"البدون" منسيّون في السعودية!

الخميس ١٤ مارس ٢٠١٩ - ٠٦:١٢ بتوقيت غرينتش

ينتقد السكان "البدون"، (معدومي الجنسية في السعودية) استمرار المماطلة الرسمية من السلطات السعودية إزاء مطالبهم بحل ملفهم والاعتراف الرسمي بهم كحق أساسي لهم بعد ظلم يتعرضون له منذ عقود طويلة فيما دعت الجمعية الفرانكفونية لحقوق الإنسان، ومقرها باريس، السلطات السعودية إلى وقف التسويف في قضية البدون وحرمانهم من منحهم الحقوق الكاملة والاعتراف بهم كمواطنين سعوديين.

العالم- السعودية

و"البدون" (Bedoon) قبائل بدوية كانت تعتمد على الترحال إلى عدة مناطق، وتسببت الحدود السياسية في الجزيرة العربية، التي أُقيمت مطلع القرن العشرين، في معاناتهم الحالية.

ويتكون البدون من عدة قبائل نازحة، وهم من قبائل "عنزة" و"شمر" و"بني خالد" و"الأساعدة" من "عتيبة" ينتشرون شمالي المملكة.

كما يوجدون في جنوبي المملكة ومن هذه القبائل "آل كثير" و"المصعبين" وبعض قبائل "العوالق" و"النسيين" و"خليفة" و"الكرب" و"همام" و"بالحارث" والبعض من قبائل "قحطان" و"همدان".

ولا توجد إحصاءات رسمية لعدد العرب البدون في السعودية، لكن الأمم المتحدة تقول إن عددهم نحو 70 ألفًا في العالم كله، بينما يقول ناشطون إن العدد أكبر من ذلك بكثير، ويصل في السعودية وحدها إلى حوالي 250 ألف شخص.

وقالت الجمعية الفرانكفونية لحقوق الإنسان في بيان يوم امس الاربعاء "يعيش البدون في السعودية أوضاعاً صعبة يتسبّب بها تهميش السلطات لهم وحرمانهم من حقوقهم الأساسية في الحياة الكريمة، أو الالتحاق بالتعليم، أو تلقي العلاج، أو حتى المعاملات المالية في البنوك".

وكشفت الجمعية الحقوقية عن أن الأقلية القليلة من فئة البدون الذين حصلوا على الجنسية السعودية حُرموا من الوظائف العسكرية والرسمية، ومن معظم الحقوق التي يحصل عليها المواطن السعودي.

ويعقد ممثلو البدون في السعودية اجتماعات مكثفة في الفترة الأخيرة لإثارة قضيتهم دولياً، وإنهاء الظلم الواقع عليهم في المملكة وما يتعرضون له من انتهاكات تعسفية لحقوقهم.

ورفع هؤلاء على مدار السنوات الماضية آلاف القضايا عبر جمعيات حقوقية للمطالبة بإنصافهم ورفع الظلم الواقع عليهم، لكن من دون استجابة جدية من السلطات بالمملكة.

وقال مصدر من قبيلة عنزة إحدى قبائل البدون إنهم يعيشون في السعودية تحت واقع تعسفي ظالم، إذ إن حياتهم مجمدة وتفتقد إلى الخدمات الضرورية في مجالات الاستشفاء والتربية والزواج والمعاملات المالية.

ويرزح البدون في السعودية تحت ظروف إنسانية واقتصادية واجتماعية صعبة للغاية؛ إذ يعانون من المعاملات القانونية غير الملائمة وتتفاقم أوضاعهم في ظل الواقع المرير؛ بحيث يزداد معدل الحالات الإنسانية الصعبة، سواء بالنسبة للنساء والأطفال وكبار السن، وجميعها حالات تتطلب تدخلاً عاجلاً من الدولة لتعديل أوضاعها.

وقال شيخ من قبيلة السبعة من عنزة السعودية: "بالنسبة لمن لا يحملون جنسية (البدون) من القبائل النازحة يمكن القول إن حال هؤلاء لا يسر؛ فأبناؤهم لا يعالجون في المستشفيات الخاصة والحكومية، وتعليمهم يواجه مصاعب فلا يقبل أبنائهم في المدارس الحكومية، ولا يجدون فرصة للحصول على الوظائف؛ ما يجعلهم عالة على المجتمع".

وأوضح أنه حتى الذين تم تجنيسهم خضعوا للمادة (9) التي تنص على عدم حصول أبنائهم على وظائف عسكرية أو رسمية، ولا يحق لهم الالتحاق بالتعليم، كما لا حق لهم في العلاج، وحتى المصارف لا تتعاون معهم بتاتاً.

ويعاني البدون من البطالة، وتواجه بناتهن العنوسة ولا خيار أمامهن سوى الزواج العرفي بسبب استحالة الحصول على صك زواج لعدم وجود الرقم الآلي.

