العلاقات الاميركية التركية على ابواب ازمة كبيرة!

العلاقات الاميركية التركية على ابواب ازمة كبيرة!
الأحد ١٠ مارس ٢٠١٩ - ١١:٢٩ بتوقيت غرينتش

لا يزال التوتر متواصلا بين الولايات المتحدة وتركيا بشأن نية انقرة شراء منظومة صواريخ "اس400" الروسية، رغم التطمينات التركية لاميركا بأنها لا تستهدف بها احدا وبأنها ستشتري في المقابل المنظومة الاميركية "باتريوت" ايضا.

العالم - تقارير

وفي جديد تطورات الازمة أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان امس السبت أن شراء بلاده منظومات "إس-400" من روسيا لا يؤثر على أمن الولايات المتحدة والناتو، معتبرا أن المشكلة تتعلق بحرية تحركات تركيا خاصة في سوريا.

وقال أردوغان، في كلمة ألقاها أمام تجمع انتخابي لـ"حزب العدالة والتنمية" بولاية ديار بكر جنوب شرق البلاد: "إن الصفقة حول شرائنا منظومات إس-400 للدفاع الجوي لا علاقة لها من قريب أو بعيد بأمن الولايات المتحدة أو بالناتو أو بمشروع طائرة F-35".

وأضاف الرئيس التركي: "أسباب شرائنا إس-400 والطريقة التي سنستخدم بها هذه المنظومات واضحة تماما".

واعتبر أن "الأمر لا يتعلق بشراء منظومة إس-400 بل بحرية تحركات تركيا في المنطقة وعلى رأسها سوريا"، مشيرا إلى أمله في أن "تتم تسوية" الخلافات بين أنقرة وواشنطن بسبب هذا الموضوع "مثلما جرى ذلك في إطار القضايا الأخرى".

وكانت وزارة الدفاع الأمريكية هددت الحكومة التركية، يوم الجمعة الماضي، بأنها قد تواجه "عواقب خطيرة" في حال اشترت المنظومات الروسية المضادة للصواريخ من طراز "إس-400" تطبيقا للعقد المناسب بين البلدين.

وقال المتحدث باسم البنتاغون، تشارلز سامرز، إن تطبيق الصفقة سينعكس على العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة وتركيا التي لن يكون بإمكانها الحصول على طائرات F-35 وصواريخ "باتريوت".

وسبق أن حذرت الولايات المتحدة مرارا السلطات التركية من شراء منظومات "إس-400"، مهددة بفرض عقوبات على تركيا، لكن الأخيرة أكدت أكثر من مرة، بما في ذلك على لسان رئيسها، أن الصفقة مع روسيا المبرمة في 2017 لا رجعة عنها ومسألة الانسحاب منها ليست واردة على الإطلاق، متعهدة بالرد على أي إجراءات تقييدية أمريكية في هذا السياق.

ومن المقرر أن تبدأ تركيا الصيف المقبل استلام منظومة الصواريخ من نوع أس-400، ويعتبر هذا الملف من أكثر نقاط الخلاف خطورة بين البلدين.

كما تعتبر الولايات المتحدة أن شراء تركيا منظومة اس-400 يمكن أن يكشف الاسرار العسكرية لطائراتهم من نوع اف-35 التي يفترض أن تكون قادرة على الافلات من هذه المنظومة من الصواريخ الروسية.

وكانت واشنطن وافقت في كانون الاول/ ديسمبر الماضي على بيع منظومة باتريوت المضادة اللصواريخ لاقناع انقرة بعدم شراء الصواريخ الروسية المنافسة. إلا أن اردوغان عاد وكرر القول الاربعاء أنه لا مجال للعودة عن صفقة السلاح الروسية.

وكان القائد الاعلى لقوات الحلف الاطلسي في اوروبا الجنرال الاميركي كورتيس سكاباروتي اعلن الثلاثاء أنه في حال اشترت تركيا بالفعل صواريخ اس-400 الروسية "عندها لا يمكننا أن نسمح لطائرات اف-35 بالتحليق بوجود منظومة روسية مضادة للصواريخ".

وكانت واشنطن سلمت أول دفعة من طائرات اف-35 الاميركية الى تركيا في حزيران/ يونيو الماضي. الا ان هذه الطائرات ستبقى حاليا في الولايات المتحدة لتدريب الطيارين الاتراك عليها، وهي عملية قد تمتد لسنة او سنتين حسب البنتاغون.

والجمعة قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن مسؤولين أمريكيين أبلغوا بلاده بأنه سيكون من "المستحيل" موافقة الكونغرس على صفقة مقاتلات إف-35؛ بسبب شراء أنقرة لأنظمة الدفاع إس-400 من روسيا، لكن تركيا تعمل على حل المسألة.

وذكر أكار في مقابلة مع وكالة "الأناضول" الرسمية للأنباء أن تركيا تحاول تهيئة ظروف لا يؤثر فيها شراؤها لأنظمة الدفاع الصاروخي إس-400 من روسيا على مشترياتها من طائرات إف-35.

وقال إن المحادثات مستمرة مع الولايات المتحدة لشراء أنظمة الدفاع باتريوت التي تنتجها شركة رايثيون، مضيفا أنه سيتم البدء في تركيب أنظمة إس-400 في أكتوبر/ تشرين الأول.

