السعوديات المسجونات".

وأعاد ناشطون آخرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي نشر فيديو للمعارض الشاب عمر بن عبد العزيز الزهراني، المقيم في كندا، تنبأ فيه بتعيين الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان سفيرة للمملكة في واشنطن.

ويقول الزهراني في الفيديو، الذي يعود تاريخ نشره إلى الثامن عشر من تشرين ثاني/ نوفمبر الماضي، إنه وفي حال أرادت السعودية تجميل صورتها لدى الغرب، فإن أفضل من يقوم بذلك الدور هي الأميرة ريما، كونها أكاديمية متعلمة، ومتحدثة لبقة.

وذكر الزهراني أن محمد بن سلمان لن يستطيع تحسين سمعته أمام الغرب بأي شكل من الأشكال، مضيفا بتهكم: "لو يطلع دويتو مع نيكي ميناج (مطربة أمريكية)".

بدون موافقة ابن زايد لا يصل أي سعودي إلى منصب رفيع!

هذا وتحدث العديد من النشطاء والكتاب عن علاقة ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد بالأمر، مشيرين إلى لقاء حديث جمع ابن زايد بالأميرة ريما في أبوظبي.

الكاتب الفلسطيني نظام المهداوي، أرفق صورة عبر حسابه بتويتر لهذا اللقاء الذي جمع شيطان العرب بالأميرة السعودية، وعلق قائلا: ”بدون ختم موافقة #محمد_بن_زايد لا يصل أي سعودي إلى منصب رفيع بما فيهم ابو منشار”.

كما أكد الناشط القطري المعروف “بوغانم” على نفس الأمر بقوله: ”الاوامر الملكيه لا..تخرج من السعودية الا..وتمر عبر..( مباركة محمد بن زايد لها ) ريما بنت بندر بن سلطان منذ فتره بسيطة كانت في الامارااااات تاخذ بركات الكفيل”.

“هيئة كبار العلماء” السعودية في موقف حرج

وارتبط هذا القرار أيضا على مواقع التواصل الاجتماعي ب”هيئة كبار العلماء” السعودية ومشايخ البلاط، الذين حرموا عمل المرأة واعتبروا خروجها لمجال العمل أصلا فساد للمجتمع والأمة.

وشن ناشطون سعوديون حملة ساخرة على مشايخ البلاط الملكي والإفتاء التي أصبحت في موقف لا تحسد عليه، بعد وصول امرأة سعودية لهذا المنصب الرفيع وبأمر من سيدهم محمد بن سلمان الذي يطبلون له ليل نهار.

وعلق أحد النشطاء ساخرا من الهيئة:”بعد تعيين #ريما_بنت_بندر_بن_سلطان سوف تقوم هيئة كبار العلماء بعمل فورمات للفتاوي وتحديثها تماشيآ مع ال #اوامر_ملكية الجديدة (( لعيون الداشر الناشر )) كل شي جايز عندهم”.

بينما علق الدكتور عبدالله الشمري ساخرا: ”فقهاء آل سعود: قبل تولي ⁧#ريما_بنت_بندر_بن_سلطان: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»، وبعد توليها: «فلح قوم ولوا أمرهم امرأة». بين الفينة والأخرى موجة من تغيير الفتاوى التي تدور مع قرارات الحاكم.”