ماذا يعني إلغاء مُشاركة وفد إسرائيلي في مُؤتمر بالمنامة؟

ماذا يعني إلغاء مُشاركة وفد إسرائيلي في مُؤتمر بالمنامة؟
الإثنين ١٥ أبريل ٢٠١٩ - ٠٥:١٣ بتوقيت غرينتش

دائمًا هُناك نُقاط ضُوء ساطِعة في منطقة الخليج الفارسي تكشِف عن معادن شُعوبها الوطنيّة المُشرّفة في ظِل تهافُت مُعظم الحُكومات على التّطبيع مع الاحتلال الإسرائيليّ، ونجاح القِوى الوطنيّة الحيّة في البحرين وبرلمانها وشارِعها في إلغاء زيارة وزير الاقتصاد الإسرائيليّ إيلي كوهين للمنامة للمُشاركة في مؤتمر الـ”ستارت آب” الدوليّ الذي بَدأ اعماله اليوم، يجِب أن يكون قدوة حسَنَة، ومِثالًا يُحتذى في أكثر من عاصمة عربيّة وخليجيّة.

الحُكومة الإسرائيليُة أعلنت أمس الأحد، وبشكلٍ رسميٍّ، عن إلغاء هذه المُشاركة لوفدِها الضّخم الذي يتكوّن عدد أفراده من 30 شخصًا إلى جانب الوزير، من ضمنهم رئيسه سلطة الابتكار آنيا الدان، وعدد من رجال الأعمال، وقالت إنّ الإلغاء جاء لأسبابٍ أمنيّةٍ.

الوزير الإسرائيلي تلقّى دعوةً رسميّةً من نظيره البحريني للقيام بهذه الزيارة، وسط تقارير صحافيُة تُؤكّد أنّ البحرين ستكون الدولة الخليجيّة الثّانية التي ستفرِش السجُاد الأحمر استقبالًا لبنيامين نِتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بعد سلطنة عُمان.

الأسباب الأمنيّة التي دفعت الحُكومة الإسرائيليّة إلى إلغاء هذه المُشاركة تتمثّل في الرّفض الشعبيّ الكاسح لها، وتهديدات النُشطاء بتنظيم مُظاهرات احتجاجيّة كبيرة ضدّها، أمام مكان الاجتماع، وهي الاحتِجاجات التي لو اشتعل فتيلها ربّما تتجاوز مطالبها مُعارضة التُطبيع مع الإسرائيليين من حيثُ مُحاكاة نظيراتها في الجزائر والسودان، والمعنى في بطنِ الكاتب.

شعرنا في هذه الصّحيفة “رأي اليوم” بألمٍ كبيرٍ ونحنُ نُشاهد نِتنياهو وهو يحط الرّحال في مسقط، في شهر تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي، وتضاعف هذا الألم عندما قامت ماري ريغيف، وزيرة الثّقافة والرياضة العنصريّة الإسرائيليُة بزيارةٍ رسميّةٍ أُخرى إلى ابوظبي على رأس وفد رياضي كبير شارك في مُسابقة رياضيّة للعبة الجودو، وبعدها وفد آخر حطّ في الدوحة حيث جرى عزف النّشيد الإسرائيليّ الذي ينضح عُنصريّةً ضِد العرب والمُسلمين.

لا نشُك لحظةً في المشاعر الوطنيُة للأشقّاء في جميع دول الخليج الفارسي دون استثناء، ومُعارضتهم لأشكال التّطبيع كافّة مع دولة تحتل فلسطين والأقصى وهضبة الجولان، وأجزاء عديدة من جنوب لبنان، وترتكب جرائم حرب في قِطاع غزّة، وقبلها قي قانا وبحر البقر، والقائِمة تطول، وشاهدنا كيف تصدّى رئيس البرلمان الكويتيّ المُنتخب وزملاؤه في اجتماع اتّحاد البرلمانات العربيّة في الأردن قبل شهر لمُحاولة بعض رؤوساء الوفود حذف مادّة في البيان الخِتامي تُجرّم التّطبيع.

من يُريد التّطبيع وإهانة المُقدّسات المحتلة، والمُرابطين الصّامدين في وجه الاحتلال في القدس المحتلة هي الحُكومات المُتواطئة التي جعلت من إسرائيل حليفًا وصديقًا بضُغوطٍ أمريكيّةٍ، واعتقدت أنّ الشّعوب استسلمت، وباتت تتقبّل هذه الإهانات، وها هو شعب البحرين وقُواه الحيّة يكشِف كم هي مُخطئة.

شُكرًا من القلب للشعب البحرينيّ الشّقيق بكُل ألوانه الحزبيّة السياسيّة والمذهبيّة، الذي كشف عن أصالته وتمسّكه بقيمه العربيّة والإسلاميّة، وقال “لا” كبيرة لوجود وفد إسرائيلي مُلطّخة أياديه بدم المُقاومين على أرض بلاده، وتكلّلت جُهوده المُباركة في إلغاء هذه المُشاركة بالنّجاح الكبير، ونتمنّى لأشقائنا في الإمارات وسلطنة عُمان وقطر التحرّك في الاتّجاه نفسه ووقف كُل أشكال التّطبيع المُهينة والمُخجِلة، ونحن على ثقة بأنّه سيسيرون على طريق الشّرف والكرامة والوطنيّة نفسه الذي سار عليه شعب البحرين الشّقيق، وسيوقفون زيارات وفود إسرائيليّة استفزازيّة لأراضي بلادهم.

“رأي اليوم”