إعدامات البحرين.. تنديدات واسعة بالجريمة ضد الانسانية

إعدامات البحرين.. تنديدات واسعة بالجريمة ضد الانسانية
الأحد ٢٨ يوليو ٢٠١٩ - ٠٦:٣٤ بتوقيت غرينتش

لم تلق سلطات النظام البحريني آذانا صاغية للمناشدات الشعبية والدولية ونفذّت فجر السبت حكم الإعدام في الشابين المعتقلين أحمد الملالي وعلي العرب، فيما اجتمعت منذ اكثر من شهرين، مبادرات أوروبية وأممية وحقوقية لمطالبة المنامة بإسقاط حكم الإعدام بحقهم وكذلك دعوة ملك البحرين حمد بن عيسى إلى إلغاء عقوبة الإعدام وإعادة محاكمة المتهمين محاكمات عادلة.

العالم - البحرين

رصدت إدانة رواد منصات التواصل الاجتماعي لإقدام سلطات النظام البحريني على إعدام الشابين أحمد الملالي وعلي العرب بعد محاكمات وصفوها بالجائرة. وزعمت وكالة الأنباء البحرينية أن الاتهامات ضد الأشخاص الثلاثة شملت الانضمام إلى ما اسمته جماعة إرهابية، وارتكاب جرائم القتل، وحيازة متفجرات وأسلحة نارية.

وأعلنت جمعية الوفاق البحرينية المعارضة أن السلطات نفذّت حكم الإعدام بحق الشابين أحمد الملالي وعلي العرب مشيرة أن السلطات البحرينية رفضت تسليم جثتي الشهيدين لذويهما لإقامة مراسم الدفن الدينية، وتصر على دفن الشهيدين في مقبرة بعيدة جدا عن مسقط رأسهما بطريقة قسرية ودون السماح بتشييعهما.

وكان علي العرب يبلغ من العمر 25 عاماً حين تم اعتقاله في 9 فبراير 2018 عندما قام قوات النظام البحريني باعتقاله في منزل أحد معارفه دون تقديم مذكرة توقيف. تم احتجازه في مديرية التحقيقات الجنائية حتى 7 مارس، وخلال هذا الوقت أجبره المسؤولون على التوقيع على اعتراف بينما كان معصوب العينين. حين نقل علي إلى سجن الحوض الجاف في 7 مارس، بانت على جسده علامات تعذيب واضحة، حُكم عليه بالإعدام في محاكمة جماعية في 31 يناير 2018 بتهم واهية ومنها المساعدة في فرار مسجونين من سجن جو في 1 يناير 2017. فيما تم انتزاع جنسيته التي أعيدت إليها فيما بعد.

وكان أحمد الملالي يبلغ من العمر 23 عاماً عندما اعتقلته قوات النظام في 9 فبراير 2017، في عملية مشتركة مع مديرية التحقيقات الجنائية وقيادة قوات الأمن الخاصة وجهاز الأمن الوطني. وفي الوقت الذي احتُجز فيه في الحبس الانفرادي لمدة شهر، عَذّب الضباط أحمد، عن طريق الصدمة الكهربائية، ووجهت إليه تهم واهية كحيازة الأسلحة، والتدريب على استخدام الأسلحة والانضمام الى خلية مسلحة، وفي 31 يناير 2018، حُكم عليه بالإعدام وأسقطت عنه الجنسية، على الرغم من إعادة جنسيته في وقت لاحق.

وكانت الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان الدولية قد دعت الجمعة على وجه السرعة السلطات البحرينية إلى وقف عمليات الإعدام الوشيكة للشابين البحرينيين.

وصدرت هذه الدعوات بعد أن تلقت عائلتا علي محمد العرب وعيسى الملالي مكالمات هاتفية للقيام بزيارة خاصة لهما، ووسط أنباء عن تشديد إجراءات الأمن في سجنهما.

وكانت مقررة الأمم المتحدة أجنس كالامارد المعنية بالقتل خارج نطاق القضاء والإعدام التعسفي قد قالت إنه "يتعين على السلطات في البحرين أن توقف فورا أي خطط لإعدام الشابين، وإلغاء حكمي الإعدام بحقهما، وضمان إعادة محاكمتهما وفقا للقانون والمعايير الدولية".

وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد طالبت السلطات البحرينية بإلغاء حكمي الإعدام الصادرين بحق الشابين البحرينيين، وقالت إن المحاكمة -التي صدر فيها حكما الإعدام عليهما عام 2018- شابتها تقارير عن تعذيب وانتهاك للإجراءات القانونية.

وكانت المنظمة حذرت سابقا من أن ملك البحرين سيرتكب ظلما كبيرا إذا صدق على أحكام الإعدام.

ووجهت 13 مجموعة حقوقية في مايو/أيار الماضي رسالة مشتركة إلى ملك البحرين طالبت فيها بتخفيف أحكام الإعدام.

وفي 2018، عبر ثلاثة خبراء أمميين في حقوق الإنسان عن قلقهم البالغ إزاء أحكام الإعدام.

وأعرب فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي والمقرر الأممي الخاص المعني بالتعذيب عن قلق بالغ إزاء تقارير عن تعذيب علي محمد العرب بعد اعتقاله عام 2017.

ونددت منظمة العفو الدولية بإعدام الناشطين، وقالت في تغريدة: "مرة أخرى، تضرب البحرين بأبسط حقوق الإنسان عرض الحائط بإنهائها حياة الشابين #أحمد_الملالي و #علي_العرب إثر محاكمة كان فيها التعذيب دليلَ إدانة. هذه الإعدامات انتكاسة شديدة للحقوق في بلد يتشدق مسؤولوه بالتزامهم بمعايير الإنصاف والعدالة".

كما سبق لمنظمة العفو الدولية أن طالبت السلطات البحرينية بأن "توقف على وجه السرعة عملية تنفيذ الإعدام الوشيك لرجلين أدينا بعد محاكمة جماعية جائرة للغاية بعد تعذيبهما".

وبموجب القانون البحريني- بعد أن تؤكد محكمة النقض عقوبة الإعدام يرسل القرار إلى الملك الذي يتمتع بسلطة التصديق على الحكم أو تخفيفه أو منح العفو.

ویمارس النظام البحريني الاعتقالات التعسفية والمحاكمات غير العادلة والاختفاء القسري والتعذيب واستخدام القوة المفرطة بحق التجمعات السلمية منذ سنوات بدعم مباشر من الادارة الامريكية والنظام السعودي ضاربا بعرض الحائط كل المواثيق الدولية وحقوق الانسان.

وارتفعت مستويات القمع في البحرين حيث أن السلطات البحرينية تعمد منذ عام 2016 إلى إبعاد المعارضين والنشطاء السياسيين والصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، فمعظم قيادات المعارضة تعرضوا للإبعاد أو المحاكمة. كما أن حملة الاضطهاد والقمع طالت السجون أيضا، حيث أن المعارضين السياسيين يواجهون معاملة مهينة وإهمالا طبيا ومضايقات.

وأكدت جمعية الوفاق البحرينية المعارضة أن استشهاد العرب والملالي جرى عن طريق القتل خارج القانون، ولفتت الوفاق إلى أن منظمة العفو الدولية أكدت أن الناشط علي العرب تم اقتلاع أظافر قدميه وصعقه بالصدمات الكهربائية وضربه وإرغامه على توقيع اعترافه وهو معصوب العينين.

بدوره اعتبر تيار الوفاء الإسلامي ان الجريمة قد كتبت حكم الاعدام والثار والملاحقة على رموز النظام ومرتزقته؛ وأن دماء الشهيدين عززت إرادة المقاومة.

وأصدرت حركة الحريات والديمقراطية (حق) بياناً أدانت فيه الجريمة البشعة التي اقترفتها أجهزة النظام وذلك بإعدام الشابين أحمد الملالي وعلي العرب.

ووصف منتدى البحرين لحقوق الإنسان تنفيذ أحكام الإعدام بحق أحمد الملالي وعلي العرب بالمروعة، واعتبرها جريمة قتل خارج إطار القانون.

