هل تطرد قطر 300 ألف مصري عاملين فيها انتقاما من مصر؟

هل تطرد قطر 300 ألف مصري عاملين فيها انتقاما من مصر؟
الإثنين ٠٨ أبريل ٢٠١٩ - ٠٤:٣١ بتوقيت غرينتش

هل “تَطرُد” قطر 300 ألف مُواطن مصري عاملين في الدوحة انتقاماً أم تُعيد تذكير حُكومة السيسي بجميلها فقط؟.. وهل تستطيع السعوديّة والإمارات توظيفهم؟.. وكيف دخلت ليبيا ومعركة طرابلس على مشهد الخِلاف الإعلامي بين الدوحة والقاهرة وهل المشير حفتر مُجرّد “عسكري انقلابي” على حُكومة شرعيّة؟

العالم - مقالات وتحليلات

تذهب السّلطات المِصريّة بعيداً في خِلافها مع قطر، وتُطبّق تعاليم دول المُقاطعة الخليجيّة وعلى رأسها السعوديّة للأخيرة، فلا كلام، أو سلام، والأماكن مُتباعدةٌ جدّاً بين الزعيمين المصري، والقطري في قمّة تونس، بل إنّ الإعلام المصري، يُواصل حملاته الهُجوميّة على قطر، وتركيا، ومن خلفهم جماعة الإخوان المُسلمين، المدعومة بطبيعة الحال من الدولتين المذكورتين، فكُل مُصيبة تقع بحسبه، مسؤوليّتها هذه الحركة، التي بالمُناسبة يقبع أغلب قياداتها خلف القُضبان.

يستعر الخِلاف السياسيّ مُجدّداً بين البلدين، على خلفيّة تقدّم قوّات المشير خليفة حفتر في ليبيا، ونحو العاصمة طرابلس، فيذهب الإعلام المصري داعماً للمُشير الذي يتقدّم نحو العاصمة لمُحاربة الإرهاب، وتوحيد البِلاد، وهو دعمٌ سعودي إماراتي كذلك، لكن القناة “القطريّة” قناة “الجزيرة” ومن خلفها السلطات، ترى في ذلك الهُجوم الذي يقترب من إطباق السيطرة على العاصمة، نموذجاً مُعاداً لسُلطة العسكر، وانقلاباً على الرئيس الشرعي المُنتخب محمد مرسي، تماماً كما سيحصل مع حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج المُعترف بها دوليّاً، والمدعومة عسكريّاً من تركيا، وإعلاميّاً من قطر، وربّما ماليّاً، ويتردّد أن المشير حفتر يحظى بدعمٍ عسكريّ مصري.

“الجزيرة” لا تقل عن شراسة الإعلام المصري بالطبع، في التفرّغ لمُهاجمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتقديم كُل ما يُمكن أن يُشوّه صورته، واستضافة المُعارضين له، ضمن تغطيات وتقارير مُتواصلة، وهي معركة فيها من الكر والفر، ولم تخرج إلى الآن عن أرض المعركة الإعلاميّة، على الأقل من الناحية القطريّة، فالعامل الاقتصادي ورقة ضغط كبيرة، لم تستخدمها قطر.

رئيس مجلس الشورى القطري أحمد آل محمود، وعلى هامش أعمال الجمعيّة العامّة للاتحاد البرلماني الدولي 140، قال في لقاء مع قناة (RT)، إنّ 300 ألف مصري، ومصريّة يعملون في قطر، لم يتم طرد أيّ منهم، عند اندلاع الأزمة الخليجيّة، وهو خلاف ما فعلته دول المُقاطعة، وطلبت من القطريين المُغادرة لوطنهم، حتى المرضى أخرجتهم من المُستشفيات وأبعدتهم.

ويُضيف آل محمود، أن بلاده على يقين أن مصر ستتأثّر بشكلٍ كبيرٍ، لو تم طرد العاملين المصريين، وهذا ما لا ترضاه الدوحة، خاصّةً أن المُتضرّر الأوّل سيكون المواطن البسيط الذي لا علاقة له بالخِلاف القائم بين الدول.

الورقة الاقتصاديّة، التي يُلوّح بها رئيس مجلس الشورى، قويّة، ولافتة، وهي إعادة تذكير قطري أو تحميل جميل كما يصفه مراقبون، لحكومة الرئيس السيسي التي تُقاطعهم، وتذكير بالأضرار الاقتصاديّة النّاجمة في حال عودة ربع مليون مصري، على الاقتصاد المصري، الذي يُعاني أساساً، وتهديد مُبطّن بإمكانيّة طردهم، وإن كانت الدوحة وعلى لسان رئيس مجلس شورتها، تُبدي حِرصها على المُواطن البسيط كما قال، الذي لا علاقة له بالخِلافات بين الدول، لكن في السياسة أوراق الضغط قد تحضُر في اللّحظات الحرِجَة، أو النّوايا مُسبقة التّحضير، يقول المراقبون.

في الضفّة المُقابلة، أيّ في المصريّة، تُواصل وجهات نظر تأكيدها على أنّ الحُكومة المصريّة، لديها من حلفائها الخليجيين ما يكفي أي السعوديّة والإمارات النفطيّة الغنيّة التي يُمكن لها أن تسد هذا العجز الذي قد ينتج عن عودة ربع مليون مصري، وحوالاتهم الماليّة التي تُنعش الاقتصاد، في حال قرّرت الدوحة الانتقام من حُكومتهم اقتصاديّاً، وتشغيلهم في تلك الدول المذكورة، بل إنّ وجهة نظر أخرى تذهب بأكثر من ذلك، وتقول أنّ المصريين المُتواجدين هُناك، يحملون أفكار جماعة الإخوان المُسلمين، وعليه تُبقي عليهم الدوحة بكُل الأحوال.

تواصل الأزمة الخليجية، قد لا يصُب في مصلحة المشروع الأمريكي لمُحاربة إيران، وهي أزمة يبدو أنها استعصت على الحل، ولا يلوح أيّ حل في الأفق على الأقل حتى الآن، لا بل إن تلك الخلافات، بدا أنها تخدم المصالح التركيّة، والإيرانيّة، وحتى السوريّة، بالنّظر إلى تصريحات الأمير تميم بن حمد الأخيرة التي حمّل فيها أطرافاً دوليّةً، مسؤوليّة تطوّر الأزمة السوريّة، وبالطّبع دون تبرئة النظام السوري، لتُطرح التّساؤلات حول أوراق الحليفين السعودي، والإماراتي، التي يُمكن أن يلعبا بها للضّغط على الإيراني والتركي، حليفيّ قطر الآن للمُفارقة، أتكون الإجابة بالقضاء على الحُضور الإيراني في العراق ماليّاً، والسيطرة على طرابلس الليبيّة على يد حفتر، وتوجيه صفعة قويّة للتركي؟!

“رأي اليوم”- خالد الجيوسي