الدائنون يلاحقون السودان

الدائنون يلاحقون السودان
الإثنين ٠٧ أكتوبر ٢٠١٩ - ١٠:٣٤ بتوقيت غرينتش

تلقي الديون المتراكمة على مدار عدة عقود بأعباء كبيرة على الاقتصاد السوداني الضعيف، بينما لا تلوح في الأفق بعد أي بوادر للخروج من هذا المأزق، رغم الوعود المتكررة للدائنين والمانحين بمساعدة الدولة في الخروج من عثراتها، التي دفعت شركات عالمية، في الأسابيع الأخيرة، إلى تجميد نشاطها والتوجه إلى ساحات القضاء الدولي للمطالبة بتعويضات عن مستحقاتها المتراكمة.

العالم - السودان

وقبل أسابيع قليلة، قررت ثلاث شركات نفط عالمية الخروج من السودان، بسبب مستحقاتها المتراكمة لدى الدولة، التي عجزت منذ أكثر من خمسة عقود عن الالتزام بتسديد ديونها التي وصلت إلى نحو 58 مليار دولار وفق البيانات الرسمية، ما تسبب في تردّي القطاعات الاقتصادية وتدنّي الخدمات المقدمة للمواطنين.

فقد عزمت الشركة الصينية الوطنية للبترول "سي أن بي سي"، وشركة النفط الهندية "أو أن جي سي"، وبتروناس الماليزية، على مغادرة قطاع النفط، بينما تستحوذ الشركات الثلاث على 95 في المائة من القطاع، منها 40 في المائة لصالح الشركة الصينية و30 بالمائة للشركة الماليزية و25 بالمائة للمؤسسة الهندية.

ولم تقتصر خطوات الشركاء الأجانب على تجميد نشاطهم، بل لجأ البعض إلى التحكيم الدولي. ووفق موقع "أويل برايس" الأميركي المتخصص في الشأن النفطي مؤخراً، فإن الشركة الهندية لجات إلى التحكيم الدولي لاسترداد مستحقاتها المالية، مشيرا إلى أن الشركة أبلغت الخرطوم، في 10 مايو/أيار الماضي، بنيّتها مغادرة البلاد.

ورفعت "أو أن جي سي" الهندية دعوى تحكيم ضد السودان أمام محكمة لندن، لاسترداد مستحقات متراكمة خاصة ببناء خط أنابيب ومبيعات الخام لعامي 2016 و2017 تبلغ قيمتها 98.9 مليون دولار.

ويعاني السودان، وهو منتج صغير للنفط، من المصاعب الاقتصادية منذ انفصال جنوب السودان في عام 2011، حيث كان لجنوبه 75 في المائة من جملة النفط المستخرج في البلاد.

وقال وزير النفط والغاز السابق، إسحاق بشير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن مستحقات الشركات الأجنبية ناجمة عن شراء الحكومة نصيب الشركات من الخام المستخرج بغرض تكريره وسد العجز في الاستهلاك المحلي من المشتقات النفطية.

وأضاف بشير أن الحكومة عاجزة منذ عام 2015 عن سداد مستحقات الشركاء الأجانب التي بلغت نحو 1.5 مليار دولار، مما دفع اثنين من هؤلاء الشركاء، وهما بتروناس الماليزية و"سي ان بي سي" الصينية، إلى إبداء رغبتهما في عدم تجديد عقد الامتياز مع شركة النيل الكبرى الحكومية، الذي ينتهي عام 2021، لافتا إلى تدني إنتاجية المربع النفطي الذي تعمل فيه الشركة بسبب هذه المشكلة من 50 ألف برميل يومياً إلى 17 ألف برميل.

بدوره، اعتبر الوزير السابق بوزارة النفط، سعد الدين البشري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تدني أسعار النفط عالميا زاد من تعقد الموقف في السودان، ما عظم من مبررات الخروج من الدولة. ولا تزال أسعار الخام متراجعة كثيراً عن مستويات 2014. وسجلت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت في تعاملات يوم الجمعة الماضي، تسليم ديسمبر/كانون الأول المقبل، نحو 57.6 دولارا للبرميل.