سابقة قضائية فريدة.. 'المتحولون' في حمص السورية

سابقة قضائية فريدة.. 'المتحولون' في حمص السورية
الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠١٩ - ٠٧:٣١ بتوقيت غرينتش

سابقة قضائية فريدة شهدت محافظة حمص وتعتبر الأولى من نوعها بقرار قضائي من محكمة الاستئناف المدنية الثالثة تضمن تغيير جنس المدعية ( ل، ك ) من أنثى إلى ذكر.

العالم - سوريا

وللوقوف على تفاصيل القضية التقت صحيفة «الوطن» السورية رئيس محكمة الاستئناف المدنية الثالثة بحمص القاضي إسماعيل الشعبان واستوضحت منه وقائعها منذ بداية الدعوى وحتى إصدار القرار، حيث بين أن صاحبة الدعوى المدعوة ( ل، ك) ولدت أنثى من الناحية التشريحية والأعضاء التناسلية لكن بعد النمو العمري والتطور البيولوجي بدأت تعاني من تغييرات فيزيولوجية وجسمانية وارتفاع هرمون الذكورة لديها واضطراب جنسي وبدأت تظهر عليها علامات الذكورة واكتساب صفاته الخارجية، وكانت قد تقدمت بدعوى تصحيح جنس أصولاً في محكمة الأحوال المدنية بحمص تتضمن طلب تصحيح الجنس على قيدها المدني من أنثى إلى ذكر، وكانت قد قامت محكمة الصلح حينها بإجراء خبرة طبية ثلاثية من ثلاثة أطباء وجاء في تقريرهم أن المدعية تملك أعضاء جنسية أنثوية كاملة وليس لديها أعضاء ذكرية واضحة، وهذا من الناحية التشريحية دون البحث بالمظهر الخارجي أو الميل النفسي والجنسي للمدعية وقررت حينها استناداً لذلك رد الدعوى.


وتابع الشعبان: ولعدم قناعة المدعية بالقرار حينها بادرت إلى استئناف الدعوى إلى محكمة الاستئناف طالبةً فسخ القرار لأنه يتناقض مع الواقع ولم يتعمق بدراسة الحالة البيولوجية والنفسية لها، وبناءً على ذلك قررت محكمة الاستئناف إجراء كشف وخبرة طبية خماسية مؤلفة من 5 أطباء مختصين لبيان الوضع الجسدي والهرموني والنفسي والجنسي للمدعية، حيث جاء في تقرير الخبرة بعد الاستيضاح أنه وبالفحص السريري والنفسي تبين أن للمدعية ميولاً ذكورية وهي من الناحية النفسية تتقبل الذكورة بشكل صريح وثابت وأن علاج هذه الحالة من الناحية النفسية شبه مستحيل ويخلفه اضطرابات نفسية شديدة ومن ثم طبياً لا ينصح بالإقدام على هذه الخطوة، وأن المدعية تحمل صفات جنسية ذكورية وأنثوية فعلامات الذكورة واضحة كالبنية العضلية وتوزع الأشعار خاصة الذقن والشاربين ومعالم الوجه والحاجبين والأنف والفم وزوايا الفكين وشكل البطن والصدر والحوض مع القامة، والأعضاء التناسلية لها مظهر أنثوي ضامر مع توقف وظائفها فيزيولوجياً، وأن الصبغيات لدى المذكورة أنثوية إلا أن الهرمونات هي هرمونات الذكورة (تستيسترون) وهذا ما يفسر الشعرانية وظهور الذقن والشارب وتوزع الأشعار التناسلية مع نمط ذكوري، وأن الكتلة العضلية القوية وطبيعة نمو حجم العظام لها الطابع الذكوري، والنتيجة كانت أن هذه الحالة حالة خنثى تحمل صفات الجنسين معاً الذكورية والأنثوية مع رجحان الصفات الذكورية نفسياً وهرمونياً وصفات جسدية خارجية.

وأضاف الشعبان: وبعد تقرير الخبرة الاستيضاحي واستيفائه للشروط واقتناع المحكمة به وركونها إليه وعملاً بالقواعد الفقهية قررت استجواب المدعية التي قالت: إنها كانت وما تزال تشعر بأنها ذكر ورجل، وكان ذلك بادياً للعيان بمشاهدات المحكمة الحسية التي تؤكدها الصور الفوتوغرافية وأن البنية الجسمانية للمدعية لا تدع مجالاً للشك في أنها ذكر ولا يبدو عليها أي مظهر من مظاهر الأنوثة المعروفة، وبعدها استمعت المحكمة لشهود المدعية الذين أكدوا جميعاً أنهم يعرفون المدعية ويتعاملون معها على أنها رجل واسمه (م).

وبيّن الشعبان أن المحكمة توصلت إلى قناعة كاملة بأن المدعية هي خنثى مع رجحان الصفات الذكورية لديها نفسياً وهرمونياً وجسدياً وأن الملامح الشخصية والصفة الغالبة عليها هي صفة الذكورة مع العلم أنها لا تملك أعضاء تناسلية ذكرية، وأن بقاء قيدها بصفة أنثى واسم أنثى يلحق بها ضرراً نفسياً ومعنوياً واجتماعياً بالغاً، واضطراباً في الشخصية يمنعها من ممارسة حياتها والتمتع بحقوقها الطبيعية التي حرصت عليها الشرائع السماوية والقوانين الوضعية.

وأكد القاضي العودة إلى التشريع الإسلامي والتوجه بعد ذلك للمحكمة بالرأي والإجماع على أن الحالة الماثلة أمامها تحتاج إلى تطبيق وتكامل جميع مصادر التشريع السوري، فتم حينها إكمال المناقشة القانونية من خلال قواعد العدالة والإنصاف، وإصدار قرار يتناسب مع كل ما تقدم بتغيير جنس المدعية من أنثى إلى ذكر.