في الإمارات لا أحد يستشير المسكين قرقاش!

في الإمارات لا أحد يستشير المسكين قرقاش!
الأربعاء ٣١ يوليو ٢٠١٩ - ٠٦:٢٧ بتوقيت غرينتش

الخبر وإعرابه

العالم- الخبروإعرابه

الخبر :

الزيارة التي قام بها الوفد الإماراتي لطهران والاجتماع المشترك لخفر السواحل الإماراتي بنظيره الإيراني ما أثار غضب السعوديين فحسب وأنما أثار قلق بن سلمان بشدة.

التحلیل: المرافقة العديمة الجدوی لبن زايد لابن سلمان أوصله مؤخرا إلی إحاطة مفادها أنه في تعامله مع ولي عهد السعودية الشاب لا تحصل بلاده سوی تحمل النفقات والتکاليف، لهذا فقد فضل في الظروف الراهنة أن يقلص من حجم هذه التکاليف إلی أدنی حدود. وبالنتيجة وفي إجراء يبدو منطقيا قد وضع قضية استئناف العلاقات مع ايران في جدول أعماله.

والإيفاد الرسمي للوفد الإماراتي إلی ايران بعد سنة 2013 يعد الخطوة الأولی من نوعها ويبدو أنه يأتي تمهيدا للحضور الأبرز للمسؤولين الإماراتيين في ايران وبالطبع تنمية العلاقات التي کانت قد تراجعت من قبل الامارات دون سبب.

مرافقة الإمارات لأمريکا وترحيبها بفرض الحظر علی ايران من قبل ترامب و إعرابها عن استعدادها- إلی جانب السعودية- في توفير نفط العالم بعد طرد ايران من هذه السوق وتصفير صادرات ايران من النفط ظلت عديمة الجدوی.

وفي وقت سابق تم تقييد الأنشطة المالية لايران في الإمارات بغرض إضعاف البنية المالية والتجارية لها لکن هذه الإجراء أيضا لم ينته بالامارات وأمريکا إلی نتائج مطلوبة.

هذه الهزائم المتتالية الی جانب الفهم الدقيق لمسألة أن التوتر في الخليج الفارسي ستصيب أضراره الأقطار الأخری بالمنطقة قبل أن تصيب ايران، هذه التجربة هي الأخری أدت بالامارات إلی أن تسلك طريقا آخر مخالفا لطريق بن سلمان وترامب بشأن ايران.

کما أن مشاهدة أمريکا وهي عاجزة عن فعل أي شيء فيما يخص قضية الهجوم علی السفن الاماراتية في الفجيرة الی جانب اسقاط الطائرة الأمريکية المسيرة من قبل إيران وأخيرا احتجاز ناقلة النفط البريطانية هذه کلها کانت في الحقيقة إجهازا علی فکرة أن أمريکا ولا السعودية ولا أية قوة أخری أجنبية وإقليمية لا تستطيع أن تزعم أنها بإمکانها آن تؤمن أمن منطقة الخليج الفارسي دون حضور بلدان المنطقة. وانطلاقا من هذا ومن أجل الحفاظ علی مصالحه الاقتصادية والأمنية فقد توصل بن زايد إلی إحاطة أن يسلك طريقا مخالفا للسائرين ازاء ايران.

وإلی جانب هذه کلها فقد تحولت قضية اليمن أخيرا إلی ظاهرة عصية علی الحل بالنسبة للإمارات، و الإمارات بجهودها العسکرية والدبلوماسية کلها لم تستطع أن تزود بن زايد بحل لائق للخروج من هذه الأزمة. والنقطة الأخری التي أوصلت ابوظبي الی هذه الإحاطة هي أنها في الواقع وعلی الصعيد العملي تتکفل تکاليف جلوس بن سلمان علی العرش وأحيانا قيادته للعالم الإسلامي من خلال تحالفها العديمة الأثر والثلاثي ضد اليمن.

