هجوم حفتر على طرابلس.. تحريك اقليمي ودولي توازيه حرب إعلامية

هجوم حفتر على طرابلس.. تحريك اقليمي ودولي توازيه حرب إعلامية
السبت ٠٦ أبريل ٢٠١٩ - ٠٥:٠١ بتوقيت غرينتش

أعلنت حكومة الوفاق الليبية استعادة السيطرة على مطار طرابلس الدولي بعد سيطرة قوات خليفة حفتر عليه لساعات، واشارت الى استمرار المعارك في منطقة قصر بن غشير المجاورة للمطار. فيما دعا مجلس الأمن الدولي الى وقف التحركات العسكرية. 

العالم - تقارير

وفي ظل تنديد دولي بالتصعيد في ليبيا ودعوات اقليمية ودولية للتهدئة، تتواصل المعارك في ضواحي العاصمة طرابلس بين قوات القائد العسكري خليفة حفتر وقوات حكومة الوفاق المعترف بها دوليا برئاسة فايز السراج مدعومة بعدة فصائل مسلحة.

وفي جديد هذه العمليات العسكرية، شنت الطائرات التابعة لحكومة الوفاق الليبية اليوم السبت، غارات على معسكر تتمركز فيه قوات خليفة حفتر، في مدينة "مزدة" جنوبي طرابلس.

وقالت وسائل إعلام محلية إن "الطائرات الحربية قصفت مواقع لقوات حفتر في منطقة سوق الخميس جنوبي طرابلس"، فيما نقلت قناة "ليبيا الأحرار" عن مصادر عسكرية لم تسمها، أن طيرانا يتبع لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا، شن ضربات جوية على معسكر تتمركز فيه قوات تابعة لحفتر في مزدة جنوبي مدينة غريان.

ما يسمى "الجيش الوطني الليبي"، بقيادة المشير خليفة حفتر، اعلن اليوم السبت، المنطقة الغربية من البلاد منطقة عمليات عسكرية.

وأكد "الجيش الوطني الليبي"، حظر تحليق الطائرات الحربية غرب البلاد كونها منطقة عمليات عسكرية، مهددا بضرب أي مطار تقلع منه هذه الطائرات.

وكان وزير الداخلية في حكومة الوفاق، فتحي باشاغا قال لقناة العالم إن الوضع الامني داخل مدينة طرابلس جيد وممتاز. وان قوات حفتر استطاعت التسلل الى مطار طرابلس وتعدته، لكن تم ارجاعها وتحرير مطار طرابلس بالكامل.

وكانت قوات حفتر اعلنت انها سيطرت على مطار طرابلس وحي السواني غرب المدينة، بعد سيطرتها على مناطق قصر بن غشير ووادي الربيع. وتوعدت بمواصلة عملياتها لحين تحقيق اهدافها.

رفض دولي

وفي ختام جلسة مغلقة طارئة عقدها مجلس الامن الدولي حول ليبيا، دعا المجلس قوات حفتر لوقف كل التحركات العسكرية واعتبرها تهديدا خطيرا للمسار السياسي محاسبة المسؤولين عن النزاعات.

وقال الرئيس الدوري لمجلس الامن، كريستوف هوسغن: "أعضاء مجلس الأمن أعربوا عن قلقهم العميق إزاء النشاط العسكري بالقرب من طرابلس والذي يهدد الاستقرار الليبي وآفاق وساطة الأمم المتحدة والحل السياسي الشامل للأزمة".

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش التقى في بنغازي خليفة حفتر في محاولة لاقناعه بوقف العمليات العسكرية، قبل أن يغادر ليبيا معربا عن قلقه العميق من الوضع في هذا البلد ومبديا أمله بتجنب حصول مواجهة دامية في طرابلس. لكن حفتر أكد أنه ماض نحو تحقيق هدفه المتمثل بتحرير العاصمة، على حد قوله.

وزير الخارجية الإيطالي إنزو ميلانيزي قال اليوم السبت، إنه يتعين على خليفة حفتر الاستماع إلى تحذيرات المجتمع الدولي ووقف الزحف نحو طرابلس وإلا فإن المجتمع الدولي سيرى ما يمكن عمله.

وقال ميلانيزي للصحافيين بعد اجتماع لوزراء خارجية مجموعة الدول السبع في غرب فرنسا، "أوضحنا موقفنا تماما. نأمل بشدة أن يتم أخذ هذا في الحسبان وإذا لم يحدث ذلك فسوف نرى ما يمكن عمله".

ومن جهته قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إن وزراء خارجية دول مجموعة السبع اتفقوا على الضغط على المسؤولين عن صراع عنيف على السلطة في ليبيا خاصة القائد العسكري خليفة حفتر لتفادي التصعيد العسكري.

وأضاف للصحافيين "اتفقنا على أنه ينبغي علينا استخدام كل الاحتمالات المتاحة لنا لممارسة الضغوط على المسؤولين في ليبيا خاصة الجنرال حفتر حتى نتفادى أي تصعيد عسكري إضافي. اتفقنا جميعا".

وقال ماس بعد اجتماع وزاري، إن كل دولة ستستخدم القنوات الخاصة بها مضيفا أن إيطاليا وفرنسا لهما اتصالات مباشرة مع ليبيا.

وتابع "الوضع يثير القلق بشدة ولا يمكننا قبول أي تصعيد عسكري إضافي".

وحذرت مجموعة السبع السبت، الفصائل المتحاربة في ليبيا من استغلال المنشآت النفطية لتحقيق مكاسب سياسية، في ظل تصعيد في النزاع على السلطة هناك.

