لبنان والحكومة.. من وراء تعميق الازمة؟ 

لبنان والحكومة.. من وراء تعميق الازمة؟ 
السبت ١٤ ديسمبر ٢٠١٩ - ٠٨:٥١ بتوقيت غرينتش

الخبر واعرابه

الخبر:

اعلن رئيس التيار الوطني الحر في لبنان وزير الخارجية، جبران باسيل، رفضه المشاركة في أي حكومة يرأسها سعد الحريري وانتقاله الى المعارضة، فيما الانظار تشخص الى يوم الاثنين المقبل الذي من المفترض أن يعود فيه الحريري رئيساً مكلفاً تأليف الحكومة، بأكثرية محدودة.

اعرابه:

-لا يمكن انكار ان الاحتجاجات التي يشهدها لبنان تعود في جزء اساسي منها الى الوضع المعيشي والاقتصادي والفساد المستشري في المؤسسات الحكومية منذ ما يعرف باتفاق الطائف عام 1990، لكن ما تشهده الاحتججات من سيناريوهات توحي بقوة بانها معدة ومخطط لها مسبقا، تكشف وجها جديدا لاطراف تريد ابقاء حالة الفراغ والفوضى على كافة الاتجاهات.

-كان واضحا المطلب المتمثل باستقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة تقوم باصلاحات اقتصادية في البلاد. لكنه كان مقرونا بشكل حتمي بتشكيل حكومة جديدة. غير ان استقالة الرئيس سعد الحريري لم تكن استجابة لهذا المطلب (وان كان الحريري حرص على اظهارها بانها استجابة لمطالب الناس) بل كانت ضمن خطة بدات تتضح ملامحها لاغراق البلاد في الفوضى.

-مع قليل من التمعن في اداء الحريري منذ تقديم استقالته، نجد ان حكومته التي تحولت الى تصريف اعمال لم تصرف اي عمل حكومي، كما ان موقفه من تشكيل حكومة جديدة تضمن شروطا تعجيزية او على الاقل يعلم جيدا ان الاطراف الاخرى لن توافق عليها.

-فيما قدمت الاطراف الاخرى خيارات بديلة لاسميا تسمية الحريري لشخصية (سنية) لترؤس الحكومة على ان تكون هذه الحكومة خليطا من السياسيين والاخصائيين. ليقوم الحريري بحرق الاسماء لاسيما اسم سمير الخطيب والذي كان اعتذاره محاولة لضرب حزب الله والتيار الوطني الحر وحركة امل وحلفائهم.

-فحكومة الخطيب كانت واضحة ومتفق على معظم حقائبها كما تقول المصادر. لكن الطريقة التي اعلن فيها الخطيب اعتذاره واعلان دار الافتاء الاجماع على الحريري بشروطه التعجيزية كشف سيناريو قد لا يكون متعمدا لكنه يخدم الفراغ الذي يسيطر على العمل الحكومي.

-من هنا كان اعلان رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل رفضه المشاركة في اي حكومة يراسها الحريري وانتقاله الى موقع المعارضة في حال تشكيلها.

-يترافق مع ذلك عامل خارجي يتمثل بالدور الاميركي الذي يشهد حضورا اقوى مع الوقت، في ظل تصريحات المسؤولين الاميركيين وابرزهم وزير الخارجية مايك بومبيو والتحريض ضد حزب الله والترويج لفكرة اخراج الحزب من الحكومة وتاليا من البرلمان، والتلويح بصفقة حول النفط مع كيان الاحتلال الاسرائيلي برعاية اميركية مقابل الحل في لبنان، وهو ما ما يكشف قصر نظر وغباء في النظرة للمجتمع اللبناني كما اكد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.

-على ضوء ذلك يمكن رصد موقف حزب الله وحركة امل المتمثل بعدم استبعاد عودة الحريري لرئاسة الحكومة لكن في الوقت نفسه تفضيل خيار شخصية سية يسميها الحريري لترؤس حكومة تكنوسياسية.

-هذا الموقف وان كان يشتمل على رؤية مختلفة مع التيار الوطني الحر الا ان العلاقة المتميزة بين حزب الله والتيار كفيلة بتصويب الامور، خاصة وان السيد نصرا لله اكد ان الحزب لن يقبل بحكومة بدون التيار الوطني الحر.

اذا يمكن اختصار الوضع السياسي في لبنان كالتالي:

-هناك فراغ حكومي نتيجة استقالة حكومة سعد الحريري بشكل لم يكن متفقا عليه اقله حول التوقيت.

-هذا الفراغ تحول الى ازمة مع شروط تعجيزية من قبل الحريري لترؤس الحكومة الجديدة وربطه الامر بالخلفية المذهبية عبر اعلان الاجماع على اسمه (الحريري) من دار الافتاء، وما يمثله ذلك من مشكلة دستورية.

-وسط كل ذلك يبرز اكثر فاكثر التدخل الاميركي في الاحتجاجات والتهويل الاتي من واشنطن بان الاحتجاجات مستمرة وتصويرها على انها ضد حزب الله وايران، وبالتالي اخذ الامور في اتجاه مختلف كليا عن مطالب الناس.

-خلاصة القول ان اي حكومة جديدة في لبنان يجب ان تضم كامل الاطراف الرئيسية، لاسيما حزب الله وحركة امل والتيار الوطني الحر وتيار المستقبل اضافة الى المردة والحزب التقدمي الاشتراكي. والاطراف التي تقبل بهذا الطرح معروفة، اما التي تريد اخذ البلاد الى سيناريو تصادمي يتجاهل الازمة الاقتصادية التي يعيشها البلد فستكون مسؤولا عن صفحة ستكون سوداء في تاريخ لبنان السياسي.

العالم