وأضاف المنتدى أن هؤلاء الأشخاص تعرضوا لمحاكمة غير عادلة كان التعذيب فيها سيد الأدلة، كما أفلت من تورط في تعذيبهم من العقاب.

ومن جهته؛ حمّل رئيس منتدى البحرين لحقوق اﻹنسان باقر درويش المسؤولية القانونية عن تنفيذ الحكم لملك البحرين، وغرد قائلا: "البحرين: ربما لن ينشروا مرسوم تنفيذ حكم الإعدام كما فعلوا في 2017 بحق الأبرياء الثلاثة #عباس_السميع و #علي_السنكيس و #سامي_مشيمع، إلا أن الرأي العام البحريني لن يرى بعينيه سوى الملك بوصفه يتحمل المسؤولية القانونية عن ارتكاب هذه الجريمة البشعة بحق #علي_العرب و#أحمد_الملالي".

وقال المعارض البحريني سعيد محمد الشهابي للجزيرة إن الاعترافات انتزعت من الشابين علي العرب وأحمد الملالي تحت التعذيب الذي تضمن نزع الأظافر والربط بكرسي على مدى أيام.

وأوضح الشهابي أن هناك أكثر من 20 شخصا ينتظرهم الإعدام بعد أن استنفدوا مراحل الطعن في الحكم، معتبرا أن الأحكام صدرت بحقهم بعد اعترافات انتزعت تحت التعذيب.

وقال النائب البحريني السابق علي الأسود في تغريدة له: "للأسف فإن دعم المجتمع الدولي الرسمي للحكومات الدكتاتورية المتسلطة بالقوة على الشعوب العربية أحد أسباب استمرار القمع والقتل والتهجير، المصالح لدى الغرب تتفوق على القيم والمبادئ في مقابل حاجة الحكام إلى دعم الدول العظمى لاستمرار حكمهم، النهايات غالباً لا ترضي الحاكم الظالم".

أما الحقوقية مريم الخواجة فقد انتقدت عدم تسليم الجثث إلى عائلاتهم وكتبت: "على عكس قانون البحرين؛ لم يتم تسليم جثتي علي العراب وأحمد الملالي لعائلاتهم لدفنهم، لكن النظام اختار المقبرة، وسيسمح فقط لعدد محدود للغاية من أفراد الأسرة بالحضور في ظل وجود أمني كثيف".

واحتجاجا على احكام الإعدام لأحمد الملالي وعلي العرب، اعتلى الناشط البحريني موسى عبدعلي مبنى السفارة البحرينية في العاصمة البريطانية لندن، مطالبا رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون بالتدخل لوقف إعدام الشابين اللذين انتزعت اعترافاتهما تحت التعذيب.

وخلال تواجده على سطح مبنى السفارة البحرينية، حاول أحد موظفي السفارة إلقائه من على سطح المبنى، فيما انهال لاحقاً عليه عدد من الموظفين الخاصين بسفارة البحرين، بالضرب بألواح خشبية وفق ما أفاد موسى عبدعلي بعد خروجه من السفارة.

أوروبا وايران يدينان والأورومتوسطي: جريمة ضد الانسانية

ودان الاتحاد الأوروبي حكم الإعدام الذي نفذه النظام البحريني بحق الناشطين علي العرب وأحمد الملالي. من جهته، دان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تنفيذ السلطات البحرينية لحكم الإعدام، واعتبره جريمة ضد الإنسانية.

وقال المرصد إن علي العرب وأحمد الملالي تعرضا للتعذيب الشديد أثناء عملية التحقيق من قبل السلطات البحرينية التي ارتكبت انتهاكات خطيرة للإجراءات القانونية الواجب اتّباعُها أثناء عملية التوقيف.

وذكر الأورومتوسطي أن عملية الإعدام الثالثة التي نفذت في البحرين استهدفت أيضاً مؤذن مسجد على خلفية إدانته بقضية جنائية.

الى ذلك، دانت طهران إعدام النظام البحريني الشابين علي العرب واحمد الملالي، وأكدت أن الأساليب البوليسية لا تساعد على حل الأزمة البحرينية.

