عشية يوم الأرض

مليونية الأرض والعودة تزعزع عرش نتنياهو

مليونية الأرض والعودة تزعزع عرش نتنياهو
الجمعة ٢٩ مارس ٢٠١٩ - ١٠:٤١ بتوقيت غرينتش

یحیي الفلسطينيون اليوم الذكرى الأولى لإنطلاق مسيرات العودة الإسبوعية وهي تتزامن مع يوم الأرض، ما حمل الهيئة العليا لتنظيم المسيرات في قطاع غزة للدعوة لتنظيم "مسيرة مليونية" واضراب عام في الأراضي الفلسطينية المحتلة يوم غد السبت بعد مرور عام على إنطلاق حركة احتجاجات وتظاهرات واعتصامات على طول حدود القطاع مع  كيان الإحتلال الإسرائيلي، للتعبير عن إرادة الشعب الفلسطيني لتحقيق حق العودة، وأنه لن يسقط بالتقادم مهما طال عمر الإحتلال.

العالم- تقارير

وقد جسد الشعب الفلسطيني في غزة مطالباته عبر مسيراته السلمية الأسبوعية والتي استمرت لعدة أشهر. وما أن قام كيان إلاحتلال الإسرائيلي بقمع المسيرات الشعبية بشكل همجي حتى تصدى له الشباب الفلسطيني ليحصن المسيرات الشعبية من خلال الرد على إعتداءات الصهاينة، بإشعال إطارات السيارات لإبعاد المجندين الصهاينة عنهم، إضافة الى استخدام بالونات حارقة ومتفجرة. ولم يتمكن جيش الإحتلال من ردع الشباب الفلسطيني رغم اطلاقه الرصاص الحي والغازات المسيلة للدموع على المسيرات السلمية.

ولمسيرات العودة التي تدشن اليوم عامها الثاني، عدة ميزات نحاول التطرق الى أهمها حسب ما يسمح المقام:

اولا- جولة بومبيو في المنطقة: بعد قرار سمسار البيت الأبيض بمنح كيان الإحتلال الإسرائيلي السيادة على الجولان المحتل، إصطف العالم بكل مؤسساته ليرفض هذا القرار الذي يعتبر تعديا سافرا على كل الحقوق القانونية والشعبية لبلد مستقل عضو في الامم المتحدة، ما حمل كل الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي وكل اعضاء مجلس الأمن سوى ممثل امريكا فيه، للتصدي لهذا القرار واعتباره مخل بأمن واستقرار المنطقة والعالم.

وفي مثل هذه الأجواء تأتي جولة بومبيو لدول المنطقة ليؤكد الصلف الأمريكي في التأكيد على قرارات السمسار الذي يعتقد أن كل شيئ في العالم يمكن أن يتم شراؤه بالمال والتهديد.

فبومبيو الذي زار عددا من دول المنطقة، ركز فيها على عزم سيده السمسار في المضي قدما في تحقيق صفقة القرن وعلى أغبياء الأثرياء من حكام المنطقة تمويل هذا المشروع الأمريكي، وإن توانوا، فعلهيم إختيار إحدى الطريقين، إما الإستمرار في الطاعة العمياء للسيد المتهستر مقابل ضمان بقائهم على العروش المهزوزة، وإما قبول الأمر الواقع بدون الدعم الأمريكي، وهو واقع بات أوضح من أي شيئ آخر أكده سيدهم من البيت الأبيض ولا حاجة لتكراره.

ثانيا- التصعيد الإسرائيلي: كعادته القديمة حاول كيان الإحتلال الإسرائيلي ترهيب الشعب الغزي من خلال تكرار هجماته الوحشية، عسى ان يتراجع الشعب الفلسطيني عن الإستمرار في مسيرات العودة، وإقامة مسيرات مليونية في ذكراها الأولى، لكنه واجه ردا فلسطينيا عنيفا تمثل بإستعداد فصائل المقاومة الرد على أي إعتداء صهيوني، تجسد في التفعيل الذاتي المبكر لصواريخ القسام، ليفهم العدو ان قيادة المقاومة مازالت تؤكد العمل على رفع جهوزيتها التقالية للرد على اي عدوان إذا ما قرر العدو شنه على الشعب الفلسطيني. ولم يكن هذا الإعلان حبرا على ورق بل تجسد بصواريخ طارت من غزة العزة والصمود، لتدك أهدافا إسرائيلية تحاصر القطاع. ما حمل رئيس وزراء كيان الإحتلال للجوء الى مصر عسى ان تتمكن وعبر وساطاتها من تخفيف حدة التوتر مع القطاع، والحؤول دون تسيير مليونية العودة والأرض خلال اليوم الجمعة ويوم غد السبت.

