الجزائر امام منعطف خطیر في ظل قرار المعارضة مواصلة الحراك

الجزائر امام منعطف خطیر في ظل قرار المعارضة مواصلة الحراك
السبت ١٦ مارس ٢٠١٩ - ١١:٥٢ بتوقيت غرينتش

شهدت المدن الجزائرية أمس الجمعة آخر جولة من الاحتجاجات الشعبية إزاء القرارات التي اتخذها الرئيس بوتفليقة بعد إعلانه التراجع عن الترشح في الانتخابات الرئاسية لولاية خامسة. دعوة المعارضة الى مواصلة المظاهرات ضد قرارات بوتفليقة وضعت هذا البلد امام منعطف خطير في تاريخها المعاصر.

العالم - تقارير

تراجع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن قراره الترشح لولاية جديدة يوم الاثنين الماضي بعد احتجاجات شعبية ضده لكنه لم يعلن تنحيه عن السلطة على الفور، إذ يعتزم البقاء في السلطة لحين صياغة دستور جديد، الامر الذي اثار موجة اخرى من الاحتجاجات ضده بدلا من ان يهدأ الشارع حيث اعتبرت المعارضة هذه القرارات بانها تهدف الى تهدئة الاوضاع ومن ثم الالتفاف على مطالب المحتجين كما اعتبرتها تمديدا للعهدة الرابعة بعد رفض الشعب ترشحه لمدة رئاسية خامسة.

وأكدت المعارضة في بيان أصدرته إثر اجتماعها بمقر "جبهة العدالة والتنمية"، أن السلطة لا يمكنها أن تستمر خارج أي ترتيب دستوري ضد الإرادة الشعبية وهي غير مؤهلة لقيادة المرحلة الانتقالية، مشددة على أن استمرارها كسلطة فعلية يشكل خطرا حقيقيا على الاستقرار والأمن الوطنيين، حسب تعبيرها.

ودعت لعقد لقاء وطني مفتوح يجمع الجبهة الرافضة لمسلك السلطة، الذي بات يُمثل خطرا على الاستقرار الوطني ووحدة الأمة، بحسب المعارضة، مشيرة إلى أن اللقاء يهدف لإجراء حوار جاد لصياغة المطالب الشعبية ووضع خريطة طريق للانتقال الديمقراطي وبناء نظام حكم جديد بعيدا عن إملاءات القوى غير الدستورية التي تحكم البلاد، وفقا لبيان المعارضة.

وفي هذا السياق، كتبت صحيفة لوموند الفرنسية في مقال نشرته للمحررة بالصحيفة زهراء شناوي، إن آلاف التلاميذ الذين خرجوا في مظاهرة كان الهدف منها الاحتجاج على تعجيل وزارة التعليم للإجازة الجامعية وإطالة مدتها، حولوا مطالبهم إلى انتقاد ما جاء في رسالة بوتفليقة التي أعلن فيها سحب ترشحه وتأجيل انتخابات 18 أبريل إلى أجل غير مسمى.

وتلخص موقف الطلاب في قول الطالب سفيان (20 عاما) “طالبنا برحيل بوتفليقة.. طالبنا برحيل النظام، أردنا انتخابات من دون بوتفليقة فانتهى بنا الأمر مع بوتفليقة من دون انتخابات”.

هذا وحذرت المعارضة الجزائرية من إقحام الجيش في التجاذبات السياسية، حفاظا على الإجماع الوطني حول المؤسسة العسكرية.

رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع أحمد قايد صالح تعهد من جانبه بأن يحافظ الجيش على أمن البلاد مهما كانت الظروف والأحوال، مشددا على ان الجيش يدرك جيدا كيف يتصرف في الازمات.

لکن مصادر المعارضة ردت على بيان الجيش واعتبرته تدخلا غير مقبول في التجاذبات السياسية.

وفي محاولة لاستيعاب غضب الشارع، کشفت مصادر جزائرية أن بوتفليقة سيحل البرلمان تمهيدا للمرحلة الانتقالية المقبلة، مشيرة الى اخطاره رؤساء المجالس والأمة، والمجلس الشعبي والدستوري، والوزير الأول الجديد نور الدين بدوي بعقد المشاورات التي تسبق قرار حل البرلمان لكن يبدو بان هذه القرارات لم تستطع ان تخمد هذا الغضب حيث استمرت الاحتجاجات يوم امس الجمعة في اجراء البلاد.

