الثروة السمكية في موريتانيا كنز تغتالها تركيا!

الثروة السمكية في موريتانيا كنز تغتالها تركيا!
الأحد ٠٨ ديسمبر ٢٠١٩ - ٠٨:٢٦ بتوقيت غرينتش

حذر خبراء ومختصون في شؤون مصائد السمك الموريتانية من أساليب "جائرة" لسفن صيد تركية بساحل البلاد البحري.

العالم - موريتانيا

واعتبر الخبراء أن اصطياد تركيا بساحل البلاد البحري الموريتاني هو استغلال سيئ، وأنه خروج عن معايير اتفاق الصيد الذي أبرمته موريتانيا منذ سنوات مع الشركات التي تتبع لها هذه السفن.

وتنشط سفن بحرية تركية في مجال صيد الأسماك بساحل المحيط الأطلسي الموريتاني، ضمن اتفاقية بحرية تقتصر على الصيد السطحي، وهو ما يرى المختصون أن السفن التركية لم تلتزم بها بانتهاجها معايير غير مشروعة لممارسة هذا النشاط خارج بنود هذه الاتفاقية.

وتداول مهتمون بشؤون صيد الأسماك في مدينة نواذيبو الموريتانية، التي تمثل مركز الثروة السمكية بالبلاد، مقاطع تظهر ممارسات لسفن تركية مضرة بالمياه الموريتانية، معتبرين أنها تمثل "مذبحة" ضد أهم أصناف هذه الأسماك وهو ما يعرف بـ"الكوربين".

ورأى هؤلاء الأشخاص أن هذه الممارسات "البشعة"، حسب تعبيرهم للسفن التركية، تهدد بانقراض بعض أصناف الأسماك، وتؤثر على ظروف تكاثرها البيولوجي، كما تؤدي إلى ندرة الأسماك، ومن ثم ارتفاع أسعارها، خصوصا الأنواع التي يكثر عليها الطلب من جانب فئات المواطنين الأقل دخلاً.

ومن جانبه، حذر المهندس حمود الفاظل الخبير بالمعهد الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد، مما وصفها بمذابح سمكة "الكُوربين" على يد السفن التركية التي تصطاد بالمياه الموريتانية.

وأوضح "الفاظل"، في تعليق على فيديو مسرب من على متن إحدى سفن الأتراك، أن هذه الممارسات تستهدف واحدة من أشهر وأهم الأنواع البحرية في البلاد، والتي تهاجر إلى المياه الموريتانية في أسراب كبيرة في فترة التكاثر، لتجد في استقبالها الشبكات الدوارة على متن السفن التركية، والتي تخالف معايير اصطياد هذا النوع من الأسماك.

واعتبر "الفاظل" أن الوجه الآخر للمأساة ضد هذا النوع من الكائنات البحرية هو أن الأسطول التركي ليس مسموحا له من الناحية القانونية صيد سمكة الكوربين، بل أسماك السطح الصغيرة، لتزويد مصانع دقيق الأسماك "موكا"، مضيفا "لكن الفساد يمنح السفن التركية فرصة ممارسة هذا الأسلوب، الذي يؤدي لانهيار مخزون سمكة الكوربين".

أساليب ممنوعة

ومن جهته، اعتبر عبدالله أبومحمد، الخبير في شؤون المصائد البحرية الموريتانية، أن الضغط الذي تواجهه المصائد السمكية بفعل ممارسات السفن التركية يسهم في الارتفاع المتزايد لأسعار المنتجات البحرية بالأسواق المحلية، خاصة أسماك السطح، التي تشكل أهم مكونات النظام الغذائي للموريتانيين.

وأشار أبومحمد، إلى دخول بعض سفن الصيد الصناعي العملاقة التابعة لشركات تركية، يشكل أكبر تهديد للثروة السمكية الموريتانية، من خلال استخدام أساليب ممنوعة بحكم النظم الدولية الخاصة بالتوازن الحيوي للبحار والمحيطات.

وأوضح أن غالبية المهتمين بهذا المجال بدأوا في دق ناقوس الخطر، مستندين في ذلك إلى اعتماد السفن التركية على منظومة من المعدات الخاصة بصيد الأسماك، تقوم على شباك قادرة على جرف جميع الأحياء البحرية، بما فيها الأسماك النادرة الممنوع صيدها.

وأضاف أن هذه السفن تستخدم تجهيزات متطورة، تقوم بشفط جميع ما يوجد في محيط المنطقة التي تُمارس فيها الصيد، حيث تجرف الرخويات والأسماك السطحية وكل الأسماك.

بدوره، قال الكاتب والناشط محفوظ الجيلاني "الأتراك لصوص وقطاع طرق، ومهووسون بجمع ثروات وخيرات الشعوب الأخرى"، محذراً من انفتاحهم تجاه موريتانيا وغرب أفريقيا.

وأوضح "الجيلاني" أن هذا التوجه التركي نحو المنطقة هدفه "ابتلاع الثروات ونشلها في أسرع وقت، وترك الكوارث البيئية وراء ظهورهم"، مطالبا بفضح أساليب هذه السفن لاستنزاف الثروة السمكية الموريتانية.

أما الناشط والكاتب الموريتاني محمد أحمد غلام فقال إنه منذ مجيء السفن التركية إلى المياه الموريتانية، وممارسة عملها بموجب الاتفاقية معهم، انقرضت ما تعرف بسمكة "سليمان" المعروفة محلياً بـ"ياي بوي"، لكثرة الطلب عليها وارتفاع سعرها، محملاً المسؤولية لأساليب الصيد غير القانونية التي تمارسها السفن التركية.

ويؤدي الصيد الجائر إلى هجرة الحيوانات في كثير من الأحيان من موطنها ومكانها الأساسي إلى سكن آخر، كما تترتب عليه الكثير من المخاطر، خاصة عندما يتعلق الأمر بأنواع أسماك مهددة بالانقراض.

وترتبط موريتانيا بالعديد من الاتفاقيات في مجال ما يعرف بـ"الصيد البحري الصناعي" مع دول وتكتلات إقليمية، أهمها الاتحاد الأوروبي، وروسيا واليابان والصين وكوريا الجنوبية، بالإضافة إلى تركيا.

وتسمح الاتفاقيات المذكورة لهذه الدول والتكتلات بممارسة الصيد في المياه البحرية الموريتانية البالغة طولها 700 كيلومتر، ضمن شروط ومعايير تراعي مصالح موريتانيا وهؤلاء الشركاء، وتضع في الاعتبار المعايير البيئية والبيولوجية.

وتعتبر المياه الإقليمية الموريتانية واحدة من أغنى المناطق في العالم بالأسماك، بسبب العوامل المناخية والجيومورفولوجية التي توفر ظروف ملائمة للغاية لنمو الأسماك.

ويتكون الجزء الأكبر من إنتاج الصيد على مجموعة من 70 نوعا، يتم تسويقها بشكل رئيسي في الأسواق اليابانية والأوروبية والأفريقية، أهمها الحبار والأخطبوط والشبوط، وسمك النازلي، والوقار، وأسماك البوري، بالإضافة إلى القشريات كجراد البحر وسرطان البحر.