المقاومة تتبع استراتيجية ذكية في مواجهة الاحتلال

المقاومة تتبع استراتيجية ذكية في مواجهة الاحتلال
الإثنين ١٨ مارس ٢٠١٩ - ١١:٢٤ بتوقيت غرينتش

قصفت الطائرات الاسرائيلية قبل ايام مواقع للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة لخلط الاوراق ودفع المقاومة للرد عليها بهدف إثاره جولة مواجهات جديدة، يتمكن قادة الاحتلال من توظيفها لصالح المنافسة الحزبية في سياق الحملة الانتخابية الإسرائيلية، لكن المقاومة استطاعت احتواء الموقف لتفويت الفرصة على الاحتلال وردت على هذه الاعتداءات بعملية سلفيت البطولية بالضفة الغربية في سياق نظرة استراتيجية ذكية.

العالم - تقارير

أكّد الناطق باسم حماس فوزي برهوم، أنّ التصعيد الإسرائيلي على غزة، وقصف واستهداف المدنيين ومواقع المقاومة "جريمة إضافية تضاف إلى سجل الاحتلال الإجرامي بحق الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة".

وبعدما قصف الطائرات الاسرائيلية مواقع للمقاومة في القطاع حملت فصائل المقاومه الفلسطينيه الاحتلال الإسرائيلي تبعات ونتائج هذا التصعيد الذي "يهدف إلى تصدير الاحتلال أزماته الداخلية وخلط الأوراق، وصناعة أزمات جديدة لأهالي القطاع".

وفي الوقت نفسه، شددت المقاومة الفلسطينية على واجبها في الدفاع عن الشعب الفلسطيني والرد على الاعتداءات الاسرائيلية بالاساليب المختلفة التي تعرفها جيدا في تهديد مبطن.

وفي هذا السياق، أكّد الناطق باسم حماس فوزي برهوم أنّ "المقاومة الفلسطينية تعرف طريقها في التعامل مع هذا الكيان المجرم وكسر معادلاته، ولن تتخلى عن واجبها الوطني والأخلاقي في حماية أبناء شعبنا والدفاع عنه، ولن تسمح مطلقاً بأن تكون الساحة الفلسطينية والدم الفلسطيني مادّة للتنافس الإسرائيلي على كسب الأصوات، وعلى الكيان الصهيوني أن يعيد قراءة المشهد جيداً".

وبعد مرور ايام من هذه الاعتداءات فان المقاومة الفلسطينية قامت بعملية بطولية في الضفة الغربية ضد جنود الاحتلال في ضربة موجعة اربكت قادتهم.

وأبدى منفذ عملية سلفيت البطولية في الضفة جرأة عالية خلال تنفيذه العملية المركبة التي أربكت الاحتلال الإسرائيلي على جميع المستويات، إذ طعن الجنود الإسرائيليين على طريقة مهند الحلبي، وأطلق عليهم النار على طريقة باسل الأعرج، واغتنم سلاح الجنود على طريقة صالح البرغوثي، واشتبك مع الجنود من مسافة صفر على طريقة أحمد جرار، واشتبك في "بركان" على طريقة أشرف نعالوة.

وقتل ضابط إسرائيلي ومستوطن (حاخام) وأصيب عدد آخر بجراح، صباح الأحد، في هذه العملية نفذها فلسطينيان-بحسب وسائل إعلام إسرائيلية- استهدفت جنودا ومستوطنين قرب مستوطنات في سلفيت، قبل أن يتمكنا من الانسحاب من المكان بعد اغتنام بندقية أحد الجنود.

وتمثلت في وصول المنفذ إلى مفترق مستوطنة "أرئيل"، وطعن جندي والسيطرة على سلاحه ثم إطلاق النار نحوه، ما أدى لمقتله على الفور، وبعد ذلك جرى إطلاق النار على مركبة مستوطن قريبة فقُتل داخلها، واستقل المنفذ سيارته، وانسحب إلى منطقة أخرى، ولاحقًا اتجه المنفذ إلى مستوطن آخر فأطلق النار عليه وأصابه بجراح خطيرة، وفي وقت لاحق عثر جيش الاحتلال على المركبة في مكان قريب بعد انسحاب المنفذ أو المنفذين.

وشملت العملية ثلاثة مناطق بشكل متتالٍ في غضون نصف ساعة وهي (أرئيل، جيتي أفيشاي، باركان)، ووصفت المصادر العسكرية الإسرائيلية العملية بـ "القاسية جدًا".

واعتبر عدد من الخبراء الفلسطينيين هذه العملية بالمعقدة والنادرة على صعيد التخطيط، والأداء، والتنفيذ، والانسحاب مشيدين بقدرات المقاومة الفلسطينية في الصبر والتنفيذ السريع لعملياتها معا ضد اصعب الاهداف بالضفة.

