حينما تقف السعودية والامارات متفرجين على سقوط حليفهما!

حينما تقف السعودية والامارات متفرجين على سقوط حليفهما!
الخميس ١١ أبريل ٢٠١٩ - ٠٦:٠٣ بتوقيت غرينتش

عزل الجيش السوداني رئيس بلاده عمر البشير في 11 أبريل/نيسان 2019 بعد أن واجه مظاهرات معارضة انطلقت في ديسمبر/كانون الأول كانت الأكثر خطورة على نظام حكمه، إذ دفع ضغط الشارع لعدة أشهر القوات المسلحة إلى إعلان "اقتلاع" نظام البشير واحتجازه فيما وقف حلفاءه مثل السعودية والإمارات متفرجين ينتظرون سقوطه.

العالم - العالم الاسلامي

وكان صحيفة "الراكوبة" السودانية افادت بأن الرئيس السوداني، حاول ليلة أمس الهرب إلى دولة خليجية منحته فرصة اللجوء إليها.

ونقلت الصحيفة عن مصادر "مطلعه"، أن "البشير حاول الهرب إلى دولة عربية ولكن تلك الدولة قامت لاحقا بسحب دعوتها ورفضت استضافته، لذلك لم يجد أمامه شيئا سوى البقاء".

وبدأت المظاهرات في السودان في 19 ديسمبر/كانون الأول 2018 احتجاجا على رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف، لكن سرعان ما تحولت إلى احتجاجات ضد حكم البشير، وسط أزمة اقتصادية خانقة كانت نتيجة تطبيق خطة صندوق النقد الدولي فشهدت معدلات التضخم ارتفاعا كبيرا.

ووصل عدد القتلى في حركة الاحتجاج المستمرة منذ بدئها إلى 49 بحسب السلطات. لكن منظمات غير حكومية تؤكد أن الحصيلة أكبر.

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يشهد فيها السودان مظاهرات ضد البشير، إذ سبق أن قامت تحركات احتجاجية ضده في سبتمبر/أيلول 2013 وفي يناير/كانون الثاني 2017، لكن وكما كان المحللون قد رجحوا في الفترة الأخيرة، شكلت مظاهرات 2018/2019 الضربة القاسمة لنظامه.

وكان البشير قد تولى السلطة إثر انقلاب عام 1989، وقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحقه.

والبشير الذي حكم السودان 30 عاما، قد انتخب لولاية رئاسية في آخر مرة في أبريل/نيسان 2015 بعد أن حصل على 94 في المئة من أصوات الناخبين.

ووعد البشير بإصلاحات اقتصادية، وأوغل بالحديث عن المخططات والمؤامرات التي تحاك لبلاده، ليصل أخيرا للتضحية بحكومته، لكن كل هذا جاء متأخرا ولم يسعف الوقت البشير لإقناع الشارع المتأجج أو حتى حزبه الذي تخلى عنه بعقد اتفاقيات مع قوى المعارضة بينما كان البشير بأمس الحاجة لدعمه.

السعودية والإمارات فكلاهما كانا ينظران إلى البشير بصفته الرئيس الداعم لمواقف البلدين في العدوان على اليمن، ويشارك بجنوده في عدوان لا أحد يعرف مداها الزمني حتى الآن، في ظل تعثر التحالف عن تحقيق تقدم ميداني على الأرض، وفشل متصاعد للمشاورات السياسية بين الأطراف اليمنية.

وكان من الملفت عدم صدور أي رد فعل داعم للبشير من الرياض وأبوظبي خلال الاحتجاجات في السودان. ولم تعرب العاصمتان العربيتان عن دعم واضح لنظام الرئيس السوداني، بالرغم من انخراط الخرطوم في العدوان على اليمن. ويتساءل البعض ما إذا كان حجب السعودية لدعمها العلني عن الخرطوم راجع لحفاظ السودان على علاقات متينة مع كل من قطر وتركيا وعدم اتخاذه موقفًا مُعاديًا من قطر خلال الأزمة الخليجية، إضافة إلى أنه منح تركيا جزيرة سواكن الاستراتيجية التي منحت إسطنبول دورًا في صراع السيطرة على مواني البحر الأحمر.

