كيف تسلسلل الـ'الجوكر' إلى تظاهرات لبنان ؟

كيف تسلسلل الـ'الجوكر' إلى تظاهرات لبنان ؟
السبت ٢٦ أكتوبر ٢٠١٩ - ٠٣:٤٣ بتوقيت غرينتش

كثيرا ما حذر علماء الاجتماع من آفة التقليد الاعمى التي تغزو مجتمعاتنا ، وخاصة التقليد الاعمى للغرب،  وهو سلاح فتاك يبطش بثقافتنا وينسف قيمنا ويهز اخلاقنا، دون ان ندرك جسامة ما نرتكبه بحق انفسنا وبحق مستقبل اجيالنا.

العالم - كشكول

امثلة عديدة يمكن الاشارة اليها كنماذج للتقليد الاعمى للغرب، قام شبابنا بتجسيده دون ادراك للمخاطر المترتبة عليه ، منها تقليد الغربيين في الملبس و المأكل والكلام والتصرفات والحركات وفي مظهرنا الخارجي وحتى في تسريحة الشعر، فجميع ابطالنا هم ابطال الافلام الامريكية والغربية، حتى لو كانوا مجرمين وقتلة وشاذين.

آخر انواع التقليد هذه ظهرت في تظاهرات لبنان ، حيث خرج بعض المتظاهرين، شباب وشابات، وهم يرسمون على وجوههم قناع "الجوكر" ، اعتقادا منهم ان القناع رمز " للتمرد" ، بينما الحقيقة ليست كذلك بالمرة، فهذا القناع هو قناع "العنف" و"القتل" و "الجريمة" و "الشذوذ" و "الانحراف" ، بشهادة الامريكيين والغربيين انفسهم.

ونقلا عن الصحافة الغربية فان "الجوكر" فيلم أميركي يحكي قصة ممثل كوميدي فاشل (مهرج) ، مُخنّث، لقيط، مختل عقليا، تعرض للاعتداء من قبل الكبار وهو صغير، وتدور احداث الفيلم في مدينة «غوثام» الخياليّة عام 1981.

يحاول المهرج عبر والدته طلب المساعدة من ابيه غير الشرعي وانتشالهم من الفقر، وعندما يذهب لابيه عندها يفهم فقط ان امه التي ربته ليست امه الحقيقية، وأنها أهملته وسمحت لعشيقها بأن يضربه ويسيء إليه، ما تسبب في تعرُّضه لإصاباتٍ عديدةٍ بالرأس، فيتحول إلى حياة الجريمة والفوضى في مدينة غوثام.

إثار فيلم "جوكر" الجدل منذ العرض الافتتاحي، بعد أن خرج عدد من المشاهدين أثناء العرض في كافة أنحاء العالم قائلين إن الفيلم مزعج للغاية، ودعا الكثيرون إلى حظر الفيلم من دور العرض، قائلين إنه يروج للعنف ويمكن أن يلهم البعض للقيام بعمل إجرامي مثل إطلاق النار الجماعي، فقد تم على هامش عرض الفيلم تسجيل بعض الحوادث، بينها إلغاء عرضين في هونتينغتون بيتش، بولاية كاليفورنيا، بعد تلقيهما تهديدا، وفقا لما ذكرته الشرطة المحلية، كما قامت الشرطة باصطحاب عدد من المشاهدين خارج قاعة العرض في مدينة نيويورك، بعد أن أثاروا مخاوف الحاضرين بسبب الهتاف والتصفيق في كل مرة يقوم فيها بطل الفيلم "الجوكر" بقتل شخص ما.

وتوجه المشاهدون إلى "تويتر" للتعبير عن آرائهم حول الفيلم، حيث غرد الكثيرون أنهم انسحبوا من العرض بسبب المشاهد المظلمة في الفيلم والعنف الشديد الذي بث الرعب في قلوبهم، مشيرين إلى أن الفيلم يمكن أن يؤدي إلى ارتكاب أعمال عنف قد تصل حد إطلاق النار، فضلا عن أنه قد يؤثر على الصحة النفسية لأولئك الذين يعانون من اضطرابات عقلية.

يرى العديد من النقاد السينمائيين الامريكيين أن المجتمع الأمريكي لا يحتمل مثل هذا الفيلم في الوقت الراهن وذلك بسبب تزايد حدة خطاب الكراهية في المجتمع وتكرار حوادث إطلاق النار وازدياد وتيرة العنف المسلح، الذي بات ميزة تميز امريكا في ظل الادارة العنصرية والمتطرفة للرئيس الامريكي دونالد ترامب.

ومن المواقف الملفتة التي استقطبت اهتمام الصحافة في هذا السياق ، هو انسحاب الممثل الأمريكي خواكين فينيكس الذي جسد شخصية آرثر فليك (الجوكر) من مقابلة صحفية لصحيفة "تلغراف" بعد أن طُرح عليه سؤال يتعلق بفيلم الجوكر وعما إذا كان يشجع على العنف والقتال في العالم الحقيقي ليعود بعد غيابه لمدة ساعة من أجل استكمال المقابلة ويقول إنه شعر بالذعر ولم يفكر أبدًا في هذا السؤال.

هنا نسأل ، اذا كان قناع الجوكر يحمل كل الذي نقلناه عن الصحافة الامريكية والغربية ، وحتى عن بطل الفيلم نفسه، ترى ما هي الحاجة الى ان يضعه البعض على وجوههم؟، هي دعوة للعنف والقتل والفوضى والشذوذ؟، ام تقليد اعمى؟.