الحرم الإبراهيمي..ساحة مستباحة لحملة مسعورة بضوء اخضر امريكي

السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠١٩ - ٠٦:٣٧ بتوقيت غرينتش

في اعتداء هو الأكبر منذ 2008 قرر الكيان الصهيوني إغلاق الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، اليوم السبت، أمام المواطنين بحجة الأعياد اليهودية وبينما يتيح الاحتلال للمستوطنين استباحة الحرم الإبراهيمي بجميع أروقته وساحاته، يُمنع فيه المصلون المسلمون من الدخول إليه.

العالم - فلسطين

منذ مساء الجمعة، بدأ المستوطنون باقتحام الخليل بذريعة الاحتفال بما يسمونه "عيد سبت سارة"، تحت حماية جيش الاحتلال ادى الى اصابة 10 فلسطينيين بينهم طفل وفي مناطق دينية إسلامية أخرى بالمدينة يسعى المستوطنون للاستيلاء عليها بدعوى أحقيتهم التاريخية فيها، وهو ما تنفيه المؤسسات الدولية المعنية، فضلا عن الأبحاث العلمية والدراسات التاريخية.

وانتشرت تعزيزات عسكرية إسرائيلية كبيرة في محيط الحرم الإبراهيمي، وفي مدينة الخليل بشكل عام، لتأمين حماية المستوطنين.

وأجبر الاحتلال أصحابَ المحال التجارية على إغلاقها بمحيط الحرم الإبراهيمي الذي أُغلق أبوابه أيضا أمام المصلين، ومنع الفلسطينيون من الاقتراب من محيطه تمهيدا لاقتحام المستوطنين منطقة شارع بئر السبع.

ونصب المستوطنون الخيم في ساحات الحرم الإبراهيمي لقضاء اليوم والليلة القادمة فيه، وسط أصوات الموسيقى الصاخبة. وسط اعتداءات بالحجارة على المنازل الفلسطينية، ما أدى الى تضرر عشرات السيارات والمنازل.

فيما شهدت الليلة الماضية، اعتداءات على الأهالي من قبل المستوطنين بالحجارة والزجاجات الفارغة ورشوهم بغاز الفلفل، أصيب على إثرها 10 فلسطينيين بجروح ورضوض وكسور وتم نقلهم للمستشفى، وفق ما قال الناشط في تجمع المدافعين عن حقوق الإنسان عارف جابر.

ورغم اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه، واصل الفلسطينيون في الخليل التحشيد في المسجد الإبراهيمي، تصدّياً لإجراءات الاحتلال ومحاولة تهويده للمسجد. وقد أدى نحو 5 آلاف فلسطيني الصلاة في داخله.

وكان مدير الحرم الإبراهيمي قد دعا الفلسطينيين إلى الحضور في المسجد لتفويت الفرصة على الاحتلال للسيطرة على الحرم وتفريغ المنطقة من أهلها.

وقال مدير الحرم الإبراهيمي حفظي أبو سنينة إن سلطات الاحتلال أغلقت المسجد الشريف بجميع أروقته وساحاته وباحاته أمام المصلين، موضحا أن أعدادا كبيرة من المستوطنين نصبوا خياما في ساحة المدرسة الإبراهيمية وفي حديقة ومتنزه الحرم.

وشدد أبو سنينة على أن هذه الإجراءات التعسفية التي تطال بيوت العبادة تعتبر "تعديا صارخا على الديانات السماوية، وحرية العبادة التي كفلتها الشرائع والقوانين الدولية" مؤكدا أن الحرم الإبراهيمي "مسجد إسلامي خالص بكامل مساحاته وجميع أجزائه ولا علاقة لليهود به، وجميع الإجراءات المتخذة بحقه باطلة".

من جهته، قال خبير الخرائط والاستيطان عبد الهادي حنتش، لــ"وفا"، إن سلطات الاحتلال تشن حربا شعواء على التراث والدين والإنسان الفلسطيني، فهي تحاول تهويد الحرم والبلدة القديمة، من خلال تبادل الأدوار مع المستوطنين.

وأوضح أن الاحتلال يسعى لفرض سيطرته الكاملة على البلدة القديمة، وما يسمى منطقة H2، التي تخضع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية، لإلحاقها وضمها هي والبؤر الاستيطانية الخمس التي أقامها في قلب المدينة، لمستوطنة "كريات أربع".

