هل الوضع الاقتصادي في لبنان شارف الخطوط الحمر؟

هل الوضع الاقتصادي في لبنان شارف الخطوط الحمر؟
الجمعة ٠٦ سبتمبر ٢٠١٩ - ٠٩:٥٠ بتوقيت غرينتش

بعد الرسالة الواضحة من الموفد الفرنسي المكلف متابعة تنفيذ مؤتمر "سيدر" بيار دوكان، الذي طالب الحكومة اللبنانية إلى المسارعة في اتخاذ خطوات إصلاحية لإخراج لبنان من هذا الواقع الأليم الذي يعيشه، هناك علامة استفهام: هل الوضع الاقتصادي في هذا البلد شارف الخطوط الحمر؟

دوكان بعد زيارته للبنان ولقائه بعض المسؤولين فيه، حدّد في مؤتمر صحافي عقده في المركز الثقافي الفرنسي في بيروت المخاطر الحقيقية التي تهدد الاقتصاد اللبناني، وشدّد على ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة، ولا سيما في ملف الكهرباء ووجوب أن تكون له الأولوية في أي عمل إصلاحي في المرحلة المقبلة .

ورأى دوكان أنّ النفط المكتشف في لبنان أمر إيجابي لكنه ليس الحل السحري لكل الصعوبات التي يواجهها، فضلا عن أنه لم يستخرج بعد، داعيا إلى اتخاذ تدابير بسرعة، إذ لا يمكن الاستمرار بالجدالات اللامتناهية، والمهمّ أن عملية "سيدر" لا تزال قائمة في المنهجيّة المتّفق عليها، وهي العقود والاستثمارات بين لبنان والمجتمع الدولي وأشار إلى أنّ السلطات اللبنانية مدعوّة إلى وضع هرميّة واضحة للمشاريع المختلفة.

جريدة "الأخبار" اللبنانية شبهت بيار دوكان بـ"مندوب سام" وكتبت: "لم يشأ المبعوث الفرنسي المكلّف متابعة مؤتمر "سيدر" بيار دوكان أن يوارب أو أن يهادن. قال الأمور كما هي، وبلهجة أقرب إلى أوامر صادرة عن "مندوب سام": هذه هي خريطة الطريق الواجب اتباعها لخفض العجز والخروج من النفق المظلم، إما أن تلتزموا بها أو تتحمّلوا المسؤوليّة.

كان المبعوث الفرنسي المكلّف متابعة مؤتمر "سيدر" بيار دوكان قاسياً على المسؤولين اللبنانيين المنتظرين المعجزات. واجههم بحقيقة أن "لا حلَّ سحرياً قد يحلّ كل المشاكل، لا اكتشاف النفط ولا غيره". ولأن "بعض الأشخاص لا يزالون يعتقدون أن هناك حلاً يأتي على شكل معجزة"، فقد رفع من مستوى تحذيره من أن الوضع لم يعد يحتمل المزيد من التأخير، ولا بد من البدء بالإجراءات المطلوبة لأن الوقت يدهمنا ولا يمكن أن نستمر بالجدالات اللامتناهية هذه.

وفي الوقت الذي يرى فيه بعض المحللين أن زيارة المبعوث الفرنسي إنما جاءت لتعبّر عن الاعتراض على نتائج حوار بعبدا الاقتصادي وعدم حسمه مسألة زيادة بعض الرسوم والضرائب، ومنها وضع رسم على البنزين وزيادة الضريبة على القيمة المضافة والإسراع في زيادة تعرفة الكهرباء، بالإضافة إلى العمل على تقليص القطاع العام، ذهب دوكان ليعلن اعتراضه على مهلة الستة أشهر التي وضعها رئيس الجمهورية ليتحسّن الوضع. وأشار إلى أن "هناك مؤشرات لم تكن سيئة منذ ستة أشهر كما هي سيئة الآن"، لذلك "كلما سرّعتم أكثر، أدى ذلك إلى صرف الأموال".

وكتبت جريدة "الديار" بدورها على وقع المؤتمر الصحافي "التوبيخي" لـ"عراب" مؤتمر سيدر السفير بيار دوكان الذي "دق" ناقوس الخطر في وجه المسؤولين اللبنانيين "الواهمين" وغير الجديين بالإصلاحات، إذ قدم صورة قاتمة عن الحقائق الاقتصادية في البلاد: "فبعد ثلاثة أيام على وجوده في بيروت، عقد مؤتمرا صحافيا يمكن اعتباره "توبيخا" أو "تأنيبا" للمسؤولين اللبنانيين الذين لا يقاربون هذا الملف على نحو جاد، مختصرا المشهد بالقول "إن الوضع طارئ للغاية، ولا يمكن أن نجد أي مؤشر اقتصادي أو مالي ليس سيئا"، والحل السحري الذي يفكر به البعض غير موجود... وإذا بقيت السياسات المعتمدة على حالها فإن لبنان سيكون عاجزا عن تجاوزها وسيؤدي حتماً إلى ما هو أسوأ. بمعنى أنّه ألقى الكرة في ملعب اللبنانيين، وهذا يوجب على السياسيين المسارعة إلى المعالجة. فكلام دوكان يُفهم أنه إن لم يبادر المسؤولون إلى المعالجة في المرحلة المقبلة، فلا تنتظروا أن تحافظوا على مستوى التصنيف الحالي، حيث بالتأكيد سيكون الوضع اكثر صعوبة مما هو عليه الآن".

جدير بالذكر بتاريخ 6-4-2018 إجتمعت في العاصمة الفرنسية باريس 40 دولة لبحث سبل دعم اقتصاد لبنان، ولجمع أكبر مبلغ ممكن من القروض والهبات للبدء بمشاريع للبنى التحتية وتشجيع الاستثمارات فيه، وأطلق على هذا المؤتمر اسم "سيدر" نسبة إلى أرز لبنان.

وبلغت الحصيلة النهائية التي وعد بها لبنان من مؤتمر سيدر نحو 11 مليار و800 مليون دولار، شرط قيامه بالإصلاحات المطلوبة منه.