ادلب في قلب الصراع.. لمن الحسم؟

ادلب في قلب الصراع.. لمن الحسم؟
الأحد ٣٠ يونيو ٢٠١٩ - ١٠:٢٨ بتوقيت غرينتش

لأهميتها اصبحت قضية ادلب في سوريا، الشغل الشاغل للقوى الدولية والقضية المركزية لكثير من الاطراف الاقليمية، فيما تريد الحكومة السورية ان تنتهي من هذا الملف بتحرير ادلب وطرد الجماعات الارهابية منها من اجل الشروع بمسيرة إعمار البلد.

العالم - تقارير

لقد حضر الملف السوري بمجمله في اللقاءات والتصريحات التي صدرت خلال الليلة الماضية على هامش قمة العشرين، بل وشكل موضوع ادلب واحدا من الموضوعات الاكثر اهمية التي بحثها القادة هناك واتفقوا على عقد قمة رباعية تكون "ادلب" موضوعها الرئيسي.

المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، كشفت عن مجريات القمة الرباعية التي ستعقد في تركيا، بمشاركة روسيا وفرنسا لمناقشة الوضع في سورية وخاصة إدلب.

وقالت ميركل في ختام قمة الـ20 في اليابان أمس: إن «القمة المقبلة حول سورية في اسطنبول، بمشاركة الدول الأربع من المقرر عقدها هذا العام»، من دون أن تحدد موعداً واضحاً لها.

التصعيد التركي في سورية

ولاشك ان الوضع يتصاعد خطورة مع القصف المتبادل الذي جرى بين القوات التركية وبين الجيش السوري الذي يقود حربا طاحنة في تلك المناطق مع الجماعات الارهابية التي جلبت الحرب والدمار للبلاد.

فقد اتهمت وزارة الدفاع التركية القوات السورية بتنفيذ قصف جديد استهدف نقطة المراقبة العاشرة للجيش التركي في إدلب، وقالت ان الهجوم تم وقفه سريعا بعد تدخل فوري من قبل روسيا.

وادعت وزارة الدفاع التركية، في بيان أصدرته مساء السبت، أن نقطة المراقبة تعرضت لاستهداف بـ3 طلقات نارية "أطلقت من داخل أراضي سيطرة الجيش السوري في منطقة إدلب لخفض التصعيد"، مشددة على أن "الهجوم لم يسفر عن سقوط ضحايا بين الكوادر أو وقوع أي أضرار مادية".

واضافت أن "القصف الذي نفذه الجيش السوري تم وقفه بفضل الإجراءات الفورية، التي اتخذتها روسيا عبر ممثليها على الأرض خلال إطلاق النار".

القوى الدولية تطالب بالتنسيق حول ادلب

من جانبها طالبت المستشارة ميركل من اليابان بالتنسيق بين الدول الاربع لمنع التصعيد في الازمة السورية وقالت أنه «يجب مواصلة التنسيق بين الدول الأربع في إدلب، والاطلاع على الوضع هناك، وأوضاع اللاجئين».

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إضافة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، قد عقدوا قمة في اسطنبول، في تشرين الأول 2018.

وركزت القمة في بيانها الختامي حين ذاك على موضوع إدلب، واتفاق وقف إطلاق النار فيها، بالإضافة إلى المسار السياسي المتعلق بتشكيل لجنة مناقشة الدستور الحالي، وبدء عملها.

وكانت ميركل التقت في وقت سابق من يوم امس أردوغان، وذلك في مستهل أعمال اليوم الثاني لقمة مجموعة العشرين المنعقدة في مدينة أوساكا اليابانية.

وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفن زايبرت: إن المحادثات تطرقت إلى تطورات الأوضاع في سورية، ودعم الاتحاد الأوروبي لـ«اللاجئين» السوريين في تركيا.

