ماذا جری في الدوحة بين طالبان والولايات المتحدة؟

ماذا جری في الدوحة بين طالبان والولايات المتحدة؟
السبت ٠٧ ديسمبر ٢٠١٩ - ٠٥:٣٦ بتوقيت غرينتش

استأنفت الولايات المتحدة رسميا اليوم السبت مفاوضات السلام مع جماعة طالبان الأفغانية، في العاصمة القطرية الدوحة، بعد ثلاثة أشهر من توقيفها بصورة مفاجئة من طرف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد أن استمرت لمدة عام كامل بهدف إيجاد تسوية سياسية مع طالبان وإنهاء الحرب في أفغانستان.

العالم- أفغانستان

وقال المتحدث باسم المكتب السياسي لـ”جماعة طالبان” محمد سهيل شاهين، في تصريحات لـ”القدس العربي”، إن الجولة الجديدة من المفاوضات استغرقت حوالي 5 ساعات، وأكد أن عملية مبادلة ثلاثة من جماعة طالبان برهينتين غربيتين والتي تمت بالدوحة قبل أسبوعين “خلقت أجواء مريحة ومتفائلة” خلال هذه الجولة التي من المنتظر أن تستمر غدا الأحد. كما أبدى المتحدث باسم الجماعة تفاؤلا كبيرا بشأن “احتمال توقيع اتفاق بين طالبان والإدارة الأمريكية خلال أسبوع”.

وأجرى مبعوث السلام الأمريكي زلماي خليل زاد، السبت، أول محادثات رسمية مع طالبان الأفغانية منذ قرار دونالد ترامب بوقفها في السابع من سبتمبر/أيلول ردا على هجوم للمتمردين في العاصمة الأفغانية كابول.

ويأتي استئناف مفاوضات الدوحة بين طالبان والإدارة الأمريكية، بعد أسبوعين من عملية المبادلة التي تمت في العاصمة القطرية الدوحة بين ثلاثة من قادة طالبان معتقلين لدى الحكومة الأفغانية تطالب بهم جماعة طالبان، ورهينتين غربيتين أحدهما أمريكي والثاني أسترالي.

ووصف السفير الأفغاني في الدوحة عبد الحكيم دليلي عملية المبادلة بأنها “خطوة في الاتجاه الصحيح في اتجاه تحقيق المصالحة”، مؤكدا أن هذه العملية يمكن أن تكون مقدمة لعودة المفاوضات بين طالبان وواشنطن ومن ثم فتح أبواب الحوار بين الجماعة والحكومة في أفغانستان.

وقال بيان أمريكي إن المحادثات التي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة ستركز مبدئيا على الحصول على وعد لطالبان بالحد من العنف، وسيكون وقف إطلاق النار الدائم هو الهدف النهائي لهذه الجولة من المفاوضات.

وكانت الولايات المتحدة وجماعة طالبان على وشك التوقيع على صفقة في شهر سبتمبر الماضي من شأنها أن تجعل واشنطن تبدأ في سحب آلاف الجنود مقابل ضمانات أمنية.

وكما كان من المتوقع أيضًا أن تمهد هذه المفاوضات الطريق نحو محادثات مباشرة بين طالبان والحكومة في كابول، ووضع حد لأكثر من 18 عامًا من الحرب. وترفض طالبان حتى الآن التفاوض مع الحكومة الأفغانية، التي تعتبرها نظامًا غير شرعي. وفي نفس الشهر، كان الرئيس الأمريكي دونالد وصف ترامب قد وصف فجأة الجهود التي بذلت لمدة عام كامل بأنها “ميتة” واضعا حدا لمفاوضات أوشكت أن تفضي لاتفاق بين الطرفين.

وتأتي هذه المحادثات بعد زيارة خليل زاد للعاصمة الأفغانية كابول الأربعاء الماضي في محاولة لجلب طالبان من جديد إلى طاولة المفاوضات في العاصمة القطرية الدوحة، إذ التقى خليل زاد بالعديد من القادة الأفغان، بمن فيهم الرئيس أشرف غني، الذي كرر دعوته لوقف إطلاق النار.

وبينما يتحدث خليل زاد مع طالبان بشأن الحد من العنف، قال الجيش الأمريكي في تقريره اليومي إنه خلال ليلة السبت أسفرت غارات جوية أمريكية عن مقتل 37 من جماعة طالبان، وإن عمليات لقوات الأمن الوطني الأفغاني قتلت 22 آخرين من المسلحين، وهو الأمر الذي يقول مراقبون في الدوحة إنه قد يلقي بظلاله على الجولة الحالية من المفاوضات.

وهذا في الوقت الذي يستمر فيه المسلحون في طالبان في شن هجمات شبه يومية ضد المواقع العسكرية في جميع أنحاء أفغانستان التي يسيطرون حاليا على ما يقرب من نصفها.

جاء تعطل المحادثات في مرحلة حرجة حيث يُعتقد أن الجانبين اقتربا من إبرام اتفاق كان يمكن أن يمهد الطريق لانسحاب تدريجي للقوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها من أفغانستان.

وقد أعرب ترامب عن إحباطه من أطول حرب أمريكية، مرارا وتكرارا، قائلا إنه يريد إعادة الجنود الأمريكيين الذين يقدر عددهم بـ 12000 جندي إلى وطنهم، ويدعو الشرطة والجيش الأفغاني إلى المساعدة في ذلك، كما يتم انتقاد الحكومة الأفغانية بسبب فسادها المستمر.

وجاء تعطل المحادثات في مرحلة حرجة حيث يُعتقد أن الجانبين اقتربا من إبرام اتفاق كان يمكن أن يمهد الطريق لانسحاب تدريجي للقوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها من أفغانستان. وفي المقابل، كان الاتفاق قد حدد الخطوط العريضة لضمانات طالبان لمكافحة الإرهاب في المناطق الأفغانية التي يسيطر عليها المتمردون ويعطي تأكيدات بأن المتمردين سيشاركون على الفور في مفاوضات بين الأفغان لإنهاء عقود من القتال في البلاد بشكل دائم.

وفي هذا الشأن، حذر الجنرال جون نيكولسون، القائد السابق لقوات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) في أفغانستان، أمس الجمعة، من الدخول في صفقة مع طالبان لا تلزم المتمردين بوقف الأعمال العدائية على مستوى البلاد أو خفض مستوى العنف. وتحدث الجنرال المتقاعد الذي ترأس التحالف العسكري حتى سبتمبر 2018، في مأدبة غداء استضافها مركز ميريديان الدولي، وهو منظمة دبلوماسية عامة غير حزبية في واشنطن.

وقال إن “وقف إطلاق النار من جانب طالبان، كما قال البعض علنًا، يقلل من نفوذهم. حسنًا، إن سحب القوات من جانب التحالف يقلل من نفوذنا العسكري”. وأضاف: “مجرد التفاوض حول صفقة تسمح بانسحاب القوات الدولية ونوع من الإرهاب، في رأيي، لن يدوم. ولهذا لن يحمي مصلحتنا الأمنية ولن يحمي المكاسب التي يجب الحفاظ عليها داخل أفغانستان”.

وقال نيكولسون إن وجود بعثة أمريكية لمكافحة الإرهاب في أفغانستان بعد الانسحاب يجب أن يكون أيضًا جزءًا من المفاوضات مع طالبان لردع الهجمات الإرهابية في المستقبل على أمريكا.