هل ستؤدي جهود كالامارد الى تحقيق العدالة بملف خاشقجي؟

هل ستؤدي جهود كالامارد الى تحقيق العدالة بملف خاشقجي؟
الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠١٩ - ١٠:٥٩ بتوقيت غرينتش

أعلنت المحققة الخاصة للأمم المتحدة بالاعدامات العشوائية أغنيس كالامارد، أن العالم لم يفعل ما يكفي للقصاص في قضية مقتل الصحفي المغدور جمال خاشقجي بالسفارة السعودية في اسطنبول. وفي رحلة إلى بروكسل رافقتها خطيبة خاشقجي، خديجة جنكيز، بهدف التذكير بسعيهما لتحقيق العدالة في ملف خاشقجي، أكدت كالامارد أن التقرير الذي أعدته حول مقتل خاشقجي يشكل أرضية مهمة لإجراء تحقيق دولي.

العالم - تقارير

انتقدت المحققة ألأممية، ومقررة المنظمة الدولية المختصة بعمليات الإعدام خارج القانون "أغنيس كالامارد"، أمس الثلاثاء، تجاهل المجتمع الدولي وعدم التحرك بما يكفي للقصاص في قضية مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" في قنصلية بلاده بإسطنبول عام 2018.

ورافقت خديجة جنكيز، التي كان يعتزم خاشقجي الزواج منها، كالامارد في رحلة إلى بروكسل، حيث قالتا للصحفيين إن القصد من الزيارة "تذكير الناس بأنهما ما زالتا تسعيان لتحقيق العدالة في قضية مقتل خاشقجي".

وحثت كالامارد، الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على بذل المزيد بشأن جريمة قتل خاشقجي.

وكان الاتحاد الاوروبي قد دعا في الذكرى الأولى لمقتل خاشقجي في أكتوبر الماضي، إلى محاسبة كاملة لمن تقع عليهم مسؤولية مقتله، مضيفاً أن من الضروري إجراء تحقيق موثوق به وشفاف.

وقالت كالامارد: "أعتقد أن من المهم الاعتراف بأن المجتمع الدولي أخفق في القيام بواجبه، تجاه ضمان ألا تكون هناك حصانة ممكنة أو إعفاء من العقاب في قتل جمال خاشقجي".

انتقادات كالامارد الجديدة للمجتمع الدولي، تأتي في إطار مواصلة جهودها السابقة وتحقيقاتها المفصلة في ملف مقتل خاشقجي، حيث نشرت المفوضية الأممية لحقوق الإنسان، في يونيو/حزيران الماضي، تقريرا أعدته كالامارد، من 101 صفحة، حمّلت فيه السعودية مسؤولية قتل خاشقجي، مؤكدة وجود أدلة موثوقة تستوجب التحقيق مع مسؤولين سعوديين كبار، بينهم ولي العهد محمد بن سلمان، كما دعت لإجراء تحقيق جنائي دولي، عوضاً عن محاكمة سعودية، لكن الرياض رفضت طلبها.

وكانت كالامارد قد أعلنت في الشهر الماضي، أنها تشعر "بخيبة أمل"، نتيجة عدم استفادة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والمجتمع الدولي، من التقرير الذي أعدّته، حول مقتل خاشقجي لإجراء تحقيق دولي.

واضافت كالامارد، أن التقرير الذي قدمته لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، "يشكل أرضية مهمة لإجراء تحقيق دولي".

وتابعت: "أنا أفهم أن الأمين العام يعمل في بيئة صعبة، وأنا أدرك أن الإطار القانوني معقد ولا يعطي الضوء الأخضر للتصرف كما يشاء، لكنني أعتقد أنه ملزم بإظهار موقف معين في هذا الصدد. لأنني أجريت تحقيقاً وأعطيته أساساً لطلب إجراء تحقيق جنائي. لقد خذلني لأنه لم ينتهز الفرصة لخطوة أخرى نحو المساءلة".

وأوضحت أنها لا تعتقد أن الأمين العام للأمم المتحدة بحاجة إلى قرار من مجلس الأمن الدولي أو سلطة قانونية ما لبدء تحقيق دولي حول مقتل خاشقجي.

وشددت كالامارد على أن "الأمين العام للأمم المتحدة لا يطالب بإنشاء محكمة دولية كي يتطلب الأمر قراراً من مجلس الأمن، المطلوب فقط هو إجراء تحقيق للكشف عن ملابسات مقتل خاشقجي وهذا لا يتطلب إصدار قرارٍ من مجلس الأمن".

