المواقف الدولية والاقليمية واثرها على الثورة السودانية

المواقف الدولية والاقليمية واثرها على الثورة السودانية
السبت ٢٧ أبريل ٢٠١٩ - ٠٣:٥٤ بتوقيت غرينتش

ثلاثة اسابيع انقضت منذ الاعلان عن اقتلاع حكومة الرئيس السوداني السابق عمر البشير وتسلم السلطة من قبل مجلس عسكري انتقالي قاد دفته في المرحلة الاولى الفريق عوض بن عوف وزير دفاع الرئيس المخلوع ونائبه الاول ..

العالم - قضية اليوم

الامر الذي شكل صدمة للشعب السوداني لمعرفتهم بحقيقة الرجل وولائه المطلق لرئيسه وفسروا الامر على انه مسرحية سيئة الاخراج اعلنوا على اثرها مواصلة الضغط الشعبي وطالبوا باسقاط ابن عوف الذي لم يصمد طويلا امام رياح التغيير العاتية فاعلن استقالته وسلم مقاليد المجلس للفريق عبد الفتاح البرهان ، استبشر الثوار بهذه الخطوة ولكنهم ادركوا حينها قوة ونجاعة سلاح الاعتصام الشعبي في تحقيق كافة المطالب وعلى رأسها تسليم السلطة للقوى المدنية وعودة الجيش الى ثكناته .

تباينت المواقف الاقليمية تجاه هذه الثورة كتباين الاقليم حيث سارعت الامارات والمملكة السعودية بمباركة المجلس العسكري وارسلت وفودا رفيعة المستوى التقت البرهان ونائبه الفريق محمد حمدان دقلو ، واعلنت الرياض وابوظبي عن دعمهما للمجلس وتقديم مساعدات سخية انعكس هذا الدعم مباشرة خلال تصريحات المتحدث باسم المجلس العسكري بالتأكيد على بقاء القوات السودانية المقاتلة في اليمن ، موقف قوبل بالرفض من قبل المعتصمين امام القيادة العامة للقوات المسلحة ورفعوا لافتات طالبوا خلالها بالوقف الفوري للتدخلات السعودية الاماراتية في الشأن السوداني واعادة افراد الجيش السوداني المقاتلين في اليمن الى البلاد ،كما انعكس ذلك من خلال المخاطبات الجماهيرية امام قيادة الجيش . وتوقع الكثيرين ان تدرج هذه المطالبات ضمن المطالب التي حملها ممثلوا اعلان الحرية والتغيير خلال لقائهم قادة المجلس العسكري ، الا ان ذلك لم يحصل ولعل هنالك توافق ضمني على عدم الخوض في تفاصيل جزئية وارجاء الامر الى مابعد تسليم السلطة لقوى مدنية ومن ثم النظر في الموضوع في اطار استراتيجيات السودان بعد البشير وهذا ما لاحظناها خلال كتابات وخطابات العديد من قيادات قوى الحرية والتغيير .

الموقف المصري هو بطبيعة الحال يتناغم مع المواقف السعودية والاماراتية لما للدولتين من نفوذ في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي ولعل القمة الافريقية التي دعا لها السيسي جاءت لاكمال الدور الذي بدأتة السعودية والامارات حيث اتّفق القادة الأفارقة على الحاجة إلى ثلاثة أشهر للانتقال إلى حكم مدني في السودان.وأثار بيانهم غضب المتظاهرين الذين احتشدوا أمام السفارة المصرية الخميس الماضي منددين بالخطوة ومطالبين الرئيس السيسي بعدم التدخل في شؤون بلادهم، خصوصا أنّ الاتحاد الإفريقي كان قد حدّد نهاية نيسان/أبريل مهلة للمجلس العسكري لتسليم السلطة لحكم مدني أو مواجهة تعليق العضوية من الكتلة التي تضم خمس وخمسين دولة.

المواقف الدولية كانت في اغلبها مؤيدة للجماهير السودانية وطالبت بالاسراع في عملية الانتقال السلمي لسلطة مدنية ، فقد ألقت واشنطن بثقلها خلف المتظاهرين وقالت مساعدة وزير الخارجية الاميركية ماكيلا جيمس الثلاثاء إنّ واشنطن تدعم المطلب الشرعي للشعب السوداني بحكومة يقودها مدنيون، وحضّت جميع الأطراف على العمل لتحقيق ذلك.

ويرى مراقبون ان نقل الأزمة الداخلية بكل تداعياتها ومُضاعفاتها إلى الخارج، وتدويل الخلافات بين المجلس العسكري الانتقالي و الأحزاب والتنظيمات والنشطاء السياسيين، وخُطُورة مثل هذه المساعي، سترهن إرادة البلاد للخارج وتحشر أنوف القُوى الأجنبية في شأنٍ محلي يمكن احتواؤه وحله دون الحاجة إلى عامل من خارج الحدود، وربما تفقد القوى ومكوِنات العمل السياسي السودانية قُدرتها على تأسيس مواقف مستقلة ووطنية إذا اختارت هذا الطريق مستنصرةً بالخارج وغيرعابئة بأهمية حصر الخلافات داخل البيت الوطني ومعالجتها بالحكمة والتعقّل المطلوب.

ويرى اخرون ان تحالف قوى الحرية والتغيير يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية لاستقوائه بالخارج واشراكه لسفارات وقنصليات خارجية وتمليكها ادق تفاصيل سير العملية التفاوضية الجارية مع المجلس العسكري

بدورها تقول قوى الحرية والتغيير التي حصلت على تنازلات كبيرة في الايام الاخيرة من قبل المجلس العسكري واعتراف ضمني لها بقيادة الثورة ، تقول انها تراهن على ارادة واصرار الشعب السوداني ووقوفه خلفها لتحقيق المطالب المشروعة ولاتعول كثيرا على الخارج لاسيما انه لم يقف الى جوارها ويساندها خلال عملها النضالي قبل اسقاط البشير ، فبالتالي لايمكن الاعتماد عليه في الوقت الراهن .

الاحداث المتسارعة في السودان والضغط الشعبي المتزايد سيجبر العسكر لامحالة في النهاية للنزول عند رغبة الجماهير وتسليمهم السلطة ، ولكن يجب توخي الحيطة والحذر من مخططات دول الاقليم التي تتربص بالسودان الدوائر وتخشى نجاح ثورته وما سيترتب عليها من تغيير وربما شمل هذا التغيير ممالك وامارات تظن نفسها عصية على طوفان الثورات وبراكينها.

اسامةالشيخ – العالم