ورغم الهدوء الظاهر على العاصمة الليبية طرابلس، إلا أن أطرافها الجنوبية، ما زالت تشهد معارك تدور رحاها في منطقتي "قصر بن غشير" و"وادي الربيع" بحسب رواية شهود عيان من المنطقة.

وتدور الاشتباكات بين قوات تابعة لحكومة الوفاق، وأخرى تدعم حفتر، قدم بعضها من شرق البلاد، والأخرى عبارة عن قوات من الغرب، أعلنت انضمامها لقوات حفتر، كما حدث مع قوات اللواء التاسع في منطقة ترهونة التي أعلنت انضمامها لقوات حفتر الجمعة، وتأكد دخولها لمنطقة الاشتباك في قصر بن غشير ووادي الربيع.

وفي محاولة لقطع طرق الإمداد العسكري واللوجستي عن قوات حفتر، أعلنت قوات من مصراتة سيطرتها على بوابة "ودان" في منطقة الجفرة ، "مقر قيادة عملية تحرير طرابلس التي أعلنها خليفة حفتر ويرأسها اللواء "عبد السلام الحاسي" رئيس غرفة عمليات الكرامة.

وفي ذات السياق، أفادت تقارير بسيطرة قوة حماية الجنوب "المعادية لحفتر" على بوابة مفترق طرق سوكنة – الشويرف التابعة لحفتر في جنوب البلاد وتمكنها من تدمير بعض الآليات وأسر عدد من الأفراد، في محاولة لقطع خطوط الإمداد.

على صعيد آخر، أكد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة "غسان سلامة" إصرار البعثة على تنظيم المؤتمر الوطني الليبي الجامع في موعده المقرر إقامته منتصف نيسان/ ابريل الحالي في مدينة غدامس الليبية.

حرب إعلامية وانعكاس للازمة الخليجية

الى ذلك يرى الكاتب والمحلل السياسي عبد الباري عطوان ان هذه الحرب ليست بين قوات حفتر وقوات السراج فقط، وإنما أيضا بين محطة "الجزيرة" التي تمثل التحالف القطري التركي، وبين قناة "العربية" الداعمة للمشير حفتر، وتمثل تحالفا مضادا تقوده الدول الأربع المقاطعة لقطر، أي مصر والسعودية والإمارات، إلى جانب البحرين.

ويضيف: بمعنى آخر تشهد الساحة الليبية حربا إعلامية تتوازى مع معارك عسكرية دامية على الأرض، سيخرج الفائز منها زعيما لليبيا الجديدة الموحدة، ولكن هذا لا يعني أنها ستكون مستقرة بسبب تعقيدات الأزمة الليبية، والتدخلات الإقليمية والدولية من قبل دول تسعى للاستيلاء على الكعكة الليبية الدسمة، جزئيا أو كليا.

ويقول عطوان إن الإعراب عن القلق من تطورات الأوضاع في ليبيا هو الحاسم المشترك لجميع البيانات والتصريحات التي تصدر عن جهات دولية عديدة هذه الأيام، بما في ذلك مجلس الأمن الدولي الذي عقد جلسة طارئة مساء امس ولكن هذا "التكاذب" يعكس رغبة خفية بدعم المشير حفتر وزحف قواته نحو العاصمة طرابلس تحت عنوان مضلل اسمه القضاء على الإرهاب.

المشير حفتر أقدم على هذه الخطوة في توقيت محسوب بعناية، وبعد أن أخذ الضوء الأخضر من دول خليجية ودولية كبرى، إقليميا مثل السعودية والإمارات ومصر التي زارها قبل أن يطلق رصاصة الزحف الأولى نحو العاصمة، ودوليا مثل روسيا وفرنسا وأمريكا.

الدعم العسكري والسياسي من قبل المثلث السعودي المصري الإماراتي لقوات حفتر لم يتوقف طوال السنوات السبع الماضي، واشتمل على دبابات وعربات مدرعة، ومعدات عسكرية متقدمة، بينها طائرات حربية، علاوة على عشرات المليارات من الدولارات.

تحديد لحظة الصفر للهجوم جاء في وقت تعيش فيه قطر حالة من الحصار، وتركيا تراجع في شعبية الرئيس رجب طيب أردوغان، الداعم الحقيقي لحكومة السراج، وغرق بلاده في أزمة اقتصادية، ربما تتطور في ظل تفاقم خلافاته مع الولايات المتحدة على أرضية صفقة الصواريخ الروسية "إس 400"، كما يرى عطوان.

اطراف دولية تحرك الازمة

ويرى خبراء في الشأن الليبي ان هناك دائرة اكبر من الدائرة الإقليمية تحرك الصراع في ليبيا، وهي فرنسا وايطاليا، الدولتان المتصارعتان على الكعكة الليبية، وتدعمان في الخفاء والعلن اطرافا تتحالف معهما في سبيل تحقيق مكاسب اقتصادية.

كما يؤكد الخبراء ان الولايات المتحدة هي المسبب الاكبر للازمة في ليبيا بسبب تدخلها منذ الوهلة الاولى لانطلاق الثورة ضد نظام القذافي ودعمها المتناوب لجهات سياسية وقبلية وفصائل مسلحة معينة، بالاضافة الى انباء احضارها دواعش الى بعض المناطق الليبية لبث الاضطرابات في هذا البلد وليكونوا ذريعة لشن عمليات عسكرية لها اهداف اوسع بكثير من هدف القضاء على الارهاب.

احمد الموسوي