غزة المحاصرة.. ترفض الإجراءات الانتقامية

غزة المحاصرة.. ترفض الإجراءات الانتقامية
الإثنين ٢٥ فبراير ٢٠١٩ - ٠٤:٠٤ بتوقيت غرينتش

اجتاحت موجة غضب جماهيرية الساحة الفلسطينية ومواقع التواصل الاجتماعي على خلفية العقوبات التي فرضتها السلطة على قطاع غزة المحاصر، ما دفع سكانه الى تنظيم فعاليات تطالب برحيل رئيس السلطة محمود عباس. واعتبرت حركة فتح هذه الفعاليات تتناغم مع ما اسمته حملات إسرائيلية تبتز عباس بسبب موقفه الرافض لتسويق ما يعرف بـ"صفقة القرن" التي تهدف الى تصفية القضية لفلسطينية.

العالم - تقارير

ضجّت الساحة الفلسطينية خلال اليومين الماضيين، بأنشطة لحملتين، إحداهما معارضة لرئيس السلطة محمود عباس، وتطالب برحيله؛ والأخرى أعلنت دعمها له وتمسكها به "رئيسا" للسلطة ولمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني".

وخرجت حشود من الفلسطينيين، في عدد من مدن الضفة الغربية، استجابة لدعوة وجهتها حركة فتح تأييدا لرئيس السلطة محمود عباس. ورفع المشاركون الاعلام الفلسطينية ورايات حركة "فتح" وصورا لـ عباس وهتفوا بشعارات وطنية تأييدا لرئيس السلطة ولمنظمة التحرير الفلسطينية.

فيما أطلق نشطاء، حملة مؤيدة لرئيس السلطة محمود عباس، تحت وسم "اخترناك"، ونشروا من خلالها صورا لـ أبو مازن وتغريدات مساندة له.

وقال صالح ساق الله، وهو أحد المشرفين على حملة "اخترناك"، إن "الحملة انطلقت لمساندة الرئيس عباس ضد الهجمة الداخلية والأمريكية والإسرائيلية، ودعما له بمواجهة صفقة القرن ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية"، حسب تعبيره.

وكان آلاف المواطنين في مدينة غزة احتشدوا أمس الأحد بدعوة من "الحراك الشعبي للإنقاذ الوطني" مطالبين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بـ"الرحيل".

وردد المتظاهرون هتافات مناهضة لرئيس السلطة الفلسطينية ورئيس حكومة تسيير الأعمال في رام الله رامي الحمد لله مطالبين برفع القيود عن حركة الأموال من وإلى قطاع غزة.

وقال عضو الحراك زياد أبو طه إن المتظاهرين جاؤوا ليؤكدوا حرصهم على إعادة ترتيب منظمة التحرير وتفعيلها لتكون الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا "كما يراها الشعب وليس المتنفذون حسب أهوائهم الداخلية".

ودعا لإعادة جميع رواتب الشهداء والجرحى والمناضلين التي قطعت وبأثر رجعي، وإعادة جميع الرواتب التي قُطعت دون تفريق.

كما طالب بـ"الإعلان عن ثورة شعبية عارمة لمواجهة صفقة القرن ودعم صمود شعب فلسطين في القدس، وجعل ميزانية الأمن- التي تبلغ مليار دولار- سنويًا لتعزيز صمود القدس".

وطالب أبو طه المجتمع الدولي والدول المانحة "بعدم صرف دولار واحد" للسلطة إلا بعد إجراء انتخابات شاملة، داعيًا في نفس الوقت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الضغط على حركة فتح لإنجاز الوحدة الوطنية.

أما المتحدثة باسم أهالي الشهداء "أم إياد أبو شباك" فاستنكرت حديث السلطة عن "كرامات الشهداء وعذابات زوجاتهم وأمهاتهم وأبنائهم" في وقت تقطع فيه رواتبهم.

وقالت: "ليرحل كل من اعتدى على كرامة الشهداء وتآمر عليهم، وقتل أبناءنا مرة أخرى حينما تعدى على حقوقهم ومخصصاتهم".

هذا ودعا البيان الختامي للفعالية "إلى عدم التعامل مع محمود عباس كرئيس للشعب الفلسطيني وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي يحول عباس دون تنظيمها منذ عام 2009".

وذكر البيان أن عباس "يعتقل المعارضين السياسيين ويفرض حصارًا على قطاع غزة وتسبب بتجويع عائلات كثيرة بعد قطع رواتبها".

وطالب البيان جامعة الدول العربية والهيئات الدولية بـ"نزع الشرعية" عن عباس، داعيًا المؤسسات الحقوقية الدولية لإنهاء معاناة شعب فلسطين في غزة.

واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي، عشية انطلاق فعاليات غزة، بالمشاركة في وسم "#ارحل_ياعباس" الذي أطلقه الحراك الشعبي الرافض للإجراءات الانتقامية ضد قطاع غزة.

وتصدر وسم "#ارحل_يا_عباس" مواقع التواصل الاجتماعي ليصبح "ترند"، حيث لوحظ وجود غضب عارم بين صفوف النشطاء ضد عباس.

وعلل نشطاء التواصل غضبهم على عباس بقطع رواتب الموظفين، واستمرار التنسيق الأمني، وتشديد الحصار على قطاع غزة وما تبع ذلك من منع الوقود والدواء.

ويقول محمد شقليه، وهو أحد النشطاء المشاركين في حملة "#ارحل_ياعباس": "نحن نطالب برحيل عباس لأنه أنهك قطاع غزة بالعقوبات، حيث قطع رواتب الآلاف من الموظفين والجرحى وعائلات الشهداء والمعتقلين بالسجون الإسرائيلية".

