من المستفيد من بقاء مخيم الركبان ؟

من المستفيد من بقاء مخيم الركبان ؟
الأحد ٠٧ أبريل ٢٠١٩ - ٠٥:١٨ بتوقيت غرينتش

دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأحد إلى إغلاق مخيم الركبان على الحدود الأردنية السورية وعودة عشرات الآلاف من السوريين العالقين فيه إلى بلداتهم وقراهم.

العالم - تقارير

وقال لافروف في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأردني أيمن الصفدي في عمان، "ناقشنا قضية مخيم الركبان على الحدود السورية الأردنية، ونحن ندعو إلى إغلاق هذا المخيم في أقرب وقت ممكن".

واضاف، إن "الركبان ليست قريبة من قاعدة أمريكية فحسب بل أعلن الأمريكيون من جانب واحد أيضا بعض المناطق الأمنية في محيط التنف بمساحة 55 كيلومترا مربعا"، مشيرا إلى أنه "ليس من الواضح كيف يبررون وجودهم إنه إحتلال فعلي".

من جانبه، قال الصفدي إن "موقفنا واضح"، موضحا أن "الحل الأساس والحل الجذري للركبان هو في عودة قاطنيه إلى مناطقهم". وأكد أن "ظروف التوصل إلى هذا الحل باتت متاحة الآن".

ويعيش في مخيم الركبان نحو 45 ألف مهجر سوري تنتشر بينهم حالة جوع و اوبئة فتاكة وأمراض وفوضى امنية ووجود إرهابي ملحوظ لتنظيم "داعش"، حتى انه يبدو خالياً من أي نوع من الرعاية الأميركية باستثناء التحريض على الدولة السورية والترهيب من العودة الى ديارهم بذرائع الخوف عليهم من ما يسميه الأميركيون "انتقام الجيش".

ويعرقل الأميركيون أيّ مشروع لحلّ مشكلة مخيم الركبان بالقرب من حدود سوريا مع الأردن والملاصق لقاعدة التنف الأميركية التي تنتصب عند زاوية تربط بين سوريا والعراق والأردن.

هناك اربعة أطراف تسيطر على المخيم: أولها قادة عشائره والمتنفذون فيه، هؤلاء يشجعون على العودة السريعة لزوال كل المخاطر التي تسببت بالنزوح.

الأردنيون هم الطرف الثاني وهؤلاء لا يقلون حماسة عن شيوخ عشائر الركبان بالدعوة الى العودة الى الديار. فالأردن على مشارف ازمة اقتصادية لا تنفك تتفاقم.

اما الأميركيون فهم الجهة الثالثة ذات النفوذ القوي في مخيم الركبان وذلك لأسباب عدة: أولها أنهم يمتلكون قاعدة التنف العسكرية القريبة من المخيم، التي تزعم أنها تحميه، لكنها فعلياً تطوّقه وتمنع نازحين من حرية الحركة.

والطرف الرابع هو "داعش" الإرهابي الذي يمارس قمعاً يصل الى حدود التصفية لكل من تسول له نفسه القبول بالعودة الى الديار السورية، وذلك على مرأى من قوات أميركية تفتعل العمى والصمم في حركة تشجيع لأفعال "داعش".

يتبين ان هناك التقاء في الرأي بين الأردن وقادة العشائر وروسيا الى جانب الدولة السورية تفتح ذراعيها لعودة النازحين مقابل الأميركيين والإرهاب الداعشي، الرافضين لأي شكل من اشكال العودة.

لذلك ينبثق سؤال عن مدى اهمية هذا المخيم للاطراف المعترضة على تفكيكه؟

بما ان هذا المخيم يُشكل واحداً من نقاط بسيطة لا يزال فيها إرهاب داعشي، فبالمحافظة على المخيم تبقى جماعة داعش على دورها وتحتمي من الدولة السورية بالقوة العسكرية الأميركية في قاعدة التنف، كما وتُمسك بخط مرورها نحو الأردن وربما الى مناطق الأنبار في العراق برعاية أميركية لبناء ادوار جديدة في أي مكان.

اما الأميركيون فيعتبرون ان مخيم الركبان يلبي حاجتهم الى منع الاستقرار السوري في الجنوب، مدافعاً ايضاً عن قاعدة التنف الأميركية آخر موقع نفوذ أميركي في كامل الجنوب السوري، وللتنف اهميات ضخمة واستراتيجية تبرزُ مدى الحرص الأميركي على المخيم، فهي قاعدة بين الحدود العراقية السورية الأردنية، تمارس تأثيراً على حركة الانتقال بين البلدان الثلاثة بواسطة قواعدها الجوية القريبة التي تستطيع تلبية قاعدة التنف بمعلومات عن كل ما يتحرك عند الخطوط الفاصلة بين سورية والأردن والعراق، فيصبح بوسعها تعطيل اي تنسيق عراقي سوري أو أردني سوري او بين الدول الثلاث.

لذلك فإن مخيم الركبان هو خط الدفاع الاول عن الأميركيين في قاعدة التنف وادوارها الجيوبوليتيكية وهذا ليس بكافٍ، فمخيم الركبان يؤجل ايضاً معركة شرق الفرات التي لا يمكن البدء بها قبل الانتهاء من المخيم وجارته القاعدة الأميركية.

فشرق الفرات محتل من أطراف اساسية هم القوات الأميركية التي يعاونها تحالف اوروبي ذو وزن خفيف و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) الكردية.

هؤلاء هم المستفيدون من منع عودة النازحين من مخيم الركبان الى مناطقهم السورية، فلا تصل القوات السورية وحلفاؤها إليهم، وتتأجل المعركة المصيرية لتحرير «الشرق» الى إشعار مجهول.

هناك اشارة اضافية تكشف ان التهديد التركي لقسد ليس جدياً بدوره لأن بقاء هذه المنظمة الكردية يمنح الترك مبرراً للبقاء في شمال سورية والشمال الغربي في حين أن زوالها ينزع من انقرة كل مبرر لاحتلال أجزاء سورية.

وهذا يكشف لماذا يؤيد كل من الإسرائيليين والأميركيين والأتراك والأوروبيين وداعش و... عدم عودة النازحين السوريين الى مناطقهم.