ثالثا- مشروع التهدئة عبر مصر: بدورها حاولت مصر وبعد يوم من القصف الهمجي الإسرائيلي على قطاع غزة، ورد فصائل المقاومة بإطلاق الصواريخ على المستوطنات التي تحاصر القطاع، حاولت تلطيف الأجواء بين كيان الإحتلال الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية في غزة، خاصة بعد أن اصابت بعض الصواريخ تل أبيب بالذات. فبالرغم من كل المواعيد المعسولة التي نقلها المسؤولون المصريون لقادة الفصائل الفلسطينية المقاومة، الا أنها أبت أن تتراجع عن الإستمرار في المشاركة بالإستعدادات الكبيرة لـ "ميليونية الأرض والعودة"، المزمع انطلاقها يوم غد السبت، اضافة الى استمرار مسيرات العودة الأسبوعية. وبالرغم من ان الوفد المصري غادر قطاع غزة عبر حاجز بيت حانون/ "إيرز"، إلا أنه لم يتمكن من إقناع الفصائل الفلسطينية بعدم المشاركة في ميليونية الأرض والعودة. ما يعني ان التوتر الجنوني لدى مسؤولي كيان الإحتلال سيبقى قائما كما كان عليه قبل وصول الوفد المصري الى غزة. الأمر الذي قد يهدد موقع نتنياهو عشية الإنتخابات التشريعية المقبلة.

رابعا- لاءات الأردن: في زيارته الأخيرة لواشنطن التقى الملك الاردني عبدالله الثاني كبار المسؤولين الأمريكيين بمن فيهم وزير الخارجية مايك بومبيو، و جاريد كوشنر، صهر ترامب وكبير مستشاريه، لكنه ما ان عاد للبلاد القى كلمة تختلف عن كلماته السابقات حيث تضمنت ثلاث "لاءات" هي لا للتنازل عن القدس، ولا للوطن البديل، ولا للتوطين. وأن يعارض الملك الأردني مشروع التوطين ضمن الإغراءات التي حمله الجانب الأمريكي بتمويل سعودي، والأردن بأمس الحاجة اليوم للمساعدة الإقتصادية، فهذا أمر جديد، لم تشهد له الساحة العربية مثيلا من قبل. ويرى المراقبون ان معارضة الأردن في لاءته الثالثة تعد رفضا لتطبيق صفقة القرن الصهيو أمريكية المغلفة بغطاء سعودي. وهنا مربط الفرس، وقد يدفع الأردن ثمنها في قادم الأيام .

خامسا- فشل التصعيد العسكري الصهيوني: أما الغارات الهمجية الأخير لطيران الإحتلال وسقوط صواريخه على قطاع غزة واجهت شجبا عنيفا على الصعيدين الإقليمي والدولي، ما حمل الكيان على اللجوء لمصر وتفعيل دور وساطتها مع الفصائل الفلسطينية، الامر الذي بات لا يجدي نفعا، وأبقى الأبواب مشرعة أمام الخيار الفلسطيني في التحضير لتنظيم أكبر ميليونية تشمل التأكيد على حق العودة والإحتفال بيوم الأرض من قبل الفلسطينين يوم غد السبت.

هذا الفشل الإسرائيلي يرى المراقبون انه سيجر نتنياهو إلى حافة الهاوية عشية الإنتخابات التشريعية المزمع عقدها بعد حوالي اسبوعين، في ظل دعوات الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ اكثر من عشرة أيام وإن"مليونية الأرض والعودة" التي ستنطلق يوم غد السبت ستوجه صفعة لنتنياهو قد تتسبب في طرده من الساحة السياسية، والأيام بيننا.

عبدالهادي الضيغمي