الهدوء السياسي في لبنان بانتظار الاستشارات النيابية

الهدوء السياسي في لبنان بانتظار الاستشارات النيابية
الثلاثاء ١٠ ديسمبر ٢٠١٩ - ٠٩:٤١ بتوقيت غرينتش

بانتظار الاستشارات النيابية التي ستجري الاثنين المقبل لتسمية رئيس الوزراء الجديد يسيطر الهدوء على المشهد السياسي في لبنان و يبدو من المواقف المعلنة أنّ شكل الحكومة المقبلة، ما يزال محل تباين حاد بين الاطراف المعنية بالملف الحكومي

العالم_لبنان

في هذا المجال كتبت صحيفة الجمهورية في عددها اليوم الثلاثاء انّ جميع الاطراف، وبمعزل عن مواقفها العلنية، باتت مسلمة بأن لا إمكانية للسير بحكومة تكنوقراط في لبنان. اذ انه لن يكون مجال في لبنان لمثل هذه الحكومة، وخصوصاً في ظل تركيبته السياسية والطائفية، وايضاً في ظل أزمة خانقة تتطلّب حكومة تمتلك القدرة على الانقاذ، وتكون محصّنة سياسياً ومن اختصاصيين.

فاضافت الجمهورية إنّ عدداً من السفراء طرحوا جملة تساؤلات امام بعض المسؤولين اللبنانيين حول معنى حكومة «تكنوقراط»، وتقاطع موقف بعض هؤلاء السفراء الاوروبيين مع موقف مسؤول أممي كبير، بأنّ هذا النوع من الحكومات نادراً ما يُلجأ إليه في أي دولة في العالم، خصوصاً انه أثبت فشله، ولا يستطيع ان يواكب أو يتصدى لأيّ أزمة، فكيف مع أزمة مستعصية كالتي يشهدها لبنان؟

وحسب الصحيفة بات الجميع مسلّماً أنّ الحل الأنجع للبنان في هذه المرحلة، يأتي مع تشكيل حكومة مختلطة من سياسيين واختصاصيين، على أن تضمّ مجموعة من أصحاب الخبرات، توحي بالثقة للبنانيين، والمحتجّين منهم على وجه الخصوص، وتستعيد ثقة الخارج، وهنا يكون امتحانها الكبير، أي امتحان استعادة الثقة، ونقل لبنان من واقع أسود الى واقع الانتعاش.

و أكدت الجمهورية ثمة فكرة مطروحة حالياً ولكن من دون ان تحسم بعد، وتفيد أن يُصار الى تشكيل حكومة أقطاب مصغّرة تكون بمثابة حكومة طوارئ إنقاذية تنتشل البلد من عمق الهاوية الساقط فيها حالياً.

و كتبت صحيفة البناء ايضا حول الملف الحكومي: سياسيا، لم يبدأ بعد فعلياً التفاوض مع سعد الحريري من قبل أطراف الغالبية النيابية، رغم الاستعداد الذي أبداه رئيس مجلس النواب لمساعدة الحريري في تقريب الآراء بينه وبين حزب الله، فيما بدا أن التيار الوطني الحر ورئيسه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل لا يملكان الحماس لدخول هذا التفاوض رداً على ما تصفه أوساط التيار بالمناورات التي رافقت المفاوضات السابقة واستهلكت شهراً وأكثر بلا طائل، وبدا أيضاً أن حزب الله الذي يتحدّث عن فرضية بقاء الأمور لشهر أو شهرين على حالها، متمسّك بعودة الرئيس الحريري، لكنه لم يعد يرى موجباً لشروط وشروط معاكسة، ويدعو لتسريع تدوير الزوايا بروح التعاون والتنازلات المتبادلة لإطلاق الحكومة الجديدة. وتقول المصادر المتابعة إن بداية التفاوض لا تزال مطلوبة عند النقطة التي توقف عندها في بداياته قبل تداول أسماء غير اسم الرئيس الحريري، أي ما تمّ وصفه بعقدة الحريري – باسيل.

وانعكس تأجيل الاستشارات النيابية الى الاثنين المقبل حالة من الاسترخاء السياسي والحكومي، فيما تتجه الأنظار الى باريس التي تستضيف مؤتمراً دوليًا بشأن لبنان غداً الهدف منه بحسب بيان وزارة الخارجية الفرنسية دفع بيروت للإسراع بتشكيل حكومة يمكنها تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد.

وقد حدد البيان مواصفات الحكومة التي تؤيدها فرنسا مستبدلاً مصطلح «تكنوقراط» الذي يردده الأميركيون بكلمة «حكومة فاعلة»، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية أنييس فون دير مول: «ينبغي أن يُمكّن هذا الاجتماع المجتمع الدولي من الدعوة إلى التشكيل السريع لحكومة فاعلة وذات مصداقية تتخذ القرارات الضرورية لاستعادة الوضع الاقتصادي وتلبية الطموحات التي عبّر عنها الشعب اللبناني.

