ردا على تصريحاته حول ضم الضفة للاحتلال..

شكوى فلسطينية ضد "فريدمان" ودعوات للمقاومة بالضفة

شكوى فلسطينية ضد
الأحد ٠٩ يونيو ٢٠١٩ - ٠٢:٤٩ بتوقيت غرينتش

أثارت تصريحات السفير الأميركي لدى تل ابيب ديفيد فريدمان، حول أحقية الاحتلال الاسرائيلي بضم أجزاء من الضفة الغربية موجة غضب واسعة بين الفلسطينيين الذين اعتبروا أن تلك التصريحات عنصرية وعدائية وتتبنى موقف اليمين الإسرائيلي المتطرف. ودعت حماس إلى إطلاق يد المقاومة في الضفة الغربية، كونها الساحة الأكثر استهدافا في هذه المرحلة، ووقف سياسة التنسيق الأمني مع الاحتلال.

العالم- تقارير

قال السفير الأميركي ديفد فريدمان في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز نشرت السبت، إنه لا يستبعد ضم تل أبيب لمناطق بالضفة الغربية المحتلة التي يسعى الفلسطينيون لإقامة دولة مستقلة عليها، وهو ما أثار غضبا في الأوساط الفلسطينية.

وأوضح فريدمان أنه في ظل ظروف معينة "لدى إسرائيل الحق في الاحتفاظ ببعض (مناطق) الضفة الغربية، لكن ليس كلها على الأرجح".

ولم تتضح المناطق التي يقصدها السفير الأميركي من الضفة الغربية، وإن كانت الخطوة ستكون ضمن اتفاق تسوية يشمل تبادلا للأراضي بدلا من خطوة أحادية الجانب مثل الضم.

وذكرت الصحيفة أن فريدمان أحجم عن الإفصاح عن رد فعل واشنطن في مثل تلك الخطوة حال تنفيذها، لكن الصحيفة نقلت عنه قوله "لن تكون لدينا وجهة نظر إلى أن نعرف النطاق والشروط، ولماذا قد يكون ذلك منطقيا، ولماذا سيفيد إسرائيل ولماذا سيفيد المنطقة، ولماذا لا يثير مشكلات أكثر من التي يحلها"، وتابع قائلا "هذه هي كل الأمور التي سنرغب في استيعابها.. ولا أريد أن أصدر أحكاما مسبقة".

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعهد خلال الحملة الانتخابية في أبريل (نيسان) الماضي، بضم أجزاء من الضفة الغربية إلى "إسرائيل" وفرض السيادة الإسرائيلية عليها وإبقاء السيطرة الإسرائيلية على غور الأردن، مشدداً على رفضه إخلاء أي مستوطنة و"تقسيم القدس".

وتعتبر الأحزاب التي يتوقع أن تشكل ائتلاف حكومة اليمين الإسرائيلية المقبلة، برئاسة بنيامين نتنياهو، أن دعم ترامب، لسياسة الضم الإسرائيلية، تشكل فرصة سانحة لتنفيذ مخططات ومقترحات قانون ضم قسم كبير من الضفة الغربية إلى الإحتلال.

وتعتبر أحزاب اليمين أن الفرصة سانحة للضم في أعقاب فوز اليمين في انتخابات الكنيست للمرة الرابعة على التوالي، دعم ترامب غير المسبوق، ضعف الاتحاد الأوروبي، ضعف الأمم المتحدة، الحروب في العالم العربي، الانقسام الفلسطيني وغيرها.

وبحسب الخبراء، فإن إقدام الكيان الإسرائيلي على ضم المنطقة C، التي تشكل 60% من مساحة الضفة و تبلغ مساحتها 3500 كيلومتر، بتكلفة قدرها 52 مليار شيكل، "سيعبر عن تغيير جوهري لسياسة الحكومات الإسرائيلية الأخيرة، التي دأبت على تنفيذ ضم زاحف من خلال سلسلة خطوات، مثل توسيع المستوطنات، وضمها فعليا بواسطة الجدار الأمني، وبناء المستوطنات في شرقي القدس، شق طرق التفافية، تقييد التطوير الفلسطيني في المنطقة C وهدم بيوت (بحجة أنها) غير مرخصة، ومؤخرا تعميق التفريق بين السكان اليهود والفلسطينيين بواسطة سلسلة خطوات تشريعية"

كما يرى الخبراء، أن ضم المنطقة C من الضفة الغربية، أو جزءا منها سيؤدي إلى موت رسمي لاتفاقيات أوسلو، تفكيك السلطة الفلسطينية، وقف التنسيق الأمني وموجة عنف شديدة للغاية. وهذه كلها ستؤدي إلى إعادة سيطرة تل أبيب على منطقتي A وB، وإعادة إنشاء الإدارة المدنية من أجل إدارة 2.6 مليون فلسطيني، وحتى فرض القانون الإسرائيلي عليها لاحقا.

غضب فلسطيني عارم

وتعليقا على تصريحات السفير الأميركي فريدمان؛ قال المتحدث باسم حكومة رام الله إبراهيم ملحم إن تلك التصريحات خارجة عن الشرعية الدولية، ومتماهية مع السياسات الإسرائيلية، وتؤكد أنه سفيرٌ للاستيطان.

