حضور هزيل في قمة ‘شرم الشيخ’ يثير تساؤلات وماهي الاجوبة؟

الإثنين ٢٥ فبراير ٢٠١٩ - ١٠:٠٧ بتوقيت غرينتش

أثار ضعف المشاركة العربية على صعيد الرؤساء والملوك، في أعمال القمة العربية الأوربية التي تعقد للمرة الأولى، واختتمت أعمالها، اليوم الاثنين، بمدينة شرم الشيخ، الكثير من علامات الاستفهام عن أسباب ضعف هذا التمثيل.. هل يرجع ذلك لضعف جدول الأعمال، أم إنه نتيجة مواقف أخرى متشابكة بين الأطراف المشاركة؟

العالم-مصر

وقد شهدت القمة مقاطعة من أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، رفضا للطريقة غير البروتوكولية التي أرسلت بها القاهرة، دعوة المشاركة في القمة، وغاب عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، دون تحديد أسباب واضحة، بينما اشترطت عدد من الدول الأوروبية عدم مشاركة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس السوداني عمر البشير، لضمان حضورهم.

القمة شهدت أيضا، غياب ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، الذي يتمتع بعلاقات قوية مع عبد الفتاح السيسي، وجاء تمثيل الإمارات هزيلا للغاية بعد أن مثلها حاكم الفجيرة، وايضا غاب ملك المغرب.

وبحسب البيانات التي أصدرها المكتب الإعلامي لوزارة الخارجية المصرية، فإن القمة شارك فيها 11 حاكما عربيا من إجمالي 21 حاكما يمثلون دولهم الأعضاء بالجامعة العربية.

وفي تعليقه على ضعف المشاركة العربية يؤكد وكيل لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري سابقا، محمد جمال حشمت لـ"عربي21" أن ضعف المشاركة له العديد من الأسباب، منها شكل علاقة بعض الدول العربية بأوروبا، ومنها شكل علاقة هذه الدول بالنظام المصري، وكذلك طبيعة القضايا المطروحة على جدول أعمال القمة.

وأضاف حشمت أن عددا من وسائل الإعلام الغربية أكدت أن قادة الدول الأوروبية المشاركين، نقلوا من خلال رئاسة الاتحاد الأوروبي تحفظهم على مشاركة ولي العهد السعودي، لتورطه في مقتل الصحفي جمال خاشقجي، وكذلك نتيجة المأساة الإنسانية الموجودة باليمن، والتي يتحمل ابن سلمان الجزء الأكبر فيها لإصراره على استمرار عاصفة الحزم التي تديرها السعودية ضد الحوثيين باليمن.

ولفت إلى أن هناك دولا عربية لم تجد في جدول أعمال القمة ما يناسبها، وبالتالي جاءت مشاركتها ضعيفة، وهو ما يعكس أن الهدف من القمة، لم يكن متعلقا بمدى الاستفادة العربية من أوروبا، وإنما متعلقا بمدى الاستفادة الأوروبية من الجانب العربي، وهو ما يبرر مشاركة رئيسة وزراء بريطانيا والمستشارة الألمانية، وباقي الدول التي تعاني من ملف اللاجئين الوافدين من بوابات الدول العربية.

وحول موقف أمير قطر، أكد الوكيل السابق للجنة العلاقات الخارجية، أن العلاقات بين مصر وقطر، مقطوعة منذ الحصار الرباعي الذي تقوده السعودية والإمارات ضد الدوحة، ولكن في ما يتعلق بالفعاليات الدولية فإن هناك قواعد حاكمة، في تعامل الدولة المضيفة مع الدول المشاركة في هذه الفعاليات، خاصة أن القمة العربية الأوروبية، ليست بدعوة مصرية، وإنما بدعوة مشتركة بين جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي.

ووصف حشمت أسلوب القاهرة في دعوة قطر، بالمكايدة السياسية التي تعبر عن ضعف نظام السيسي، وشعوره الدائم بأنه قزم أمام غيره، وأن مثل هذه التصرفات الصبيانية يمكن أن تمنحه مكانة دولية أو إقليمية متميزة.

وفي تعليقه على المشاركة الأوروبية، أكد السفير السابق بالخارجية المصرية، الدكتور باهر الدويني، لـ"عربي21" أن الدول الأوروبية لديها مصالح عديدة مع الدول العربية، وهي تقدم مصالحها على أي شيء آخر، وبالتالي فإنه ليس لديها مانع من التحالف مع الشيطان طالما أن ذلك يصب في مصلحتها، ولا يؤثر بالسلب على مصلحة شعوبها.

وحول هذه المصالح، رأى الدويني أن قضية الهجرة غير الشرعية، وملف اللاجئين، من أكثر القضايا التي تمثل أزمة لأوروبا، وتحديدا لدول مثل فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإنجلترا، وهي القضية التي بسببها تحرك الاتحاد الأوروبي من أجل عقد هذه القمة، وبالتالي فإن الحضور الأوروبي المميز له ما يبرره.

وأوضح الدويني أن "الموقف الأوروبي الرسمي من نظام السيسي سلبي ومخزي، وقائم على المصالح والابتزاز، منذ الانقلاب العسكري في تموز/ يوليو 2013، وما نتج عنه من مجازر فض اعتصام رابعة، ثم الملف الحقوقي السيئ لحقوق الإنسان والتوسع في الاعتقالات وكبت الحريات، والتصفيات الجسدية وأخيرا الإعدامات السياسية".

وبيّن السفير السابق أن "قضية مثل مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني على يد ضباط بارزين بمصر، كانت كفيلة بمقاطعة إيطاليا لهذه القمة لانعقادها بمصر، ولكن لأن مصالح إيطاليا مقدمة على مبادئها، فإن رئيس الوزراء الإيطالي شارك بالقمة رغم الاعتراض الشعبي والسياسي بإيطاليا، ولكنه شارك لأنه سوف يحصل على المقابل، المتمثل في امتيازات جديدة لشركات التنقيب عن الغاز والبترول في مصر".

واختتم الدويني حديثه قائلا، هذا يبرر أيضا مشاركة رئيسة الوزراء البريطانية المتأزمة تيريزا ماي، والتي ما زالت تغازل السعودية ودول عربية، للقيام بدور فاعل في الخليج الفارسي بديلا أو موازيا للدور الأمريكي المستحوذ على نفط واموال المنطقة.