وفي هذا السياق قال الخبير والمحلل العسكري الفلسطيني واصف عريقات: إن عملية سلفيت معقدة وصعبة في تفاصيلها، إذ أبدى المنفذ مهارة عالية في التنفيذ، وهو أمرٌ ناتج يدل على براعته وتخطيطه الجيد للعملية، مبيناً أنَّ العملية تحمل العديد من الدلالات، إذ أن توقيتها ومكانها يكشف هشاشة المنظومة الأمنية والعسكرية، إذ نفذت العملية في وضح النهار، ونفذت في مكان صعب ومحصن ويتمتع بحراسة أمنية عالية من الاحتلال الإسرائيلي.

وقال: العملية نفذت ببراعة ومهارة عالية على الرغم من تقديرات الشاباك خلال الأشهر الماضية بإمكانية تنفيذ عمليات فدائية في الضفة المحتلة، مضيفاً ""كما أنَّ الاحتلال لم ينجح في احباطها لم ينجح في الوصول الى المنفذ الذي نفذ سلسلة عمليات في ذات التوقيت بكل اريحية".

وأشار الخبير العسكري الى ان تنفيذ العملية يوحي بأن المنفذ استفاد من التجارب السابقة للعمليات الفدائية التي حصلت خلال السنوات الأخيرة، وأنه يتمتع بمهارة عالية، لافتاً إلى ان العملية من فصيلة عمليات "الذئاب المنفردة" وهو أمر يقلق المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، إذ لا تستطيع إسرائيل التنبؤ بوقوع العمليات، ويصعب عليها ملاحقة المنفذ.

وتوقع عريقات استمرار العمليات الفدائية النوعية الموجهة ضد الاحتلال الإسرائيلي، مشيراً إلى أن العلميات الأخيرة توحي بأن الشباب الفلسطيني بدأ يخطط بشكل واعي لعمليات أكثر نوعية من شأنها أن تربك الاحتلال.

بدوره، قال الكاتب والمحلل الصحفي ناصر اللحام " المقاومة في الضفة الغربية لها صفات معروفة، اهمها الصبر طويلا والانتظار كثيرا لحين العثور على اهداف صعبة ومن ثم التنفيذ السريع في توقيت دقيق، عملية الأسير الفتحاوي ثائر حماد في عيون الحرامية والتي قضى فيها على 13 ضابطا عسكريا إسرائيليا، عملية الجهاد الاسلامي في الخليل والتي قتلت 13 ضابطا اسرائيليا على رأسهم الحكام العسكري. عمليات حماس على الطرق السريعة بين المدن والتي رفض خلالها المنفذون قتل أطفال المستوطنين، عملية الجبهة الشعبية تنفيذ حكم الاعدام بالوزير الصهيوني رجبعام زئيفي".

وأضاف اللحام: في الاشهر الأخيرة شهدت الضفة الغربية عمليات نوعية صدمت الامن الاسرائيلي، من ناحية اختيار الاهداف ومن ناحية التوقيت ومن ناحية قوة التنفيذ والتجرؤ على دخول معسكرات محصّنة مثل بيت ايل ودشم عسكرية عليها كاميرات حول رام الله وفي معسكرات يقوم عليها جنود مدججين بالسلاح في شمال الضفة.

وتابع: ومن عملية عوفرا قبل ثلاثة أشهر وحتى عملية أرئيل اليوم، لم يبحث المنفذون عن أهداف سهلة، ما دفع الصحف العبرية للقول: نرسل الجنود لحماية المستوطنين، فمن يحمي الجنود !!

وزاد "لا تقوم خلايا المقاومة بالبحث عن أهداف سهلة، لا يهاجمون حافلة مليئة بالمدنيين ولا سيارة بها زوجة وأطفالها. وانما يستهدفون الجنود أثناء وجودهم في دشم الحماية، وسكان الضفة يعرفون أن هذه هي أصعب الاهداف على الاطلاق من الناحية الأمنية ومن الناحية العسكرية. لا سيّما وان الضفة الغربية لا يوجد بها ذخيرة ولا مصانع ذخيرة وثمن قطعة السلاح فيها يفوق سعر سيارة جيب. ولذلك ذهب منفذ عملية ارئيل واقتحم الدشمة من دون سلاح ناري ولم يحمل سوى سكينا من خلاله سيطر على بندقية الجندي وواصل العملية.

واستطاعت المقاومة الفلسطينية من خلال تنفيذ عملياتها البطولية ومنها عملية سلفيت بان ترد على الاعتداءات الاخيرة في القطاع من جهة والحليولة دون استخدام قادة الاحتلال لقطاع غزة كورقة في صراعاتهم الداخلية على السلطة في ظل الانتخابات القادمة، الامر الذي يدل على الاستراتيجية الذكية التي رسمتها المقاومة للرد على الاعتداءات دفاعا عن الشعب الفلسطيني من جهة وتفويت الفرصة على العدو لتحويل الساحة الفلسطينية كعنصر في ازماته وصراعاته الداخلية من جهة اخرى.