'الإسرائيلي' أمام خارطة قوى حاكمة لـ'حلف المقاومة'!

'الإسرائيلي' أمام خارطة قوى حاكمة لـ'حلف المقاومة'!
الجمعة ٣٠ أغسطس ٢٠١٩ - ٠٨:٢٥ بتوقيت غرينتش

أجزم أن 'الإسرائيليّ' ليس بصدد فتح جبهات عسكريّة مع أطراف 'حلف المقاومة'، في ظل خارطة القوى الحاكمة لهذه المرحلة، باستثناء جبهة 'غزة'، والتي يعتبرها 'نتنياهو'، أو غيره، جبهة تحريك مفيدة في أي عملية انتخابيّة سياسيّة داخليّة!!!

العالم ـ مقالات وتحليلات

وهنا السؤال، إذن ما الذي يريده 'الإسرائيلي' من وراء عدوانه على سوريّة والعراق ولبنان، وهو سؤال نعتقد أنّه بحاجة إلى جواب حاسم، بعيداً عن المعنويات والحالة المعنوية أو الارتجاليّة، كي تُبنى على أساسه مواقف أطراف 'حلف المقاومة'.

يعتقد 'الإسرائيلي' أن خارطة القوى التي أنجزها 'حلف المقاومة' في ظل العدوان على سوريّة، وخاصة خلال السنوات الست الأخيرة، هي الأساس في عنصر الخطورة الذي يهدد وجود كيانه، خاصة وأن هذا الكيان يعيش حالة أو مرحلة خطيرة من خلال اخفاق الولايات المتحدة الأمريكيّة في تحقيق أهدافها الكبرى على مستوى المنطقة.

إن هذا الإخفاق 'الأمريكي' والتراجع الذي يعصف بوجوده أو تأثيره على عناوين المنطقة، دفع 'الإسرائيلي' بالبحث عن خيارات عديدة، منها محاولته في ترتيب اصطفاف 'إسرائيلي _ عربي' يساهم في حماية كيانه، من خلال الابقاء على 'حلف المقاومة'، وخاصة إيران، عدواً مباشراً لهذا الاصطفاف، ممّا يُبقي على حالة الاشتباك قائمة مع هذا 'الحلف'، بعيداً عن خسارة 'الأمريكي' أو تراجعه من المنطقة.

كما أن 'الإسرائيلي' حاول الاستثمار في الحضور الضعيف لـ'الأمريكي' بالاعتماد على قوته الناعمة، أي قوة 'الأمريكي'، من خلال التهديد باستعمال القوة العسكريّة الافتراضية، ثم الدفع باتجاه تمرير 'صفقة القرن'، باعتبارها الضامن الرئيسي لحضور ووجود 'الإسرائيلي' المستقبلي.

لعبت أجهزة استخبارات عربيّة أدواراً عديدة في الدفع باتجاه تمرير هذه السيناريوهات، لكنّها لم تُفلح، فقد حافظ 'حلف المقاومة' على رباطة جأشه، وبقي يخوض معركته بكفاءة عالية جداً، وفوت كل الاحتمالات والخيارات التي كان يدفع بها 'الإسرائيلي'، فالاصطفاف 'الإسرائيلي _ العربي' لم ينجح في فرض عناوينه، كما أن 'صفقة القرن' لم تمر، نتيجة الضعف الذي كان قد ألحق بـ 'الأمريكي'، ثم لم تنجح قوى بعينها كان يقودها 'الإسرائيلي' و'الأمريكي' من شنّ عدوان على 'إيران' نتيجة القوة العسكريّة الصاعدة التي أنتج خارطتها الجديدة 'حلف المقاومة'.

إذن.. الخارطة العسكريّة لـ'حلف المقاومة' كانت واحدة رئيسيّة في دفع 'الإسرائيلي' للتعبير عن رفضه لها، ولو بالحد الأدنى للتعبير عن هذا الرفض، فهو يرى، ونعني هنا 'الإسرائيلي'، أن الخطورة إذاً في الخارطة الصاعدة، والتي أنتجها 'حلف المقاومة' خلال السنوات القليلة الماضية في غفلة العدوان على سورية، وهو ما ذكرناه أكثر من مرة.

لم يكن أمام 'الإسرائيلي' إلا الاحتكاك في مفاصل التشبيك التي أنتجت هذه الخارطة، فهو لا يستطيع أن يعتدي على 'حزب الله' في لبنان، لكنّه يحتك به في سورية، وهو لم يستطع أن يحتك مع السوري دون رسائل واضحة كان يحمّلها للحليف 'الروسي'، تعليلاً بأنّه لا يريد الاشتباك مع الجيش السوري، وإنّما يريد منع التشبيك مع 'حزب الله' فوق الأرض السوريّة، كذلك بالنسبة لعدوانه أو احتكاكه مع 'الحشد الشعبي' في العراق، فهو قالها واضحة، بأنّه لا يريد ضرب العراق، وإنّما يريد أن يمنع الحضور 'الإيراني' في العراق.

المعركة تماماً عند هذه العناوين، فـ'الإسرائيلي' يريد الدفع باتجاه تأمين المنطقة بمعادلة أمنيّة كانت حاكمة لها قبل العدوان على سوريّة، لكنّه لم يستطع تأمين ذلك بالسياسة، لهذا فهو يحاول بالقوة، لكنّه يخشى لهذه القوى أن تواجه بقوة رادعة من قبل 'حلف المقاومة'.

يعتقد 'الإسرائيلي' أنّ الحضور 'الأمريكي'، بالرغم من ضعفه وتراجع تأثيره، والحضور 'الروسي' في سوريّة، قوّتان رئيسيتان ضامنتان لعدم تطور الاحتكاك الذي يقوم به من حينٍ لآخر، لكنّه يدرك أيضاً أن هذه المرحلة المحكومة بهذين الحضورين لا يمكن لها أن تطول، وبالتالي عليه أن يبحث عن مخارج تؤمّن له إمكانيّة إنهاء الخارطة العسكريّة الصاعدة والحاكمة للمنطقة في هذه اللحظة التاريخيّة من عمرها.

هنا يبدو الاستعصاء 'الإسرائيلي' واضحاً وجليّاً، فهو من جهة لم يستطع أن يمرر سيناريو يضمن له أمنه الاستراتيجيّ، كما أنّه لا يمتلك القدرة الكاملة لخوض معركة مفتوحة مع أطراف 'حلف المقاومة'.

إن هذه المعادلة الحاكمة جيّداً لحال 'الإسرائيلي'، والتي لم تكن مسبوقة خلال عقود طويلة من حياته، تجعله ضمن حصار استراتيجي حقيقي، نعتقد أن احتمال الخروج منه ضعيف جدا.

* خالد العبود ـ شام تايمز