وتابعت كالامارد: "في الواقع لم يشعر الأمين العام للأمم المتحدة وحتى يونيو الماضي، بالحاجة لاستصدار قرار معين من مجلس الأمن لإجراء تحقيق دولي بهدف الكشف عن ملابسات مقتل خاشقجي، وكان من الممكن إجراء مثل هكذا تحقيق بمجرد قيام إحدى الدول مثل تركيا أو بلد آخر، بتقديم طلب رسمي بهذا الصدد، إلا أن غوتيريش غيَّر مؤخراً من لهجته وبات يطالب باستصدار قرارٍ من مجلس الأمن يسمح بإجراء تحقيق دولي حول مقتل خاشقجي".

كما انتقدت كالامارد الدول الغربية لعدم مطالبتها الأمين العام للأمم المتحدة من أجل إجراء تحقيق "دولي" في مقتل خاشقجي، أو طلب إنشاء لجنة خبراء، وقالت: كان بإمكان الدول التي تدعي "حماية حقوق الإنسان" مثل كندا وألمانيا والسويد وفرنسا وبريطانيا، تقديم طلب لإنشاء لجنة خبراء، إلا أنهم لم يفعلوا ذلك.

كما كشفت كالامارد أنها طلبت من السعودية، رسمياً، بإجراء زيارة إلى المملكة للقاء المدعي العام السعودي المسؤول عن التحقيق في جريمة مقتل خاشقجي، ولكن لم يتم الرد على طلباتها المتكررة.

وأضافت: "السعودية تقول إن القضية هي شأن داخلي، وترفض إجراء تحقيق دولي، لكن في الواقع فإن هذه القضية ليست مسألة داخلية. ولا سيما أن الجريمة وقعت خارج المملكة، وتضمنت أكثر من 5 أو 6 انتهاكات للقانون الدولي، وكان ضحيتها مواطن سعودي يعيش في المنفى".

في الواقع، عادت قضية مقتل خاشقجي إلى الواجهة بعد قرابة عام من مقتله بتلك الطريقة الوحشية، عقب صدور تقرير دولي أعدته كالامارد بهذا الشأن.

وعلى رغم تصريح التقرير الصادر (19 يونيو/حزيران الماضي)، بضلوع محمد بن سلمان ومسؤولين آخرين رفيعي المستوى بشكل فردي في الجريمة، وتقديمه ثمة دلائل يمكن التعويل عليها، ودعوة التقرير إلى استجوابهم، لكن السلطات السعودية تمتنع عن ذلك وتعيق مسار المحاكمة، حيث شكك وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي، عادل الجبير آنذاك، شكك في مصداقية التقرير، ورفض ما ورد فيه.

وقال الجبير في معرض رده على تحقيق كالامارد إنه "حفل -بكل أسف- بالعديد من الاتهامات التي لا أساس لها من الصحة، بما في ذلك مخالفة عدد من الاتفاقيات الدولية، وتعرض بشكل مرفوض تماماً لقيادة المملكة"، على حد زعمه.

وفي سياق عدم تحقيق العدالة، تقول جريدة الشرق القطرية: "لقد وضع تقرير كالامارد المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية لتحقيق العدالة، إذ لا توجد بعد مرور هذه الفترة على إعدام خاشقجي خارج نطاق القضاء، مؤشرات حقيقية على تحقيق العدالة أو إجراء المساءلة الدولية".

وتضيف أن تجاهل الدول الكبرى لجريمة قتل خاشقجي "يبعث رسالة خاطئة للأنظمة الاستبدادية والقمعية مفادها: ارتكبوا ما شئتم من انتهاكات، والمقابل هو مقايضات مالية كبرى وصفقات تجارية على حساب حقوق الإنسان".

وتختتم الشرق بالقول "إن التهاون المخيف الذي يبديه المجتمع الدولي إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة شجع تلك الأنظمة على التمادي في اقتراف المزيد من الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان، والاستمرار في حملاتها القمعية لسحق المعارضين ونشطاء المجتمع المدني".

ويأمل الخبراء بهذا الشأن أن التقرير "قد يساعد جهود مشرّعين أمريكيين في معاقبة بن سلمان، خصوصاً بعد أن وافق الكونغرس، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، على مشروع قرار يُحمّل بن سلمان مسؤولية قتل خاشقجي، وأكد أن بيانات السعودية كانت مضلِّلة بخصوص هذه القضية، وقوَّضت الثقة بالعلاقات السعودية الأمريكية".

رغم ان تقرير كالامارد لم يحقق الغاية المطلوبة منه لحد الآن في إقناع الرأي العام العالمي، إلا أن جهودها المتواصلة من شأنها أن تضع الأسرة الدولية ولا سيما الامم المتحدة أمام مسؤولياتها القانونية في حماية حقوق الإنسان، والعمل على اكمال التحقيقات في ملف خاشقجي محاسبة المتورطين الحقيقيين في قتل الصحفي السعودي المغدور.