ونقلت وكالة أنباء "الأناضول" التركية، كلمة لأكار أكد خلالها مضي تركيا قدما في صفقة شراء منظومة إس 400 الروسية للدفاع الجوي، مضيفا أن "شراؤنا لمنظومة (إس-400) الدفاعية الروسية ليس خيارا وإنما ضرورة فنحن مضطرون لحماية 82 مليون مواطن (تركي) والدفاع عنهم".

يذكر أن أكار، كان قد جدد مطالبة واشنطن بسحب الأسلحة من تنظيم "وحدات حماية الشعب" و"حزب العمال الكردستاني"، وإخراج عناصرهما من منطقة منبج.

من جهته رأى الكاتب والمحلل السياسي عبد الباري عطوان أن العلاقات الأمريكية التركية تقف على أبواب أزمة استراتيجية كبيرة في ظل إصرار الرئيس رجب طيب أردوغان المضي قدما في شراء صفقة صواريخ "إس 400" الروسية، وتهديد الإدارة الأمريكية بفرض عقوبات على تركيا وإلغاء صفقة طائرات "إف 35" التي كانت في طريقها إلى أنقرة، كرد على هذا الاختراق التركي الذي يوصف بأنه شق لحلف "الناتو"، وانتهاك لميثاقه من دولة عضو، أي تركيا.

ويضيف عطوان أن استلام تركيا للدفعة الأولى من صواريخ "إس 400" سيتم في شهر حزيران/ يونيو المقبل، أي بعد ثلاثة أشهر، ولهذا تتكثف الضغوط والتهديدات الأمريكية والأوروبية، وتزايد احتمالات تجميد عضوية تركيا في حلف الناتو، تحت ذريعة أنها، أي الصواريخ، لا تنسجم مع الأنظمة الدفاعية الغربية الأوروبية والأمريكية الصنع.

وتابع عطوان أن أمريكا تشعر بقلق كبير من تقدم الصناعات العسكرية الروسية التي باتت تشكل تهديدا خطيرا لنظيراتها الأمريكية لتطورها التقني اللافت، علاوة على تدفق عشرات المليارات من الدولارات على الخزينة الروسية، وشراء دولة مثل تركيا العضو المؤسس لحلف الناتو، والحليف التاريخي لواشنطن صفقات صواريخ روسية سيشجع دولا أخرى على السير في الاتجاه نفسه، وتراجع صناعة السلاح الأمريكية التي تشكل أحد أركان الاقتصاد والنفود الأمريكي.

ويمكن القول في المقابل أيضا أن إغضاب الإدارة الأمريكية الحالية المتهورة يمكن أن يؤدي إلى فرض عقوبات اقتصادية على تركيا أولا، وزيادة الدعم الأمريكي للحركات الكردية المسلحة سواء على الأراضي السورية (قوات سورية الديمقراطية)، أو داخل العمق التركي خاصة تلك ذات الطابع الانفصالي، وسمعنا الرئيس أردوغان يطالب واشنطن بأخذ جميع الأسلحة التي قدموها لدعم الأكراد تحت ذريعة محاربة داعش في حال انسحاب القوات الأمريكية، أو بيعها لتركيا، لكن بقاءها معهم يشكل خطا أحمر.

ومن خلال الرجوع إلى سوابق مماثلة لهذه الازمة، فإن احتمال حدوث تسوية ما تحول دون حدوث الطلاق النهائي بين الحليفين التركي والأمريكي هو الامر المرجح، بسبب النتائج الخطيرة التي ستترتب على هذا الطلاق عليهما معا، فأمريكا لا تستطيع تحمل النتائج التي يمكن أن تترتب على خسارة تركيا.. كما أن تركيا تتجنب دائما خسارة حليفها الأمريكي والصدام معه.

من جهة اخرى اكد الباحث السياسي التركي جواد غوك في حوار مع قناة العالم الإخبارية أن تركيا من حقها ان تشتري منظومة الدفاع الصاروخي الروسي اس400، معتبراً انه جاء رداً على قيام الولايات المتحدة الاميركية بجمع منظومة صواريخ باتريوت من الحدود التركية السورية.

واضاف ان تركيا التجأت الى منظومة الدفاع الصاروخي الروسي اس400، كورقة ضغط على الاميركان من اجل الحصول على مكاسب منهم لاتمام صفقة طائرات اف35 الاميركية.

واشار الى ان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يحاول مداراة للحالة بين الجانبين الروسي والاميركية.

واما فيما يتعلق بقضية الاكراد، اوضح غوك، ان مفتاح القضية بيد الجانب الروسي الذي يريد وحدة الاراضي السورية، ورأى ان الاميركان يعيدون نفس السيناريو وسيخذلون الاكراد في شمال سوريا كما خذلوهم في شمال العراق، وان تركيا ستتحرك مع الجانب الروسي والايراني لحل قضية الاكراد.

وتبقى الايام القادمة هي الفيصل في هذا الموضوع، فإما ان يذهب اردوغان الى النهاية في تصعيد التوتر مع الولايات المتحدة وتحمل النتائج، وهذا امر مستبعد، او يتخذ من هذا الموضوع اداة للضغط على الولايات المتحدة للحصول على مكاسب معينة، وقد يكون موضوع الاكراد احدها، او ان يتم التوصل الى اتفاق يضمن لتركيا شراء كلا المنظومتين من امريكا وروسيا، وفق شروط وضوابط معينة.

*احمد الموسوي