في ظل دعوة قطر إلى قمم مكة...

كيف تدعو دولة تتهمها بالإرهاب وتزعم توحيدك الصف ضده؟!

كيف تدعو دولة تتهمها بالإرهاب وتزعم توحيدك الصف ضده؟!
الأربعاء ٢٩ مايو ٢٠١٩ - ٠٧:٤٧ بتوقيت غرينتش

ما أن أُعلن رسمياً عن تلقي قطر دعوة لحضور قمم مكة المقرر عقدها نهاية الشهر الجاري حتى بدأ اللطم على تويتر وفي الأبواق الإعلامية السعودية المحسوبة على أبوظبي التي تتمسك بتعميق الأزمة الخليجية وضرب أي تقارب أو توافق خليجي كان أم عربي. 

العالم- مقالات وتحليلات

الدعوة بالطبع أخرست محللي المعدة والمطبلين التي استضافتهم القنوات السعودية والإماراتية على مدار الأيام الماضية حتى أن أحدهم تبجح بالقول إنه لن تتم دعوة الدوحة أصلاً ولا للقمة الخليجية حتى باعتبارها عضوا مؤسساً لمجلس التعاون !!!

ولما تسلمت قطر الدعوة، وبدلاً من أن تتوارى تلك الأبواق النافخة في النار خجلاً، قالت إن الدعوة بروتوكولية والحل في الرياض وليس في مكة، وكأن مكة – وفق نظرية بروفيسور أبو ظبي عبد الخالق عبدالله – أصبحت من الحمائم والرياض من الصقور.

القمة في مكة والأسئلة عن الدوحة
وبدلاً من أن تكون قمة مكة أصبحت في وسائل الإعلام العالمية وإعلام دول الحصار نفسه قمة قطر.. فقد أضحت القمة في مكة والأسئلة عن الدوحة .. هل ستحضر قطر؟ .. ما هو مستوى تمثيلها ؟ .. كيف سيكون اللقاء بعد عامين على الحصار والقطيعة.. هل تنجح القمة في تحقيق قرار خليجي موحد وأحد أهم مؤسسيه يحاصر من 3 دول أعضاء فيه ؟ .. هل تنجح القمة العربية أو الإسلامية في تحقيق قرار عربي أو قرار إسلامي موحد مع وجود أزمة خليجية ناهيك عن الخلافات العربية – العربية.

وفور تواتر أنباء عن بدء حضور وفد قطري للاجتماعات التحضيرية، وبصرف النظر عن صحة الخبر من عدمه تواترت الأنباء العاجلة من كل حدب وكل صوب من جميع وسائل الإعلام العالمية وكأن التركيز سيكون منصباً فقط على الحضور القطري وتأثيره في القمة فقط .

هل هناك توافق خليجي أو عربي بدون قطر ؟
قد تجيب الأبواق المعروفة بإخلاصها لسياسات أبو ظبي "اسبرطة الصغيرة" بالإيجاب، على الرغم من أن الواقع السياسي قد يصطدم بالنفي كلياً وتفصيلياً .. فقد اتضح بعد عامين من الحصار الجائر على قطر أن الدوحة لاعب مهم بل ومن أهم اللاعبين بالمنطقة وبدونه لن يحدث أي توافق ...

فلا يمكن بأي حال القفز إلى توافق خليجي على حصار ظالم تتعرض له إحدى دوله، ولا يمكن القفز إلى توافق عربي وآثار قطر ودبلوماسيتها وأياديها البيضاء في كل مكان بالعالم العربي من غزة إلى آخر حدود العالم العربي.

تناقضات الحصار
والغريب أن هذه الأبواق التي تصدع رؤوسنا ليلاً ونهاراً في كل القنوات أن المشاكل العربية بسبب قطر، فهي التي تدعم – وللأسف – الحكومة الشرعية في ليبيا ولا تدعم قاتل سفاح وميلشياته من المرتزقة، وهي التي فتحت قنواتها الإعلامية – وللأسف – لدعم مطالب الشباب العربي ولم تفتحها للطغاة، وهي – وللأسف – تدعم برامج الأمم المتحدة وتبادر لتعليم الأطفال وتوفير فرص عمل للشباب، ولا تجند الأطفال في الحروب .

فإذا كانت قطر مشكلة المشاكل ومعضلة المعاضل فكيف ستقفز على كل تلك المشاكل للتوافق المنشود؟..

الضرب في أساس دعوة الملك سلمان
فالأساس في قمم مكة هو ما دعا إليه الملك سلمان وهو من المفترض أن تكون قمماً توافقية تواجه المخاطر، فتقول الرياض إن الدعوة لقمتين خليجية وعربية تأتي "حرصاً من الملك سلمان... على التشاور والتنسيق مع الدول الشقيقة في مجلس التعاون لدول الخليج (الفارسي) وجامعة الدول العربية في كل ما من شأنه تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وفي ظل الهجوم على سفن تجارية في المياه الإقليمية للامارات".

وترى السعودية أن اسباب الدعوة للقمم أيضاُ هي "التداعيات الخطرة على السلم والأمن الإقليمي والدولي وعلى إمدادات واستقرار أسواق النفط العالمية".

أما القمة الثالثة التي ستستضيفها مكة المكرمة، فهي القمة الإسلامية العادية في الأيام العشر الأواخر من شهر رمضان.
لكن الوزير السعودي عادل الجبير ووسائل إعلامه يبدو أنهم غير مقتنعين بالدعوة وأهدافها ومازالوا يراهنون على الانقسام، فالجبير وهو يدعو للتوافق يهاجم قطر بنفس الاسطوانة المشروخة، والصحف تواجه "مرارة" الحضور القطري.

الدعوة اعتراف صريح بفشل الحصار
ويرى محللون ومراقبون للأزمة الخليجية ومغردون أن دعوة قطر إلى قمم مكة في حد ذاتها اعتراف صريح وواضح بفشل جهود عزل الدوحة، لا عن محيطها الخليجي ولا عن محيطها العربي ولا عن العالم الذي تجاهل كل مزاعم دول الحصار، فوقعت الولايات المتحدة الأمريكية مع الدوحة اتفاقية مكافحة الإرهاب، وتعمق الحوار الثنائي بين الجانبين، أما الاتحاد الأوروبي فقد فتح كل سماواته للخطوط الجوية القطرية وفق اتفاقية السماوات المفتوحة ..

وفي العالم العربي، جاءت القضية الفلسطينية في أولويات السياسة الخارجية القطرية، وأولت لها القيادة كل الاهتمام والرعاية على كل المستويات، كما جاء التنسيق العربي القطري في كل المحافل.

والدعوة السعودية تأتي ضمن سياق الدلائل على فشل مزاعم الحصار، إذ يتبقى السؤال البديهي كيف تدعو دولة تتهمها بالإرهاب وأنت تزعم السعي لتوحد الصف ضد المخاطر التي من بينها الإرهاب ؟ !!!.

بوابة الشرق