وعوّلت مصادر سياسية لـ»البناء» على مؤتمر باريس عله يفتح ثغرة في جدار الأزمة ويشكل الدعم المالي الموعود للبنان، دفعاً سياسياً يترجم بتأليف حكومة جديدة. ونقلت مصادر رئيس المجلس النيابي نبيه بري عنه لـ»البناء» تمسكه ومعه حزب الله بالرئيس سعد الحريري، نظراً لدوره ومسؤوليته في مواجهة الوضع الخطير الذي وصلنا اليه واستثمار شبكة علاقاته الدولية في معالجة الأزمات المالية وإنقاذ الوضع الاقتصادي»، إلا أنّها شدّدت على ضرورة تنازل الحريري عن شروطه لتسهيل التأليف آملة في الوصول إلى قواسم مشتركة في نهاية المطاف.

في هذه الاجواء قال رئيس المجلس النيابي نبيه بري «انّ الازمة تضغط على لبنان في كل مفاصله، وكما سبق وقلت انّ البلد لم يعد يتحمّل لأسابيع قليلة هذا الوضع الخطير. الوقت اكثر من ثمين، وصار المطلوب بإلحاح حكومة تبدأ مسيرة الانقاذ. وهذا يتطلب بالدرجة الاولى أن تُزال كل الموانع والتعقيدات من طريق تأليف الحكومة الذي يجب ان يكون في منتهى السرعة».
وفي هذا السياق، جاء موقف كتلة «التحرير والتنمية»، بعد اجتماعها في عين التينة أمس برئاسة بري، التي أكدت ضرورة الاسراع في تأليف الحكومة للتركيز على معالجة الاوضاع المعيشية والامنية والوضعين المالي والمصرفي، مشدّدة في الوقت نفسه على وجوب ان تتحمل حكومة تصريف الاعمال كل مسؤولياتها الى حين تأليف حكومة جديدة.
وإذ لاحظت الكتلة «إيجابيات» دولية حيال لبنان، دعت الى «ملاقاة هذه الاجواء الايجابية الدولية بالتسريع في تأليف الحكومة ومعالجة الاوضاع المعيشية».

وفيما يرتقب صدور مواقف سياسية مهمة اليوم من الوضع الحكومي، في ضوء تأجيل الاستشارات النيابية اسبوعاً، بعدما أعلنت القيادات السنيّة الأساسية، سواء دار الفتوى أو رؤساء الحكومة السابقين أو اتحاد جمعيات العائلات البيروتية، ان لا مرشّح لترؤس الحكومة الجديدة سوى الرئيس سعد الحريري، معطوفة على موقف المرشح المنسحب المهندس سمير الخطيب بتزكية الحريري، فإن الثابت ان الكرة عادت إلى ملعب رئيسي الجمهورية والحكومة المستقيل ميشال عون والحريري الذي أجرى اتصالاً أمس بأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في سياق الرسائل التي وجهها إلى رؤساء دول عربية وصديقة للوقوف مع لبنان في مواجهة المصاعب المالية والسياسية التي يشهدها حالياً.

وإذا كانت مشاورات التكليف والتأليف عادت إلى النقطة صفر، فإن الاتصالات التي باشرتها القوى السياسية، منذ لحظة إعلان الخطيب اعتذاره عن اكمال المهمة، بقيت على نار هادئة، وان كانت تركزت على معرفة اتجاهات الكتل النيابية من مسألة تكليف الحريري، ومن ثم البحث في عناوين شكل الحكومة وتأليفها، وما إذا كانت هناك أسماء أخرى مرشحة أم لا؟

وتشير المصادر النيابية الى احتمال دخول معادلات جديدة على المسألة الحكومية، ستحدد معالمها المشاورات السياسية القائمة بين المعنيين، ولا يمكن التكهن منذ الان بمسارها ولا بنتائجها. لكن ما يُطمئن ان تأجيل الاستشارات النيابية جاء بحسب المعلومات بعد اتصالات اجراها عون بالحريري، ما يعني موافقة الاخير على اعطاء فسحة جديدة من الاتصالات لحسم المواقف وللتوافق على الموضوع الحكومي، بعدما رست البورصة على تكليف الحريري.

وافادت ان على الكتل ان تضع في الاعتبار ان انسحاب الخطيب رتب معطيات جديدة لا بد من التداول معها كما ان ما اعلن من دار الفتوى شكل سابقة لجهة ان رئيس طائفة يحدد من هو رئيس الحكومة وتوقفت عند موقف اللقاء التشاوري واستغراب نوابه ما صدر في هذا المجال.

العالم_لبنان