وقال المتحدث باسم الخارجية الايرانية عباس موسوي إن النظام البحريني بدلاً من أن يتصالح مع شعبه، أظهر أنه لا يريد سلوك الطريق العقلاني، ويصر على سياسة اضطهاد الشعب.

واضاف موسوي أن التقارير الدولية أشارت الى أن الشابين تعرضا للتعذيب ومحاكمات غير عادلة، وقال إنّ النظام البحريني بات هو من ينفذ الاعدامات بدلاً من الاعتماد على المجاميع الإرهابية لتصفية المعارضين.

کما استنكر الامين العام لحركة النجباء العراقية اكرم الكعبي، السبت، قيام الحكومة البحرينية بإعدام شابين، وقال في بيان، "ليس غريبا على ديكتاتور ظالم أن يقدم على إعدام شابين حرين شجاعين قد اتخذا منهج أبي الأحرار الإمام الحسين (عليه لسلام) طريقا وسبيلا، فقالوا للطاغي: كلا وألف كلا، وهيهات أن نركع أو نخضع.

واضاف: هذا النظام الفاقد للهوية البحرينية، والذي صدر إلى هذا الشعب الأبي ليسرق حريته ويجثم على صدره ويسلب إرادته، هذا النظام الغاشم أعدم شعبا كاملا بسلبه أبسط حقوقه وحرياته، أعدم أغلبية ساحقة في البحرين أرادت الحياة والعيش الكريم بعيدا عن الخضوع والتبعية لقوى الاستكبار والاستعمار والصهيونية".

بدوره ادان الأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي، اقدام النظام البحريني على إعدام شابين قائلا "على النظام الخليفي ان يعلم ان إعدام الشهيدين علي العرب واحمد الملالي لن يزيد المقاومين الا صمودا ولن يعجل الا بنهايته المحتومة، وان يوم المظلوم على الظالم اشد من يوم الظالم على المظلوم".

وبعد ثمانية أعوام من الأزمة في البحرين، لا يبدو أن معايير احترام حقوق الإنسان في مملكة البحرين سائرة نحو التحسن؛ فالتقارير شبه اليومية الواردة تفيد باتساع دائرة الانتهاكات للحقوق السياسية والمدنية، من اعتقالات تعسفية وإخفاء قسري ومحاكمات غير عادلة وتعذيب وإسقاط جنسية، وغيرها من الممارسات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية والقضائية في المملكة على خلفية الحراك الحقوقي والسياسي.

وراى الخبير جهاد أيوب ان ما قام به النظام البحريني من خلال تعذيب الأبرياء في سجونه لكونهم يطالبون بحقوق مدنية هو ضد الإنسانية، وإرهاب ولا يوصف بغير ذلك، وضد حقوق المواطن، وضد كل شرائع العالم، وهو فعل كفر في كل الديانات، وفعل بربري بفجور الفاعل، ومن عصر الجاهلية بفجور صاحب القرار، ومن الاعمال الشنيعة التي لم تستجب لكل المناشدات الإنسانية والحقوقية في العالم.

واضاف ايوب: إن تعمد إعدام الشهيد علي العرب والشهيد أحمد الملالي دون ذنب، ودون محاكمة عادلة، ودون الالتفات إلى أصل الحكم، وأصول المحاكمة، وأصل العدل، وأصول القضاء، وأصل الإسلام، وأصول الدين هو كفر لا بعده كفر، هو عصر حجري متخلف لا ينتمي إلى هذا العصر، لا ينتمي إلى الإنسانية بصلة، ولا ينتمي إلى الدين لا من قريب ولا من بعيد، ولا كتاب عند من قام بهذا الفعل الإجرامي.

واكد ان شهداء البحرين فضيحة بحق من يدعي الإسلام وهو صامت عن مواجهة الديكتاتور الفاعل في البحرين، وان شهداء البحرين ازاحوا ورقة التوت عن دور الأمم المتحدة وتوابعها ممن يتغنى بحقوق الإنسان، لا بل أسقط دور حقوق الإنسان في بلاد الغرب.