ليبيا نحو المجهول في غياب الحل واستمرار المعارك

ليبيا نحو المجهول في غياب الحل واستمرار المعارك
الإثنين ١٦ ديسمبر ٢٠١٩ - ٠٣:١٢ بتوقيت غرينتش

وسط غياب اي حلول للازمة السياسية في ليبيا، تشهد مناطق جنوب طرابلس معارك كر وفر بين قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر وحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا حيث خطوط القتال تراوح مكانها في ظل تمسك كل طرف بمواقعه. وفيما تتهم حكومة الوفاق الامارات بدعم قوات حفتر عسكريا تلوح تركيا بالتدخل لصالح طرابلس.

العالمتقارير

اصبحت ليبيا الدولة الواقعة شمال أفريقيا والغنية بالنفط في حالة اضطراب دائم منذ الاحداث التي دعمها حلف شمال الأطلسي عام 2011 في البلاد والتي أنهت 42 عاما من حكم معمر القذافي.

وتشن القوات التابعة للواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، منذ 4 أبريل/ نيسان الماضي، هجوما متعثرًا للسيطرة على طرابلس، مقر حكومة الوفاق الوطني الليبية برئاسة فايز السراج، المعترف بها دوليًا وتشهد المناطق الجنوبية لطرابلس معارك كر وفر، حيث اعلنت قوات حفتر سيطرتها على بلدة تاورغاء. فيما اعلنت قوات الوفاق أن المدفعية الثقيلة استهدفت مواقع قوات حفتر في محيط اليرموك.

وخلال الأشهر الأخيرة لم تتغير خطوط القتال إلا قليلا وذلك في ظل تمسك كل طرف بمواقعه وتبادلهما القصف جنوب العاصمة، بينما أعلنت قوات حفتر أن معركة العاصمة طرابلس قد تطول، واضافت أن المرحلة الاولى من العملية تعمل على انهاك قوات حكومة الوفاق.

هذا ما قاله مصدر عسكري في قوات حفتر والذي يحاول السيطرة على العاصمة طرابلس وسط دفاع قوي من قوات حكومة الوفاق التابعة للسراج. المصدر العسكري قال إن القوات المهاجمة تعمل في المرحلة الأولى على إنهاك المدافعين عن طرابلس وتدمير قدراتهم العسكرية ثم دفعها للاستسلام أو الانشقاق أو الهروب من العاصمة.

بدوره نفى المتحدث باسم الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق، عقيد طيار محمد قنونو، صحة ما قاله المبعوث الأممي الى ليبيا غسان سلامة عن اقتراب قوات حفتر، من السيطرة على العاصمة طرابلس.

وبشأن أحدث مستجدات معركة طرابلس، قال قنونو في حديث لوكالة الأناضول إن "الأوضاع الميدانية لا زالت لصالحنا، لكن المدنيين يعانون بسبب القصف الجوي من الطيران الداعم لمجرم الحرب حفتر".

وأضاف: "ارتُكبت في طرابلس وضواحيها مجازر عديدة بحق المدنيين، في الأشهر الأخيرة، وراحت عائلات بأكملها تحت الغارات الجوية الآثمة"، حسب تعبيره.

وردًا على سؤال بشأن تأخر حسم هذه المعركة، أجاب قائلًا: فكان بالإمكان حسم المعركة قبل أن تطول، لكن تغيرت المعطيات على الأرض، بدءًا بالاستعانة (من جانب حفتر) بمرتزقة من إفريقيا، وتدخل الطيران الأجنبي، وأخيرًا الاستعانة بالمرتزقة (فاغنر)، وهو ما جعلنا نعيد رسم خططنا، آخذين في الاعتبار معاناة المدنيين، والأضرار الفظيعة بحق البنية التحتية لطرابلس وما حولها".

على صعيد آخر، أعلنت مدينة مصراته الليبية، شرق طرابلس، حالة النفير ووضع كل ثقلها وإمكانياتها تحت تصرف الدولة من أجل معركة الحسم في العاصمة الليبية.

جاء ذلك في بيان صادر عن المجلس البلدي للمدينة، نشره المركز الإعلامي لعملية ما يسمى "بركان الغضب"، التابعة لحكومة الوفاق الليبية، الأحد.

كما أعلنت عن تشكيل غرفة طوارى بالمدينة تعمل بطاقتها القصوى لتسخير كافة الإمكانيات والقدرات لمعركة الحسم.

