انتخابات موريتانيا .. انزعاج من دعم الرئيس عزيز المعلن لولد الغزواني

انتخابات موريتانيا .. انزعاج من دعم الرئيس عزيز المعلن لولد الغزواني
الإثنين ١٠ يونيو ٢٠١٩ - ١٢:٤٨ بتوقيت غرينتش

بدأت العاصمة الموريتانية نواكشوط تلبس لبوس الحملات الانتخابية عشرة أيام قبل توجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس جديد يخلف الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز الذي تنتهي ولايته مستهل أغسطس/آب المقبل.

العالمموريتانيا

فقد بدأت الطواقم الإعلامية للمترشحين الستة تنافسها المحموم في الساحات العمومية ضاربة مئات الخيم المجهزة بمكبرات الصوت وبالأغاني والمزركشة بصور المتقدمين لمنصب الرئاسة وبشعاراتهم ووعودهم الانتخابية.

وبينما يجوب المترشحون قرى ومدن الداخل، اشتدت الحملات الدعائية على صفحات التواصل الاجتماعي التي غصت دهاليزها بمئات الصفحات الدعائية التي ينعشها مؤيدو هذا المرشح أو ذاك.

وكان التركيز الأكبر خلال الأيام الثلاثة التي انقضت على انطلاقة الحملة، هو استغراب واستنكار اصطفاف الرئيس المنصرف محمد ولد عبد العزيز المعلن إلى جانب المترشح محمد ولد الغزواني.

فقد طالب المرشح الرئاسي سيدي محمد ولد بوبكر، المدعوم من الإسلاميين، الرئيس الموريتاني المنتهية مأموريته محمد ولد عبد العزيز بالتوقف عن التدخل في الانتخابات بتأييده العلني للمرشح ولد الغزواني».

وقال في مهرجان جماهيري عقده أمس بمدينة النعمة (أقصى الشرق الموريتاني) «إن على ولد عبد العزيز أن يترك الشعب الموريتاني يختار الرئيس الذي يريده»، مستغرباً «أن يغادر رئيس مكلف بتسيير البلد العاصمة من أجل حضور مهرجان انتخابي في الوقت الذي يفترض فيه أن يكون على حياد تام».

وأضاف: «ما حدث البارحة في نواذيبو أمر غير مقبول، فليس من المعقول أن يكون رئيس منتهية مأموريته ومكلف بتسيير البلد، ينشغل بالدعاية الانتخابية، فالرئيس الحالي غير معني بهذه الانتخابات، ويجب عليه أن يترك الشعب الموريتاني ليختار من يرأسه بعيداً عن الضغوط».

وشدد ولد بوبكر «التأكيد على أن الموريتانيين قد نفد صبرهم ولن يقبلوا التزوير وسيقفون أمامه لحماية أصواتهم»، معتبراً «أن التغيير حتمي وسيتحقق بإرادة وإصرار الموريتانيين».

ودعا المترشح «سكان ولاية النعمة للتصويت له من أجل وضع حد للعشرية التي حكمها ولد عبد العزيز والتي أدخلت البلد، حسب قوله، في الأزمات»، مشيراً إلى «أن التغيير سيحسن من ظروف المواطنين وسيضع حداً للتدهور الذي تشهده موريتانيا».

وكان الرئيس الموريتاني ولد عبد العزيز قد هاجم بقوة عدداً من مرشحي المعارضة أثناء خطاب شارك به في مهرجان انتخابي للمترشح غزواني»، مضيفاً «أن بعض هؤلاء المترشحين يمثلون الماضي، وأنه من غير المقبول إتاحة الفرصة لهم لأن ذلك، حسب رأيه، تراجع إلى الوراء».

وأكد المدون محمد ولد منير، منتقداً اصطفاف الرئيس عزيز المعلن إلى جانب الفريق غزواني، «أن مصداقية ولد الغزواني رهينة بقدرته على التخلص من وصاية ولد عبد العزيز وبخاصة التخلص من إرثه، وإلا فإنه سيبقى بالنسبة لكثير من الموريتانيين مجرد مرشح لمواصلة عهدة ولد عبد العزيز ولن يستطيع الخروج من فلكه». فـ «ولد عبد العزيز، يضيف المدون، يستميت الآن من أجل ألا يخرج من المشهد السياسي، لأن التحدي مصيري بالنسبة له، إذ يسعى إلى التمتع بحصانة مطلقة خشية تقديمه للعدالة».