وقد خرج مئات الآلاف من المتظاهرين في وسط العاصمة الجزائر يوم أمس الجمعة واحتشدوا في الشوارع والميادين بعد صلاة الجمعة واتشح الكثير منهم بالعلم الجزائري، كما شهدت مدن أخرى مظاهرات من بينها بجاية ووهران وباتنة وتيزي وزو.

وردد العديد من المحتجين شعار "ماكرون ارحل"، حيث يسود الاعتقاد لدى الشعب الجزائري، بأن بوتفليقة يحظى بدعم الرئيس الفرنسي ماكرون.

هذه المظاهرات وصفت بالاكبر وتشكل اختبارا لاستمرار التعبئة الشعبية وتعاطي السلطات معها. خاصة بعد التحاق مزيد من النقابات والجهات بالمتظاهرين، مثل بعض الهيئاتِ القضائية والمحامين وشرائح اخرى، كذلك كان لانشقاق بعض نواب الحزب الحاكم دورا ايضا..

واكد حسين خلدون القيادي في حزب جبهة التحرير الوطني الجزائري الحاكم ان "جبهة التحرير الاصيلة تساند الحراك وتعتبر الحراك الشعبي فرصة حقيقية ودعم معنوي وسند بشري هائل حرر الكثير من اعضاء جبهة التحرير الوطني الذين همشوا واقصوا ".

وتعد التصريحات التي أدلى بها خلدون لقناة النهار التلفزيونية ضربة جديدة لبوتفليقة الذي كان يأمل في تهدئة الجزائريين بالتعهد باتخاذ خطوات لتغيير الساحة السياسية التي يهيمن عليها الرئيس والمقربون منه منذ عقود.

وبينما عبّرت المعارضة الجزائرية عن رفضها القوي لأي تدخل أجنبي تحت أي شكل من الأشكال في الشؤون الداخلية، واستنكرت ما وصفته بسعي السلطة للاستعانة بالخارج للالتفاف على الهبة الشعبية، اعلن بان وفدا رسميا جزائريا سيزور العاصمة الفرنسية باريس حيث سيجري الوفد لقاء مع المستشار الدبلوماسي الفرنسي أوريون لو شوفالييه، ومستشار شمال أفريقيا والشرق الأوسط، يوم الإثنين المقبل، بقصر الإليزيه، للحديث عن المسيرات السلمية وعلاقات البلدين.

ويتوقع استقبال الوفد الجزائري المكوّن، من عدة أشخاص (لم يتم تحديد عددهم بعد) بقصر الإليزيه، وسط توقعات بلقاء الرئيس الفرنسي، ايمانويل ماكرون.

وسيبحث الوفد الجزائري، العلاقات التي تربط البلدين، كما سيخفف من حدة المخاوف، التي تساور بعض الجهات في فرنسا، من تداعيات الاحتجاجات المتواصلة ضد حكم بوتفليقة.

ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في وقت سابق، إلى ”فترة انتقالية معقولة“ في أعقاب قرار عبد العزيز بوتفليقة بعدم الترشح لولاية خامسة ولكنه لم يحدد ما يعتبره مهلة معقولة.

هذا وسيبدأ نائب الوزير الأول، وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة يوم الثلاثاء المقبل، زيارة إلى موسكو، إذ من المتوقع أن يلتقي خلالها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.

وقالت الناطقة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، قولها بأنّ يوم الثلاثاء المقبل، سيشهد مباحثات بين وزير الخارجية الجزائري، رمطان العمامرة ونظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو.

وأشارت إلى أن موسكو تأمل، خلال اللقاء ”الحصول على معلومات من المصدر الرسمي حول الوضع هناك بعد تأجيل الانتخابات“ .

وفي أول تعليق على الاحتجاجات في الجزائر قالت زاخاروفا بأن روسيا تتابع عن كثب التطورات الراهنة وتنظر إليها كشأن داخلي لدولة صديقة لها.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في تصريح لصحيفة ”كوميرسانت“، مؤخرًا: ”إننا ننظر إلى الأحداث الجارية في الجزائر كشأن داخلي بحت لدولة صديقة لروسيا“.

وبينما تسعى السلطات الجزائرية من خلال اتخاذ هذه القرارات والتشاورات على الصعيد الداخلي والخارجي واعلان استعدادها للحوار مع المعارضة لاخماد الاحتجاجات فان المعارضة اعلنت رفضها للقرارات، داعية الجزائريين إلى مواصلة الحراك الشعبي السلمي، الامر الذي وضع هذا البلد امام منعطف خطير ستتضح معالمه في الايام والاسابيع القادمة.