ووصفت الخارجية الفلسطينية تصريحات فريدمان بالرؤية العنصرية الفوقية التي تثير الاشمئزاز والتقزّز من أفكاره الكولونيالية الفوقية برؤية عنصرية خالصة. وأشارت إلى أن حديث فريدمان "يفضح حقيقته وحقيقة أفكاره وأفكار أقرانه من عصبة المستوطنين بلباس أميركي رسمي".

كما قالت وزارة الخارجية إنها "تدرس تقديم شكوى ضد السفير الأميركي لدى "إسرائيل" ديفيد فريدمان لدى الجنائية الدولية لخطورته على السلم والأمن في المنطقة".

بدورها اعتبرت حركة "فتح" في بيان لها، تصريحات فريدمان، "إمعانا في معاداة شعبنا الفلسطيني وقلبا الحقائق"، مشددة على أنها "تخالف القانون الدولي".

وقالت "فتح" إن "السياسة التقليدية للولايات المتحدة تعتبر الأراضي الفلسطينية أرضا محتلة حسب القانون الدولي".

وأضافت أن تصريحات فريدمان "تنسف كامل عملية السلام، والجهود التي بذلها واستثمر بها العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية".

هذا ودعا أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات إلى مقاطعة مؤتمر المنامة، وطالب الدول التي تلقت دعوات للمشاركة فيه بمقاطعته ردا على تصريحات فريدمان، معتبرا التصريحات جريمة حرب وفقا للقانون الدولي.

ودانت الفصائل الفلسطينية بما فيها حركتا حماس والجهاد الاسلامي تصريحات فريدمان. وقالت حركة حماس إن تصريحات فريدمان تتسق كليا مع رؤية اليمين الإسرائيلي الأكثر تطرفا، وهي استهتار من الإدارة الأميركية بالمواقف العربية.

وأكد الناطق باسم حركة حماس، حازم قاسم، أن تصريحات فريدمان تعبير عن عمق المشاركة الأميركية في العدوان على الشعب الفلسطيني، واستهدافها لمكونات القضية الفلسطينية.

وقال قاسم في تصريحٍ صحفي إن "تصريحات السفير الأميركي هي تساوق كامل مع رؤية اليمين الإسرائيلي الأكثر تطرفا، واستهتار من الإدارة الأمريكية بكل المواقف العربية".

وأوضح أن هذه التصريحات التي تكشف جزءا من الرؤية الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية، يجب أن يقابلها موقف فلسطيني موحد، وهو ما يتطلب من السلطة الفلسطينية أن تغادر مربع الانتظار، إلى المبادرة بمواجهة صفقة القرن.

ودعا إلى إطلاق يد المقاومة في الضفة الغربية، كونها الساحة الأكثر استهدافا في هذه المرحلة، ووقف سياسة التنسيق الأمني مع الاحتلال.

أما حركة الجهاد الإسلامي، فقالت إن ديفد فريدمان مستوطنٌ متطرف ينفذ السياسات الاستعمارية والاستيطانية.

وشددت حركة الجهاد الإسلامي على لسان مدير مكتبها الإعلامي داود شهاب، إن حديث فريدمان عن ضم أجزاء من الضفة الغربية لإسرائيل يدلل على حقيقة دوره وأطماعه الاستعمارية.

فيما وصفت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تصريحات فريدمان بالعدائية وبأنها تتطابق مع تصريحات المستوطنين، وتؤكد على أن السياسة الأميركية شريكة للكيان الصهيوني في احتلال أرض فلسطين.

من جهة أخرى، وبينما رحّبت الحكومة الإسرائيلية بتصريحات فريدمان، شنّت حركة "السلام الآن" الإسرائيلية (غير حكومية) هجوماً لاذعاً ضد فريدمان، مطالبة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإقالته فوراً.

وفيما وصفت الحركة فريدمان بأنه "حصان طروادة نيابةً عن اليمين الاستيطاني المتطرّف"، تساءلت "مع صديق مثل فريدمان مَن يحتاج إلى أعداء؟"، مشيرةً إلى أن "أيّ عاقل يدرك أن ضم الضفة الغربية سيقود المنطقة إلى كارثة".

وحسب معطيات حركة "السلام الآن"، يصل عدد المستوطنين في الضفة الغربية إلى أكثر من 630 ألف مستوطن يعيشون في 132 مستوطنة.

وتشكل تصريحات فريدمان خرقا فاضحا لميثاق الامم المتحدة والاتفاقات المنبثقة عن المنظمة الدولية. وتنص قرارات الأمم المتحدة على أن المستوطنات المقامة على الأراضي المحتلة في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ومرتفعات الجولان السورية المحتلة غير شرعية.

وتحشد واشنطن لمؤتمر دولي مقرر عقده بالبحرين، في يونيو/حزيران المقبل، بهدف بحث الجوانب الاقتصادية لخطة تسوية تعرف بـ"صفقة القرن".