وتظاهر عشرات من موظفي السلطة الذين قُطعت رواتبهم في وقت سابق الأربعاء، أمام منزل محمود عباس في غزة ضد قرار قطع الرواتب.

ورفع المتظاهرون، لافتات غاضبة منددة بقطع رواتبهم، فيما رفع بعضهم لافتات تدعو لبيع منزل رئيس السلطة في غزة (وهو مبنى مجلس الوزراء المؤقت) لـ"سداد مديونياتهم المتراكمة".

من جانبه ردَّ القيادي في حركة "فتح" وعضو مجلسها الثوري بالضفة الغربية، يحيى رباح، على النداءات والحملات الشعبية والفصائلية التي تطالب برحيل عباس، معتبرا إياها "فارغة المضمون ولن تحقق هدفها المنشود".

وقال رباح في تصريح صحفي، إن كل هذه الدعوات تتساوق مع الحملات الإسرائيلية التي تستهدف رئيس السلطة، وتحاول زعزعة مكانة السلطة وتقويض دورها، متهماً من يقف خلف هذه الحملات بأنهم "مشبوهون ويطبقون أجندات خارجية خطيرة"، حسب تعبيره.

مشدداً على أن هذه الحملات "لن تثني السلطة ورئيسها عن أداء دورهما الوطني"، على حد قوله.

فيما اعتبر عبد اللطيف القانوع المتحدث بأسم حركة المقاومة الاسلامية حماس في تصريح، اليوم الإثنين، إن إيهام الشعب الفلسطيني من قيادات "فتح" أن رئيس السلطة يتعرّض لضغوط، ويخوض معركة لمواجهة "صفقة القرن"، "تدليس وكذب لا ينطلي على أحد".

واعتبر القانوع، التصريحات الفتحاوية "محاولة لتجميل موقف محمود عباس المتساوق مع صفقة القرن وفصل قطاع غزة عن الضفة".

وأكد أن الخطوات العقابية التي فرضها عباس ضد غزة، وإجراءاته الانفصالية والعداء المتواصل للفصائل "يبرهن ويؤكد ذلك".

وشدّد القانوع على أن "خروج الجماهير الفلسطينية، أمس، للمطالبة برحيل عباس والتنديد بإجراءاته ضد القطاع المحاصر دليل على فشله على مدار 13 عامًا، ويعكس حجم الأزمات التي أحدثها لشعبنا والانقسام الذي رسخه بين الفصائل وفي المؤسسات الفلسطينية".

من جهته قال القيادي في حركة "حماس"، مشير المصري، في تصريحات لقناة "الأقصى" الفضائية، إن "التفاعل الكبير لنشطاء مواقع التواصل مع وسم (ارحل) يعد دليلا واضحا على أن محمود عباس لم يعد له أي بعد وطني وغير مقبول لدى الشارع الفلسطيني".

واعتبر المصري أن "عقوبات محمود عباس ضد غزة، أشد خطراً على الفلسطينيين من الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع".

ويتابع: "ليس أمام عباس إلا الرحيل، وهو رجل بات عدوا للشعب الفلسطيني ويشكل خطرا على القضية الفلسطينية".

بدوره علق القيادي في حركة حماس سامي أبوزهري على تصريحات عباس خلال القمة العربية الأوروبية المنعقدة في شرم الشيخ.

وقال أبو زهري في تغريدة عبر حسابه على "تويتر"، إن "تصريحات عباس حول حجم إنفاقه على غزة تتعارض مع قطعه رواتب آلاف الموظفين شهرياً وحديثه عن الانتخابات ليس له أي مصداقية في ظل رفضه اجراء انتخابات الرئاسة والمجلس الوطني" وفق قوله.

وكان عباس صرح يوم الاحد، أننا "لم نتخل عن أهلنا في قطاع غزة"، مضيفا " نحن ندفع حوالي مائة مليون دولار شهريا في غزة لضمان تقديم الخدمات الأساسية".

وأضاف في كلمته خلال القمة العربية الاوروبية: "نعمل الآن على تشكيل حكومة جديدة، والتحضير لانتخابات برلمانية، وآملين مساعدتكم ليتم تنظيمها ومراقبتها في كل من الضفة الغربية، والقدس الشرقية وقطاع غزة. وفي نفس الوقت".

وتسود قطاع غزة حالة من الغضب والسخط الشديدين بعد أن أقدمت وزارة المالية برام الله على قطع رواتب آلاف الموظفين التابعين لحكومة الوفاق، في إطار اجراءات عقابية جديدة اتخذها رئيس السلطة محمود عباس في غزة.

ووصل عدد المقطوعة رواتبهم إلى ما يزيد على خمسة آلاف من الموظفين المدنيين والعسكريين في غزة فضلا عن مئات آخرين من الأسرى والمحررين والجرحى وذوى عوائل الشهداء، بحسب إحصاءات غير رسمية، وذلك في إطار تشديد الإجراءات العقابية التي اتخذها عباس في نيسان/ أبريل2017 تحت ذريعة استعادة قطاع غزة، وإنهاء حكم حماس فيه. وسط تفاقم أزماته وتردي الأوضاع الاقتصادية والإنسانية فيه.

ويحذر مسؤولون في السلطة من اتخاذ مزيد من العقوبات ضد غزة، في حال لم تسلم حركة حماس كامل المسؤوليات الأمنية والمدنية في القطاع، في حين تطالب الأخيرة بتنفيذ اتفاق المصالحة 2011، الذي ينص على خطوات تشاركية في السلطة واتخاذ القرار الوطني.