إستمرار الاحتجاجات في لبنان والدور الأميركي

الثلاثاء ١٢ نوفمبر ٢٠١٩ - ١٠:٤٨ بتوقيت غرينتش

تتحمل الحكومة اللبنانية، بتناقضاتها المثيرة للجدل، المسؤوليّة الكبرى في تحويل البلد على مدار السنوات إلى ما يشبه صندوق البريد الذي يتمّ من خلاله تبادل الرسائل أو بمعنى أشمل، ساحة حرب توظَّف غالباً لتصفية الحسابات، وهو ما حصل مراراً وتكراراً، ربطاً بالكثير من الاستحقاقات الإقليمية والدولية.

العالم_لبنان

من هنا، يمكن قراءة المقاربة الغربية للاحتجاجات الشعبية الذي شهده لبنان أخيراً، من هذه الزاوية بالتحديد، بعدما تجاهل بعض المعنيّين على مدى سنوات، وجود إرادة شعبية منفصلة عن المزاج العام، تماماً كما يمكن تفهّم وجود محاولات لأطراف خارجية لاستغلال ما حصل لتحقيق مكاسب تنسجم مع أجندتها السياسية.

ولا شكّ أنّ الموقف الأميركي من الاحتجاجات جاء ليعزّز فرضيّة "المؤامرة" على اعتبار أنّ الاحتجاجات وكأنّها ضدّ الهيمنة الإيرانية، وبالتالي الغمز من قناة "​حزب الله​"، وهذا ما خرج به وزير الخارجية الأميركي ​مايك بومبيو​ في عطلة نهاية الأسبوع بموقفٍ بدا ملتبساً لكثيرين، عندما وظّف الاحتجاجات الشعبية لصالح الأجندة الأميركية، داعياً إلى مساعدة الشعب اللبناني على "التخلّص من النفوذ الإيراني"!!!

وهذا ما يتكشف يوما بعد يوم الاستغلال الأميركي للاحتجاجات الشعبية في لبنان التي مر عليها 27 يوما وهو ما أكده الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه يوم أمس وما أشار إليه مراقبون فصلوا الأهداف الأميركية من وراء دعم الاحتجاجات وحرفها عن المطالب الحقيقية التي يطرحها المتظاهرون وهي قضايا بحت مطلبية ومعيشية.

فمنذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في لبنان الشهر الماضي، طُرحت الكثير من النظريات والفرضيات حول حيثياته وخلفياته، بين من اعتبره بمثابة "ثورة لبنانية خالصة" تأخر أوانها كثيراً، وبين من رأى فيه في المقابل بذور "مؤامرة" حطّت في لبنان.

وإذا كان القسم الأول انطلق من أنّ مقوّمات ​الثورة​ متوافرة منذ زمن، وأنّ ​الشعب اللبناني​ استيقظ متأخراً ليطالب بالحدّ الأدنى من حقوقه البديهية، فإنّ شريحة لا بأس بها، توقفت عند ما اعتبرته "تحريفاً للبوصلة" من خلال التصويب على قوى معيّنة دون غيرها، ما أدّى إلى انسحاب البعض من الشوارع بعد الأيام الأولى.

لكن، وبعيداً عن تقاذف كرة المسؤوليّات، يبقى التحدّي الأكبر أمام الاحتجاجات أن تثبت "استقلاليّتها" الفعليّة، وعدم وقوعها في فخّ دعمٍ من هنا أو هناك، خصوصاً أنّ المتربّصين كثر، داخليا وخارجيا.. فهل يعي الشعب ذلك وينتخب من يخول الحديث باسمه ويغلق الباب على المنتهزين والمتسلقين لحرف الاحتجاجات وقطف ثمارها؟

العالم_لبنان