البشير كان يعول على المزيد من الدعم الخليجي واكد على بقاء جنود بلاده في اليمن في رسالة ناشد من خلالها الدعم العاجل لاسيما من السعودية والامارات أو حتى قطر التي رفض مقاطعتها انسجاما مع توجهات الامارات والسعودية ومصر والبحرين، لكن الرد جاء مخيبا ومن عبر القنوات الفضائية الخليجية، فبدلا من أن تخفف السعودية اعلاميا على نظامه، وسعت قنواتها كالعربية والحدث من مساحة التغطية للاحتجاجات اليومية في السودان في الوقت الذي اتهمت فيه صحف سودانية الدول الخليجية بالمشاركة في مؤامرة مع الموساد لإسقاط النظام.

فالدول الخليجية، لم تعد بحاجة للبشير، وقد أوكل سفير السعودية في الخرطوم مهام التجنيد لزعماء ميليشيات الجنجويد في الجنوب، بحسب ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز، واستطاعت السعودية عبر هؤلاء المتهمون بجرائم إبادة واغتصاب من تجنيد قرابة 14 ألف مرتزق تسند إليهم مهمات القتال الرئيسة في اليمن، وفقا لذات الصحيفة.

هذه الخطوة التي مكنت الرياض وأبوظبي من تجنيد الاطفال غير المدركين لجسارة المعركة وما ينتظر مصيرهم خففت أيضا على الرياض ماليا، فاستبدلت ملايين الدولارات للبشير بعشرات الآلاف للمجندين وزعمائهم في دارفور ليدخل معها البشير في نكسة اقتصادية دفعت البلد المثخن بالصراعات إلى الهاوية.

وراى المراقبون في التراخي السعودي عن الوقوف إلى جانب الحكومة السودانية في معالجة الأزمات الحالية التي تعصف بالبلاد رأوا فيها إنكارا للجميل وعدم وفاء لحكومة قدمت تضحيات لصالح الرياض وهي اكثر حتى مما كان السعوديون يتوقعون إذ قطعت الخرطوم العلاقات مع إيران وتخندقت إلى جانب الرياض وبشكل غير مبرر مارست الهجوم علنا على إيران بكلام تعرف أنه غير صحيح وصولا إلى أبعد نقطة يمكن تصورها وهي الزج بالاف الجنود السودانيين في العدوان على اليمن خدمة للسعودية ودفاعا عنها مع أن قطاعا واسعا في الشارع السوداني لم يكن يتفق مع هذه الرؤي ولم يوافق على الدخول في العدوان على اليمن لكن البشير وقف ضد إرادة شعبه وساند السعودية التي لم ترد له الجميل ولم تف له بوعودها المتكررة والغصة تملأ حلوق مؤيدي الحكومة والمناصرين للسعودية المعترضين على أي هجوم عليها أو انتقاد لموقفها.

وبحسب الخبراء السعودية لاتعبأ بمن يتولي السلطة في السودان، البشير وغيره عندها سواء وهذا لم يكن البشير يتوقعه مطلقا بل انتظر منها على الاقل دعما سياسيا وتأييدا لحكمه طالما أنها قبضت يدها واحجمت عن حل المشكلة الاقتصادية. انه موقف سعودي واضح ولو نتذكر عندما انتفض الشعب المصري على حسني مبارك أعلنت الرياض مباشرة وصراحة ودون مواربة أنها تقف إلى جانب الرئيس مبارك وأنها ضد أي محاولات للإطاحة به ورأت فيه ضمانة استقرار لمصر ولم تقل انها لا تعبأ بمن يحكم مصر وانما حددته بالاسم ولم ترتض سواه وهنا لم تقل هذا الكلام في الرئيس البشير وهذا ما يكون أصعب عليه من انتفاضة الشعب .