وتنخرط ألمانيا مع تركيا في اتفاقية الهجرة الموقعة بين الاتحاد الأوروبي وانقرة، لضبط وتنظيم الهجرة باتجاه دول الاتحاد الأوروبي، والتي يستخدمها أردوغان كفزاعة لابتزاز دول الاتحاد.

وكان الاتحاد الأوروبي أعرب في بيان صدر عن الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية فيدريكا موغريني، يوم الأربعاء الماضي قبيل قمة العشرين، عن قلقه العميق إزاء استمرار ما سماها «الهجمات» على محافظة إدلب، مدعياً أن هذه الهجمات تستهدف «المدنيين والمستشفيات والمدارس»!.

ودعا البيان جميع الأطراف إلى ضبط النفس، وبحسب البيان، الذي لم يشر إلى إرهابيي «النصرة» المحتلين لمحافظة إدلب، كما لم يشر إلى الصواريخ التي تتساقط على مدنيي ريف حماة الشمالي، فإنه «لا يمكن حل المشكلة في سورية عسكريّاً».

ورغم اعتراف الرئيس الاميركي دونالد ترامب بوجود الارهابيين في ادلب الا انه عارض شن الحرب لطردهم وتصفيتهم من المنطقة بحجة خلق مشكلة جديدة ويقصد مشكلة اللاجئين قائلا: إن هناك 30 ألفاً إرهابياً في إدلب السورية لكنه استدرك قائلا: لا يمكن السماح بمعركة قد تؤدي إلى تهجير مليوني مدني بحسب زعمه من المحافظة.

وفي الوقت الذي اشاد فيه ترامب بالرئيس التركي رجب طيب اردوغان دعا ترامب الرئيس الروسي بوتين الى التعامل بهدوء مع قضية ادلب وعدم السماح بانزلاق الاوضاع نحو الحرب.

صعود لجماعات ارهابية غير داعش والنصرة

مصادر محلية تتحدث عما يفوق وجود تنظيمي "داعش" و"النصرة" فهي تتحدث عن مجموعات قاعدية وجدت فرصة استثنائية للبدء بتجنيد مسلحين مدربين لتوسيع مشروعها في سوريا وربما العراق بعد القضاء على المراكز الأساسية لمنافسها "داعش"، الذي لم يتبق له سوى بعد الجيوب الصغيرة في البادية السورية، كتنظيم "حراس الدين" الذي تشكل من منشقين عن "داعش" و"النصرة" ربما أكثر المستفيدين من هذه الفرصة الذهبية.

في دراسة لمعهد كارنيغي تقول: "منذ تأسيس حراس الدين في أوائل العام 2018، هيأ نفسه لاستمالة مجندي تنظيم داعش، في خضم تضاؤل حجم الأراضي التي يسيطر عليها، علماً أن هذا الأخير قد يكون توقّع هذه الحملة الاستقطابية، وعمد خلال الصيف الماضي إلى تحذير أعضائه من الانضمام إلى حراس الدين. كما وصف هذه الأخيرة بـ"حماة المرتدين" وأسبغ على كوادرها نعت "دمى في أيدي الجولاني"، في إشارة إلى متزعم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني.

التركيبة القاعدية لتنظيم "حراس الدين" تنذر بانشقاقات عن "النصرة" لايجاد جيش من المجموعات المتشددة تسعى لإيجاد مساحة عملانية آمنة لتوسيع وجودها بما يتعدى الحدود على غرار ما فعل "داعش" قبل سنوات.

وهكذا اصبحت ادلب نقطة الصدام الاولى بين القوى الكونية والاقليمية وكذلك الجماعات الارهابية، واذا كان المجتمع الدولي حريصا على الامن في سورية والعالم فعليه ان يمارس دوره في تحقيق الامن والاستقرار من خلال مساعدة الحكومة الشرعية في البلاد لاستعادة سيطرتها على هذه المناطق وتصفية الوجود الارهابي منها ... ولاتسمح بان تتحول الجماعات الارهابية الى اداة لابتزاز الحكومة السورية.