وقال المواطن عارف جابر، الذي يقطن منطقة واد الحصين القريبة من مستوطنة "كريات أربع" المقامة عنوة على أراضي المواطنين، لـ"وفا"، "نحن في مواجهة مستمرة مع المستوطنين الذين ترتفع وتيرة اعتداءاتهم علينا خلال أعيادهم، منزلي تعرض لهجوم من قبلهم حتى ساعات، شتمونا ورشقونا بالحجارة والزجاجات الفارغة، نحن دوما نواجه هرواتهم وجنازيرهم بإرادتنا الصلبة، واعتداءاتهم التي يحاولون من خلالها ترحيلنا ليتمكنوا من السيطرة على المنطقة لن تفلح".

وأشار إلى أن دعوات حاخامات المستوطنين الأخيرة لتهويد المزيد من بيوت وأحياء الخليل أعطت الضوء الأخضر للمستوطنين لاستباحة كل شيء فلسطيني، مضيفا أن كل هذه الاعتداءات والممارسات العنصرية تهدف إلى تهويد البلدة القديمة، والحرم الإبراهيمي.

المواطن بسام الجعبري الذي يقطن حي الراس بالمدينة، قال إن المستوطنين في أعيادهم يمنعونا من ممارسة حياتنا اليومية بحرية، فهم يمارسون كافة أشكال الاعتداءات، التي كان آخرها هجومهم على متاجرنا ومنازلنا بالهروات والجنازير تحت حماية قوات الاحتلال، ما تسبب بحالة من الرعب لدى الأطفال وإصابة عدد من الشبان الذين تصدوا لهم.

الضوء الاخضر الامريكي لاقتحام الحرم الإبراهيمي

وقد أصدرت وزارة خارجية السلطة الفلسطينية، بيانًا صحفيًا، أدانت خلاله، اقتحام آلاف المستوطنين الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي أغلقت المسجد أمام المسلمين ومنعت رفع الأذان فيه.

وأدان البيان، اعتداءات جيش الاحتلال والمستوطنين على المواطنين في محيط الحرم ومنازلهم، وإغلاق جيش الاحتلال المحال التجارية في المنطقة.

واعتبرت الخارجية في بيانها، هذه الاعتداءات الاستفزازية حلقة جديدة من مخططات الاحتلال الهادفة للسيطرة على العديد من المواقع التاريخية والدينية والأثرية في الضفة الغربية وتهويدها، بما ينسجم مع رواية الاحتلال التلمودية.

وقالت، إن "اقتحام الحرم الإبراهيمي الشريف من قبل المستوطنين، وأداء صلوات تلمودية فيه، يدق من جديد ناقوس الخطر، وتهديد مباشر للسيطرة عليه بالكامل ومنع المسلمين من الوصول إليه".

واعتبرت الوزارة أن الموقف الأمريكي المنحاز بشكل كامل للاستيطان والمستوطنين، شكل ضوءا أخضر للمستوطنين وقوات الاحتلال للتمادي بعمليات تهويد أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة، ودفع منظمات المستوطنين وجمعياتهم على التمادي بوحشية في اقتحام الحرم الإبراهيمي الشريف والمسجد الأقصى المبارك وغيرهما الكثير من المواقع الدينية والأثرية والتاريخية.

وتابع البيان، أن ذلك "يفرض على المنظمات الأممية المختصة، وفي مقدمتها منظمة التربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" لتحمل مسؤولياتها تجاه تلك المواقع الدينية، وبذل المزيد من الجهود لإجبار سلطات الاحتلال على احترام قرارات تلك المنظمات ووقف اقتحاماتها المتواصلة لتلك الأماكن المقدسة، خاصة وأن سلطات الاحتلال توظف مقولاتها الدينية لخدمة أغراضها الاستعمارية التوسعية ليس فقط ضد الحرم الإبراهيمي الشريف، وإنما ضد البلدة القديمة في الخليل بأسواقها ومرافقها ومنازلها الفلسطينية كافة".

ويعتبر هذا الاعتداء على الحرم الإبراهيمي هو الأكبر منذ عام 2008.