«المجلس العدلي»: ليونة عونية بهدف إحياء الحكومة؟

«المجلس العدلي»: ليونة عونية بهدف إحياء الحكومة؟
الإثنين ٢٢ يوليو ٢٠١٩ - ٠٤:٣٤ بتوقيت غرينتش

يتفق الجميع على ضرورة انعقاد الحكومة اللبنانية ومعالجة الأزمات المتراكمة، لا سيما أزمة العمالة الفلسطينية، إلا أن ذلك ليس كافيا ليتراجع النائب طلال أرسلان عن مطلب المجلس العدلي في قضية البساتين ولا النائب السابق وليد جنبلاط عن رفضه، فيما يستمر اللواء عباس إبراهيم في العمل على مبادرته والوصول إلى اتفاق يسهل انعقاد جلسة للحكومة هذا الأسبوع.

العالم - لبنان

للأسبوع الثالث على التوالي، يبدو مجلس الوزراء مهددا باستمرار التعطيل بفعل الانقسام الحاد بين أطراف الحكومة حول إحالة ملف البساتين إلى المجلس العدلي. وكأنه لا تكفي حكومة الرئيس سعد الحريري أزمة البساتين، حتى فجر وزير العمل كميل بو سليمان ملف العمالة الفلسطينية، واضعا الحكومة والبلاد أمام هزة سياسية، ومحركا الشارع الفلسطيني. إلا أن تعطيل الحكومة يمنع الحريري من ترجمة شبه الإجماع بين الكتل السياسية الرئيسية (عدا عن حزب القوات اللبنانية وحياد التيار الوطني الحر) الذي قرر سحب هذا الملف من يد الوزير وتحويله إلى الحكومة، ما يدفع الفلسطينيين إلى وقف احتجاجاتهم وتفادي استغلالها من قبل أي طرف لتحريك الشارع اللبناني.

وحفل يوم أمس باتصالات وزيارات قام بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لحل أزمة البساتين، مع رئيس الحكومة وقبله الوزير صالح الغريب، واتصالات بالرئيس نبيه بري، واتصالات من بري بمختلف الفرقاء، بهدف إيصال المبادرة إلى مرحلة المخرج وعقد جلسة للحكومة هذا الأسبوع، مع اقتناع الجميع بأن الوضع لا يحتمل التعطيل. لكن هذا الاقتناع لا يبدو كافيا لتنازل أي من الأطراف، التي بقي جميعها متمسكا بالسقوف العالية حتى ساعة متأخرة من ليل أمس. وشاعت أجواء «إيجابية» عن التوصل إلى تفاهم حول المخرج القضائي والإعلامي لمطلب رئيس الحزب الديموقراطي النائب طلال أرسلان وحلفائه بإحالة جريمة البساتين على المجلس العدلي، واعتماد مخارج بديلة، إلا أن مصادر رفيعة المستوى معنية بمبادرة إبراهيم أكدت لـ«الأخبار» أنه لم تتحقق خروقات جدية حتى الآن، مشيرة إلى أن المخارج موجودة لكن ما ينقص هو قرار الحل.
على ضفة فريق رفض المجلس العدلي، يتمسك الحريري برفض طرح الأمر على جدول الأعمال، حتى لو كانت النتيجة سقوط المشروع والتعادل في عدد الأصوات بين الرافضين والمؤيدين لقرار المجلس العدلي. وبحسب ما علمت «الأخبار»، فإن الحريري أبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون والمعنيين أنه لن يقبل أن يطرح عون الملف من خارج جدول الأعمال، وأنه قد يخرج من الجلسة في حال طرح الأمر.

