مخطط امريكي للاستحواذ على النفط السوري بذرائع بالية

مخطط امريكي للاستحواذ على النفط السوري بذرائع بالية
الإثنين ٢٨ أكتوبر ٢٠١٩ - ٠٢:٠٥ بتوقيت غرينتش

تصريحات جديدة لمسؤولين أمريكيين تشير إلى مخطط الولايات المتحدة لإبقاء قسم من قواتها العسكرية في سوريا وتعزيزها بذريعة منع "داعش" أو قوى أخرى من السيطرة على حقول النفط. وأثار اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتوظيف شركة نفط أمريكية لإدارة حقول نفط في سوريا انتقادات من خبراء قانونيين وخبراء في مجال الطاقة.

العالم - تقارير

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأسبوع الماضي، أنه سيبقي بعض الجنود الامريكيين حول حقول النفط في سوريا لتأمينها، وذلك بعد قراره سحب قواته من شمال شرق سوريا.

وقال مسؤول عسكري أمريكي الخميس الفائت (24 أكتوبر/ تشرين الأول 2019) إن الولايات المتحدة ملتزمة بتعزيز وضعها العسكري في سوريا بعتاد إضافي بهدف منع فلول تنظيم "داعش" أو قوى أخرى من السيطرة على حقول النفط.

ولم يفصح المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، عن العتاد الذي تدرس واشنطن إرساله.

وقال المسؤول "من أكبر المكاسب التي حققتها الولايات المتحدة وشركاؤنا في الحرب على داعش السيطرة على حقول النفط في شرق سوريا".

في السياق ذاته، اتهمت وزارة الدفاع الروسية، أمريكا بتأمين عمليات تهريب النفط السوري إلى خارج البلاد، ونشرت ادلة على ذلك، حيث نشرت الدفاع الروسية صورا من الاقمار الصناعية ترصد تحرك صهاريج نفط من سوريا إلى خارج الحدود.

وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء إيغور كوناشينكوف، السبت: "تدل الصور التي قدمتها الاستخبارات الفضائية، أن النفط السوري كان يستخرج، تحت حراسة قوية من العسكريين الأمريكيين، ويجري نقله بواسطة الصهاريج إلى خارج سوريا لتكريره، وذلك قبل وبعد دحر إرهابيي “داعش” شرقي الفرات".

تهريب واشنطن للنفط السوري 30 مليون دولار شهريا

كذلك، أعلن كوناشينكوف، قبل يومين، أن عائدات عمليات تهريب النفط السوري التي تقوم بها وكالات حكومية أمريكية تتجاوز 30 مليون دولار شهريا.

وقال كوناشينكوف: "إن تكلفة برميل النفط السوري المهرب، تبلغ 38 دولارا، وبذلك تتجاوز العائدات الشهرية من هذا العمل الخاص الذي يقوم به موظفون أمريكيون، 30 مليون دولار شهريا".

ووصف كوناشينكوف سيطرة واشنطن على حقول النفط في شرق سوريا بـ"قطاع طرق" ولكن على مستوى دولي.

وأضاف المتحدث قائلا "مثل هذه التدفقات المالية التي لا تخضع إلى أي تحكم أو ضرائب في الولايات المتحدة، ستجعل البنتاغون والمؤسسات الأمنية الأميركية مستعدة للدفاع بشكل دائما عن آبار النفط في سوريا من أسطورة خلايا تنظيم داعش الإرهابي النائمة".

كما أشار المتحدث إلى أن "عائدات تهريب النفط السوري ترسل مباشرة عبر سماسرة إلى حسابات مؤسسات أمنية أميركية خاصة، وإلى حسابات وكالات الأمن الأمريكية"، مشددا "ما تفعله واشنطن من استيلاء وسيطرة على حقول النفط في شرق سوريا، هو ببساطة قطع طرق لكن على مستوى دولي".

الامريكان متمسكون بنهب النفط من الحقول السورية

وفي السياق، اعتبر أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق زياد عربش، أن واشنطن متمسكة بالسيطرة على مناطق معينة في سوريا، لضمان استمرار سرقة نفطها والتحكم بالممرات البرية في شرق سوريا.

وأكد عربش أن الأمريكيين كانوا يسرقون النفط من الحقول السورية عبر التنظيمات الإرهابية المسلحة وينقلونه إلى الأراضي التركية بحماية مباشرة من الجيش التركي وبكميات كبيرة.

وأضاف، أن قطاع النفط السوري هو أول قطاع تم استهدافه منذ عام 2011 لمنع استيراد النفط من سوريا، وبعد أن سيطر تنظيم "داعش" الإرهابي على حقول النفط عمد إلى تكرير وسرقة الخام منه وشراء مصاف بدائية بتسهيلات من النظام التركي لتبدأ بعد ذلك عملية التهريب إلى الأراضي التركية وعلى مرأى من واشنطن.

وقدر عربش متوسط الكميات المنهوبة من نفط سوريا بنحو 100 ألف برميل يوميا، تناوب على سرقتها ونقلها إلى الأراضي التركية كل من تنظيم "داعش" وقوات سورية الديمقراطية "قسد"، والولايات المتحدة، بالشراكة مع النظام التركي.