وعلى الرغم من أن النظام السعودي استصدر بطاقات سوداء لهم فإن هذه البطاقات لا تعترف بأنهم من سكان الجزيرة الأصليين، وإنما تعتبرهم بدواً نازحين من الدول العربية المجاورة.

وحملة البطاقة السوداء ليس بإمكانهم تسجيل أكثر من سيارة باسمهم أو تملك عقار، منزلاً كان أم أرضاً أو شركة مما يجعلهم مضطرين الى تسجيل ممتلكاتهم بأسماء أصدقائهم أو شركاء سعوديين.

كما أن بعضهم يواجه صعوبات في دفن موتاهم، ولا يحق لهم فتح حساب بنكي وإصدار شرائح اتصالات خلوية فقد منحتهم السلطات السعودية هذه البطاقات على أساس فترة زمنية مؤقتة لكن المؤقت أصبح دائماً.

والبدون محرومون من التنقل بين المدن بدون هوية وأغلبهم في السعودية لا يمكنهم ركوب طائرة أو الحصول على رخصة قيادة ولايسمح للبدون في المملكة بالزواج فهناك 10 آلاف حالة زيجات مخالفة تمت بدون توثيق حتى عام 2014م.

مشكلة البدون في المملكة العربية السعودية مشكلة تراكمية، وتعد من المشاكل القديمة منذ أكثر من 60 عاماَ وامتنعت السلطات السعودية حتى الان عن الوفاء بتعهداتها فيما يتعلق بتوفير خدمات الرعاية الصحية والتعليم المجاني وفرص العمل لهم.

وصنفت حقوق الأنسان البدون إلى فئات خمس الفئة الأولى: هناك اعداد من أفراد البدون سحبت منهم هوياتهم وفقا لبلاغات تفيد بعدم نظامية حصولهم على الهوية الوطنية الرسمية السعودية، على رغم أن اغلبهم يملكون أوراقاً تثبت أنهم سعوديو الأصل والمولد والمنشأ ، بشهادة شيوخ قبائلهم كونهم من أصول سعودية.

الفئة الثانية: أشخاص من البدون سحبت هوياتهم ولم ترد لهم عند تقدمهم إلى اللجنة المركزية لحفائظ النفوس (السجل المدني – أو وكالة الأحوال المدنية بالرياض) لتصحيح بيانات هوياتهم، لأسباب تعود لعدم ثبوت انتمائهم القبلي السعودي، علي الرغم أنهم يملكون وثائق تفيد بانتمائهم لإحدى القبائل السعودية.

الفئة الثالثة: هم الحلفاء الذين صدرت لهم بطاقة الخمسة أعوام ولم يمنحوا الجنسية ، على رغم وجود قرار ملكي صادر عام 2001 ، والقاضي يفيد منح الجنسية السعودية لكل من يحمل بطاقة الخمسة أعوام وأسرته وهو ينتمي إلى إحدى القبائل السعودية.

الفئة الرابعة: التي قدمت للسعودية لاداء فريضة الحج أو العمرة أو عبر الحدود من الدول العربية ومكثوا بطرق غير قانونية ويحملون الجنسية الأم لبلادهم ولكنهم يقومون بإخفائها لعدم ترحيلهم موطنهم الأصلي.

والفئة الخامسة: هم أشخاص صدرت لهم موافقة للحصول على بطاقات الهوية الوطنية وينتظرون الي الأن انتهاء الإجراءات الإدارية والتي لم تنته بعد، ونتج عنها وجود عدد كبير من الأشخاص الذين لا يملكون هوية وطنية أو إثباتات شخصية أو أوراق ثبوتية مما تسبب في اهدار حقوقهم .

والعقدة في ملف البدون تكمن في الجهات التنفيذية الدنيا، وانها تعمل بشكل بطيء وبدون وضع سقف زمني للإنجاز مما يساهم في تعقيد المشكلة وحرمان هؤلاء الأشخاص من معظم حقوقهم ، وخاصة في وقتنا الحالي الذي يعتمد على رقم السجل المدني أو رقم الإقامة.

وان تفاقم مشكلة فئة البدون وتحديدا من لا يحمل أوراقا ثبوتية منهم أو من أوقفت سجلاتهم المدنية، قد تزيد الأمر سوءا لهؤلاء الأشخاص لعدم حملهم ما يثبت هويتهم، مما يعرضهم للإبعاد او الإيقاف في ظل عدم وجود بلد يستقبلهم بهذا الوضع. ولابد من إيجاد حلول عاجلة، والتي من بينها (إعادة سجل من كان له سجل ، وتجديد من انتهت بطاقته أو جوازه، ومنح من لا يحمل منهم أوراقا ثبوتية اوبطاقة تبين حالته).