مصادر معنية بمبادرة إبراهيم أكدت أنه لم تتحقق خروقات جدية حتى الآن

وهو بذلك يلاقي حليفه النائب السابق وليد جنبلاط الرافض لتحويل الملف بالمبدأ، والذي يضع الأمر في اتصالاته العربية والغربية في إطار حرب من حزب الله وسوريا عليه. وفي الأيام الماضية، استقبل جنبلاط سفراء ألمانيا وبريطانيا وفرنسا والمستشار السياسي في السفارة الأميركية كل على حدة، ثم السفيرة الأميركية في بيروت إليزابيث ريتشارد، لوضعهم في صورة «المؤامرة» المفترضة عليه، بعد إيفاده الوزير وائل أبو فاعور إلى السعودية الأسبوع الماض،٬ مبلغا إياهم «بخطورة المجلس العدلي عليه وعلى الحزب الاشتراكي لشيطنته وتوقيف الوزير أكرم شهيب، وأن خلف هذا الأمر حزب الله». ومع أن جنبلاط آثر الابتعاد في كلمته أول من أمس في احتفال مدارس العرفان، عن التطورات الأخيرة، إلا أنه استعاض عن ذلك بخطاب تعبوي للجنبلاطيين يحمل رموزا من مراحل تاريخية واستعراض القوة. وكان سبق ذلك تغريدة له على تويتر مطالبا بتسليم الديموقراطي مطلوبين لديه، ليرد أرسلان بالمطالبة بالتصويت على المجلس العدلي.
أما على ضفة أرسلان وحلفائه، يستمر حزب الله في دعم موقف رئيس الديموقراطي، مع تأكيده ضرورة التوافق وحماية الحكومة. وعلى عكس موقفه خلال الأسبوعين الماضيين، وتمسكه بالمجلس العدلي، انتشرت معلومات ليل أمس عن أن رئيس الجمهورية بات منفتحا على حلول تتجاوز المجلس العدلي وتسرع في عودة الحكومة إلى العمل، بعد أن لمس استحالة تغيير رئيس الحكومة موقفه، ما يضع ضغوطا على أرسلان، ويعول عون على حزب الله لتليين موقف رئيس الديموقراطي. لكن مصادر الحزب الديموقراطي نفت علمها بتغيير في موقف عون، مؤكدة أن «رئيس الجمهورية مقتنع بأن على العدالة أن تأخذ مجراها، وجريمة البساتين هي محاولة اغتيال فاشلة لوزير أو وزراء في الحكومة سقط فيها شهيدان، وتهز أمن الدولة وتستوجب المجلس العدلي».
أما في الملف الفلسطيني، فينجح بو سليمان حتى الآن، في إعطاء التحركات الشعبية الفلسطينية مادة لرد الفعل وتكثيف التحركات والتظاهرات في المخيمات، مع إصراره على التصعيد وإعلانه عدم التراجع عن مواقفه، مغردا خارج سرب الإجماع الحكومي وإعلان الحريري وضع الملف في عهدة مجلس الوزراء. وقبل نهاية الأسبوع، عقد رئيس لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني الوزير السابق حسن منيمنة اجتماعا مع ممثلي الكتل النيابية في اللجنة، وتوصل المجتمعون إلى مسودة لمراسيم تطبيقية تعالج الأزمة الحالية وتخرج هذا الملف من استنسابية أي وزير عمل حالي أو مستقبلي. ومن المفترض أن يرد ممثلو الكتل هذا الأسبوع بمواقفهم حيال المسودة المستوحاة من مسودة قديمة قدمتها اللجنة إلى الوزير السابق سجعان القزي. إلا أن ذلك يصطدم بموقف القوات اللبنانية التي تشترط، بحسب معلومات «الأخبار»، أن تتضمن المراسيم هامشا لوزير العمل، الأمر الذي يبقي هذا الملف في دوامة أزمة الهوية السياسية للوزراء المتعاقبين وكيفية تعامل كل منهم مع العمالة الفلسطينية. وفي ظل عدم انعقاد الحكومة، وظهور نتائج عملية لانتقال الملف إلى مجلس الوزراء وتعطيل إجراءات بو سليمان، عدا عن وقف حملات التفتيش، تبدو التحركات الفلسطينية مستمرة، تحت تأثير تصعيد الوزير. لكن من المفترض أن تبدأ الفصائل اليوم سعيها للتخفيف والحد من التحركات الشعبية طالما أن الموقف القواتي معزول عن المواقف الإيجابية اللبنانية، لا سيما حزب الله وبري والحريري، مع تخوف من تأثير التحركات الفلسطينية ومحاولات البعض الدفع بلبنانيين إلى الشارع للرد على تحركات الفلسطينيين.

جریدة الأخبار