وأوضحت أن الغرفة مكونة من ممثلين عن المجلس البلدي والمؤسسات المدنية والعسكرية والأمنية ومجالس الأعيان ومنظمات المجتمع المدني ورجال الأعمال والإعلام.

ودعا البيان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، إلى استغلال كل هذه الفرص والإمكانيات في معركة الحسم وتسخير كافة إمكانيات القطاعات الحكومية في الدولة لتحقيق هذه الغاية.

وطالب البيان كل المدن الليبية بتسجيل موقفها في معركة الوطن ضد ما اسماه قوى "البغي والعدوان" التي تستهدف فيها إمكانيات الليبيين وحريتهم وتهديد أمنهم وسلمهم والمشاركة في معركة الحسم.

والخميس الماضي، وبعد 8 أشهر من فشل قواته في اقتحام العاصمة الليبية، اعلن حفتر، بدء "المعركة الحاسمة" للتقدم نحو قلب طرابلس.

الى ذلك، أكد المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا رفضه عروضا متعددة، قال إنها من قبل الإمارات، بينها مبالغ مالية كبيرة، مقابل دعمهم حفتر أو اتخاذ موقف الحياد تجاه هجوم قواته على طرابلس.

وفي حديث للجزيرة، قال أحد أعضاء المجلس إن وفدا تابعا أبلغ وفدا إماراتيا إن رهان أبو ظبي على دعم حفتر "خطأ كارثي" ولن تكون له أي نتائج، كون الأمازيغ يرفضون سيطرته على البلاد.

يُذكر أن المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا هو الممثل الشرعي والسياسي داخليا وخارجيا لأمازيغ ليبيا، ويشكّل بعد انتخابات تجرى في مناطق وجودهم.

وتتهم حكومة الوفاق الإمارات بدعم قوات حفتر عسكريًا، خاصة بالغارات الجوية، وهو ما تنفيه أبوظبي، وتقول إنها لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى.

الى ذلك بدأت تركيا تلوح بورقة التدخل لصالح حكومة الوفاق حيث جدد الرئيس التركي أردوغان موقف بلاده الرافض للهجوم على طرابلس، وقال إنه حريص على عودة الاستقرار إلى ليبيا وذلك خلال استقباله رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج في العاصمة التركية أنقرة، للمرة الثانية خلال ثلاثة أسابيع.

وقال بعد اجتماع مع السراج أن اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يقود قوات في شرق ليبيا "زعيم غير شرعي.. ويمثل هيكلا غير شرعي"، حسب تعبيره.

وبحث الطرفان في أنقرة البرنامج التنفيذي لمذكرتي التفاهم بين ليبيا وتركيا وآليات تفعيلهما فيما يتعلق بالتعاون الأمني، وتحديد مجالات الصلاحية البحرية في البحر المتوسط كما بحثا تطورات الأوضاع في ليبيا.

ولفت إلى أن مذكرة التفاهم المتعلقة بالتعاون الأمني والعسكري مع ليبيا، ستدخل حيز التنفيذ فور مصادقة البرلمان التركي عليها.

وأضاف أن تركيا مستعدة لتقديم أي دعم عسكري تحتاجه ليبيا، بعد أن وقعت أنقرة مع الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس اتفاقا أمنيا.

بدورها اكدت قطر التي استقبلت فايز السراج في وقت سابق انها مستعدة لتقديم أي دعم تطلبه حكومة الوفاق الوطني في المجالين الأمني والاقتصادي.

وأفادت حكومة الوفاق بأن أمير قطر تميم بن حمد أعرب الأحد 15 ديسمبر/ كانون الأول 2019، عن استعداد بلاده لتقديم أي دعم تطلبه هذه الحكومة في المجالين الأمني والاقتصادي.

وفيما أجهضت المعارك التي تدور بين طرفي الصراع بعد هجوم قوات حفتر على طرابلس الجهود التي كانت تبذلها الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للحوار بين الليبيين، يؤكد المراقبون للشأن الليبي أن الدعم الاقليمي للفرقاء في ليبيا سيعقد الموقف في البلاد ولن يساهم في حلحلة الوضع وسوف يساعد ايضا على اطالة امد النزاع الليبي، في وقت لا يوجد فيه اي منتصر، عسكريا في الميدان حتى الان.