ماذا وراء التصعيد بين الهند وباكستان؟

ماذا وراء التصعيد بين الهند وباكستان؟
الأربعاء ٢٧ فبراير ٢٠١٩ - ١١:٤٥ بتوقيت غرينتش

منذ بدء الحديث عن فشل المخطط الأمريكي لمنطقة غرب آسيا، والإعلان عن جر ذيول الخيبة والإنهيار للسياسات الإمريكية من سوريا والعراق، بات الرهان الأمريكي يكمن في التركيز على زعزعة أمن المنطقة عبر جر دول اخرى وتوريطها في صراعات تكون الجماعات الإرهابية محورا لها.

العالم- تقارير

وفي نفس الوقت كان المطبخ الأمريكي یزعم ان هذا الرهان لن يكون بعيدا عن التأثير على زعزعة واستقرار ايران التي يعتبرها رأس المقاومة.

وبالرغم من ان ايران الاسلامية هي الأخرى شهدت بعيد احتفالها الأربعين لميلاد ثورتها هجوما إرهابيا راح ضحيتها 28 شخصا من خيرة شباب وقوات حرس الثورة الاسلامية المخلصين في حماية الشعب وثورته، إلا أنها تمكنت من إيكال الرد على الجماعات الإرهابية لوقت يتم التنسيق التام مع ساسة الباكستان وقواتها، حسب إعلان الطرفين الايراني والباكستاني.

لكن التنظيم الإرهابي الذي يختفي تحت مسميات مختلفة أراد، وتزامنا مع زيارة ولي العهد السعودي (الملطخة يداه بدماء الصحفي المعارض جمال خاشقجي) للمنطقة، أراد أن يجرب حظه هذه المرة، مع دولة غير اسلامية، عسى ولعله ان يتمكن من توتير أجواء الأمن والاستمرار بالتخفي في ظلال إنعدام الأمن والإستقرار فيها، لفترة اخرى وإن كانت قصيرة.

الحساب الذي لم يكن يتوقعه الساسة الأمريكان ولا عملاؤهم الإرهابيون، هو صحيح ان الهند والباكستان يعتبران عدوان متخاصمان لأكثر من خمسة عقود، واليوم يعتبران من اهم البلدان الحاصلة على القنابل النووية، لكن عقلاء البلدين، يبدو أنهم أعقل من أن یورطوا بلديهما بسیاسات وقتية يقوم بتنفيذها عملاء يقتاتون على فتات البترودولارت السعو امريكية المتصهينة.

ويرى المراقبون ان ما يدل على هذا الكلام هو إعلان وزيرة الخارجية الهندية "سوشما سواراج"، اليوم الأربعاء وبعد يوم من إستهداف مواقع الإرهابيين داخل الأراضي الباكستانية، أن "تصرفات بلادها في كشمير ليست هجوما عسكريا على الجارة باكستان، بل إنها ضربة موجه ضد الإرهابيين وليس المدنيين".

وسواراج التي ادلت بهذه التصريحات خلال اجتماعها بوزيري خارجية روسيا والصين في مدينة "وتشن" الصينية أضافت أن: "الهجوم الإرهابي الأخير على قوى الأمن في الشطر الهندي لولاية كشمير، أدى إلى خسائر فادحة في الأرواح. وإن هذه الهجمات تستوجب أن تكون جميع الدول موحدة في إظهار عدم التسامح مع الإرهاب، فضلا عن اتخاذ التدابير اللازمة لمكافحته".

ويعتقد المراقبون أن الرد الباكستاني الذي تمثل في صدور بيان للخارجية، وإستدعاء القائم بأعمال السفارة الهندية في إسلام أباد، هو عمل يمكن تصنيفه ضمن البروتوكولات المعمولة في العالم عند ظهور مثل هذه الأحداث. خاصة وأن اسلام آباد أكدت أن "عدوان الهند" يشكل تهديدا للسلام والاستقرار في المنطقة وأن إسلام أباد سترد عليه بالشكل والوقت المناسب.

هذا الرد البروتوكولي تبعه تحذير متعقل للمتحدث باسم الجيش الباكستاني الجنرال آصف غفور، حيث أكد الأخير أن إسلام أباد ليس لديها نية لبدء الحرب، لكنها تؤكد ضرورة عدم العبث بأمنها، بينما إكتفى وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بالقول، إن الهجوم الهندي يدمر جهود السلام، حسبما ذكر موقع "راديو باكستان".

هذه التحفظات الدبلوماسية يرى المراقبون انها تعكس حكنة وسيطرة البلدين على الموقف، ومحاولتهما عدم الإنجرار في المزالق التي توفرها الجماعات الإرهابية، لإيقاع بلدان المنطقة في مطبات إنعدام الأمن والإستقرار التي لا تخدم سوى مصالح الإستكبار والقوى الإستعمارية.

ويرى المراقبون ان مثل هذه الأحداث هي الكفيلة بفضح المخططات الدخيلة على المنطقة، كما ستكشف مدى تحمل الدول وكيفية معالجاتها لمعظلة الإرهاب وهجمات الإرهابيين والأهم من كل ذلك ستكشف (هذه الاحداث) مدى مظلومية ايران، التي كانت ولا تزال ترفع راية المكافحة الجادة والصادقة للإرهاب، بدلا من الإكتفاء بالتهويل والتطبيل لمزاعم لم تكن تهدد الجماعات الإرهابية فحسب بل إنها تشجعها على الإستمرار بالتمادي في جرائمها ضد الأبرياء.

*عبدالهادي الضيغمي