وبعد زيارة الوفد الإماراتي إلی طهران تفجر الفضاء الافتراضي علی يد القوات الافتراضية لبن سلمان. فقد اتهمت جميع القوات الافتراضية في هذا الفضاء الامارات بالخيانة. وبالطبع أثبتت هذه القضية قبل کل شيء مدی استياء آل سعود ولاسيما بن سلمان من الاتجاه الاماراتي الجديد بشأن إيران. بالطبع القوات الافتراضية لبن سلمان لن يستطيعوا أبدا أن يقدروا مدی الکلفة التي تتعرض لها الإمارات إذا ما تعرضت دبي بوصفها إحدی أکبر الأقطاب الاقتصادية بالعالم لحادثة ولو بسيطة، تلك التکاليف التي من شأنها أن تعيد الامارات الی ما قبل 40 سنة وبالتحديد زمن تأسيسها، فضلا عن غيرها من النفقات الناتجة عن مرافقته لبن سلمان.

ولعل أشد المواقف حکمة في هذه الظروف هي موقف انور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي الذي اکتفی بالقول في تغريدة له نشرها: شق الصف السعودي الإماراتي من باب اليمن أو ​إيران​ أو غيرهما مستحيل.

السيد قرقاش، هذا الشق قد حدث منذ مدة لکنه الآن تم نشره في وسائل الإعلام. ولربما آن الأوان لکي تشك في موقعك الاستشاري. فلعلك الشخص الوحيد الذي لا يستشيره کبار مسؤولي الامارات .

ومن هذا المنطلق استنتج بن زايد ان عليه اختيار طريق مختلف عن باقي الدول الخليجية حيال إيران من أجل حماية مصالحه الاقتصادية والأمنية في الخليج الفارسي.
إلى جانب كل هذه القضايا، تحولت القضية اليمنية هذه الأيام الى معضلة لا يمكن للإمارات حلها، كما أن مجمل الجهود العسكرية وكذلك الدبلوماسية التي بذلتها أبوظبي لم تتمخض عن حل يضمن لبن زايد خروجاً مشرفاً من هذه الأزمة.
النقطة الأخرى هي أن أبو ظبي ادركت أنها في الواقع هي التي ستدفع تكاليف وصول بن سلمان الى الحكم او ربما قيادة العالم الاسلامي بحضوره في تحالف عديم الجدوى ضد اليمن يتشكل من ثلاثة أعضاء.
وبالفعل لقد انفجر جنود بن سلمان الالكترونيين مواقع التواصل الاجتماعي بعد زيارة الوفد الإماراتي إلى طهران. بالطبع، جميع الجنود الالكترونيين السعوديين اتهموا الإمارات بالخيانة ويشيرهذا الامر إلى استياء آل سعود، وخاصة بن سلمان، من النهج الإماراتي الجديد تجاه إيران. بالطبع ، لا يمكن لجنود بن سلمان الالكترونيين أن يتخيلوا ما هي الاضرار التي ستتكبدها الإمارات، في حال وقوع حادث صغير في دبي باعتبارها واحدة من أكبر المراكز الاقتصادية في العالم. هذه التكلفة بالاضافة الى التكاليف الأخرى التي تدفعها ابو ظبي دعما لابن سلمان بامكانها ان تعيد الامارات الى الوراء حينما كانت في بداية تاسيسها قبل 40 سنة.
ولعل وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش اتخذ الموقف الأكثر حكمة في هذه القضية والذي قال في تعليق على مواقع التواصل الإجتماعي، ان "شق الصف السعودي الإماراتي من باب اليمن أو إيران أو غيرهما مستحيل. يا سيد قرقاش الفجوة موجودة منذ فترة طويلة لكنها تداولت في وسائل الإعلام بالوقت الراهن. ربما حان الاوان لکي تعید النظر في مهمتك الاستشارية.. فقد تکون الوحيد الذي لا یستشیرك کبار زعماء الامارات!!!

-