وأوضح أن تنظيم داعش عمد إلى بيع النفط بأسعار تتراوح بين 10 و20 دولارا للبرميل ونقله بأرتال من الصهاريج بطول 3 كم وتفريغها في ميناء جيهان التركي عبر سماسرة وتجار أتراك وبتنسيق مع مخابرات النظام التركي إلى جانب استخدام جزء من هذا النفط السوري المسروق في مناطق جنوب تركيا.

حقول النفط السورية يجب تعود إلى سيادة الدولة

من جهته شدد رئيس اتحاد نقابة عمال النفط والثروة المعدنية بدمشق علي مرعي على أن كل حقول النفط والغاز يجب تعود إلى سيادة الدولة وأن الشعب السوري يرفض بقاء أي قوات أجنبية.

وأوضح مرعي، أن "قسد" كانت تهرب كميات كبيرة من النفط السوري إلى تركيا بأسعار منخفضة بشكل أساسي وبحماية من القوات الأمريكية المتمركزة في مناطق الشمال السوري، لافتا إلى أنه لولا تواطؤ القيادات الكردية مع الجيش الأمريكي لكانت سوريا استعادت منذ سنتين حقولها وحصلت على كميات كبيرة من النفط بدلا من تكريره من قبل "قسد" بطرق بدائية تسبب الأمراض وتدمر البيئة في تلك المناطق لعدم الخبرة الكافية في عملية التكرير وفرز النفط عن الماء والغاز فضلا عن إلقاء مخلفات التكرير في نهر الفرات.

وكشف مرعي أن كمية النفط المقدرة لحقول رميلان والعمر والجبسة وتوابعها تعتبر من أبرز وأكبر حقول وآبار النفط في الجزيرة السورية والتي ستعود مجددا إلى سورية مقدرا أن إنتاجها سيبلغ أكثر من 335 ألف برميل يوميا بعد انسحاب القوات الأمريكية و"قسد" منها.

انتقادات واسعة لترامب بعد اقتراحه إدارة النفط السوري

الى ذلك، أثار اقتراح الرئيس الأمريكي أن تدير شركة "إكسون موبيل" أو شركة نفط أمريكية أخرى حقول النفط السورية، انتقادات واسعة بين خبراء القانون والطاقة.

وقال ترامب خلال مؤتمر صحفي بشأن مقتل زعيم "داعش" ابوبكر البغدادي في عملية للقوات الأمريكية في ادلب: "ما أعتزم القيام به ربما يكون عقد صفقة مع شركة "إكسون موبيل" أو إحدى كبريات شركاتنا للذهاب إلى هناك والقيام بذلك بشكل صحيح... وتوزيع الثروة".

وتعليقا على تصريحات ترامب، قال بروس ريدل مستشار الأمن القومي السابق والباحث في معهد بروكينغز: "هذه ليست مجرد خطوة قانونية مريبة، بل إنها ترسل كذلك رسالة إلى المنطقة بأسرها والعالم بأن أمريكا تريد سرقة النفط".

وعلق "جيف كولغان" أستاذ العلوم السياسية والدراسات الدولية بجامعة براون قائلا: "فكرة أن الولايات المتحدة ستحتفظ بالنفط لشركة "إكسون موبيل" أو شركة أمريكية أخرى، هي فكرة غير أخلاقية وربما غير قانونية"، والشركات الأمريكية ستواجه "مجموعة من التحديات العملية" في سوريا.

في حين علق أليكس كرانبرغ رئيس شركة "أسبكت" القابضة للطاقة، التي استكشفت النفط في منطقة كردستان العراق، وقال إنه يتعين أن تشعر الولايات المتحدة بالقلق على مصير حقول النفط السورية... الفكرة ليست في أن النفط نفسه يهم الولايات المتحدة كثيرا، ولكن سوء استخدامه قد يمول مشاكل مستقبلية لنا إذا وقع في الأيدي الخطأ".

وتابع كرانبرغ: "سيطرة الولايات المتحدة على الحقول والعملة الصعبة التي توفرها ستكون عاملا مؤثرا كبيرا على مستقبل سوريا".

وبحسب المحللين، فإن ترامب يحاول تبرير سرقته للنفط السوري، بذريعة حمايته من فلول "داعش"، بعدما اعلن في أكثر من مرة انتهاء الحرب على "داعش"، وكذلك اعلنت بالامس تصفية زعيمه ابو بكر البغدادي، وهو ما يؤكد انتفاء ذريعة بقاء القوات الامريكية في سوريا.

ويرى آخرون أن ترامب لا يريد أن يمنع احتياطات النفط والغاز السورية من الوقوع في يد "داعش" وإنما في يد القوات السورية، وحرمان الدولة السورية من هذه الثروة (350 ألف برميل من النفط يوميا)، واستخدامها في سد احتياجاتها من الطاقة أولا، وتوظيف ما يتبقى من عوائدها في مشاريع إعادة الإعمار.

في الحقيقة، بقاء امريكا في شمال شرق سوريا يهدف ليس فقط الى سرقة النفط السوري بل تحقيق اهداف اكبر من ذلك بكثير، منها ابقاء الخنجر الامريكي مغروسا في خاصرة سوريا، بهدف استنزافها وضرب الجهود التي تبذلها الحكومة السورية مع حلفائها لفرض سيادتها على كامل الارض السورية واعادة الحياة فيها الى سابق عهدها، الأمر الذي يصعب تحقيقه في ظل صمود الجيش والشعب السوريين ودعم المقاومة لسوريا.