وأعلن أمس عن توقيع المترشحين الرئاسيين لميثاق شرف انتخابي يهدف إلى «تنظيم انتخابات رئاسية ذات مصداقية تعكس الإرادة الحقيقية للناخبين الموريتانيين، وتحظى نتائجها باعتراف المتنافسين، ويمتلك الفائز فيها شرعية تامة لا يمكن التشكيك فيها».

وألزم الميثاق «المترشحين ومساعديهم بأن يدركوا حجم مسؤوليتهم وأن يرتقوا بخطابهم وسلوكهم إلى المستوى اللائق، باعتبارهم رجال دولة وقادة مجتمع وممثلين للنخبة السياسية؛ كما يحتّم عليهم أن يحرصوا على ألا يدفعهم التنافس على الفوز بثقة الناخبين، إلى استعمال وسائل غير مشروعة».

ونص الميثاق على «تجنّب كل ما من شأنه إحياء النعرات القبلية أو الجهوية أو العرقية، والابتعاد عن كل ما يمس بالوحدة الوطنية، وكذا تجنب استغلال وسائل الدولة ومؤسساتها لأغراض انتخابية، والحرص على الاقتصاد في الإنفاق والشفافية في تسيير ميزانية الحملة».

وألزم الميثاق المترشحين «بالامتناع عن ممارسة أو تشجيع أي نوع من أنواع التزوير، مع تجنب التأثير على الإرادة الحرة للناخبين بوسائل غير شريفة، كشراء الذمم والابتزاز والتهديد، واحترام حق العمال والموظفين وأفراد الجيش وقوات الأمن في التمتع بحرية الاختيار».

وأوصى الميثاق «بالتحلي بالروح الرياضية وتقبل نتائج الانتخابات إذا لم يتأكد حدوث مخالفات تُخل بنزاهتها وشفافيتها».

وضمن مسايرة كبار المدونين للحملة الانتخابية، تحدث الإعلامي البارز أحمدو الوديعة، في تدوينة له أمس، عما سماه «صراعاً بين إرادتين»، مبرزاً «أنه في انتخابات الثاني والعشرين يونيو/ حزيران تتصارع إرادتان؛ تريد إحداهما تزوير إرادة الشعب وتكريس الوضع القائم، فيما تريد الثانية افتكاك طريق للمستقبل لقطع خطوة على طريق الانتقال الديمقراطي».

وقال: «تعبر الإرادة الأولى عن نفسها في لجنة انتخابات طرفية، وبطاقة ناخب منحت لكبير داعمي مرشح السلطة، وتعيينات ورشاوى حكومية، فيما تبحث الثانية عن منافذ تعبر من خلالها عن نفسها من خلال خيارات سياسية تبدو متباينة في شكلها ولكنها موحدة في الجوهر؛ رفضاً للواقع وحلماً بالتغيير».

«يقول منطق التاريخ وتؤكد تضاريس الجغرافيا، يضيف الكاتب، أن صراعاً من هذا النوع نهايته الحسم لصالح الشعب، لصالح الحرية، لصالح التغيير، لصالح العدل، وأن مصير أدوات إرادة إبقاء الوضع القائم هو الكسر والتضعضع، والرمي في مكان يليق بها يما يضمن نظافة بيئة مستقبل صنع على أعين أجيال التحرير».

وتساءل الدكتور ديدي ولد السالك، وهو أحد أبرز المفكرين الموريتانيين، في تدوينة له أمس قائلاً: «هل حان الوقت للانتقال إلى الفعل الحضاري بدل الاستسلام لنهج النفاق والفساد؟». وأضاف: «اليوم تقف موريتانيا على مفترق طرق أمام منعرج 2019 الذي تفتحه الانتخابات الرئاسية المكرسة للتناوب السلمي على السلطة، فلماذا لا نجعل من هذه المناسبة فرصة للقطيعة مع تضييع الفرص؟ ولماذا لا نجعل من هذه المناسبة فرصة لتجاوزات المفارقة العجيبة: «بلد من أغنى بلدان العالم بالثروات؛ يعيش على أرضه شعب من أفقر شعوب الأرض».

وزاد: «لماذا لا نجعل من مناسبة انتخابات 22 يونيو 2019 فرصة لنقاش المقاربات والنماذج التنموية الأكثر نجاحاً في العالم، وكيفية الاستفادة منها بدل إقامة بالمبادرات والاندفاع في النفاق والتزلف لمن يفترض أنه قادم إلى القصر الرئاسي؟ إلى متى نبقى ننتج الفشل ونكرس الفساد ونعيش في مدن هي أقرب إلى قرى القرون الوسطى، تنعدم فيها الخدمات وتحاصرها القمامة وتنتشر فيها الجريمة المنظمة، ولا يحرسها سوى قطعان الكلاب السائبة؟».