'تويتر' تضيق الخناق على السعودية وحساباتها المضللة

'تويتر' تضيق الخناق على السعودية وحساباتها المضللة
السبت ٢١ ديسمبر ٢٠١٩ - ٠١:٢٣ بتوقيت غرينتش

أغلقت شركة "تويتر"، يوم أمس الجمعة آلاف الحسابات السعودية لقيامها بعملية تلاعب وتضليل إعلامي لصالح السلطات السعودية، وذلك بعد اسابيع عدة من توجيه واشنطن اتهامات بالتجسس لثلاثة سعوديين لاستخلاصهم بيانات شخصية لمعارضين سعوديين من موقع "تويتر".

العالم - تقارير

أعلن موقع تويتر أمس الجمعة، إيقاف 5929 حسابا سعوديا مزيفا، بسبب انتهاك تلك الحسابات لسياسات الموقع الخاصة بمنع التلاعب ودعمها لسياسات الحكومة السعودية وسلطاتها.

وقال موقع تويتر، إن عملية الإيقاف والحذف جاءت ضمن مراجعة روتينية لنشاطات نحو 88 ألف حساب تقوم بسلوكيات "غير مرغوب فيها" ولا تتماشى مع سياسة الموقع، "من أجل حماية خصوصية الحسابات التي يحتمل تعرضها للخطر".

وأوقفت تويتر جميع تلك الحسابات "بشكل دائم" وكشفت عن بيانات تتعلق بالمجموعة الأساسية علاوة على عينة تمثل الشبكة الأكبر.

وذكرت تويتر أن مصدر هذه النشاطات، شركة تسويق على وسائل التواصل الاجتماعي مقرها الرياض تدعى "سماءات" وتربطها علاقات بعدد من الشخصيات السعودية والمنافذ الإخبارية البارزة.

وبحسب الشكوى التي قدمها "إف.بي.آي"، يدير شركة "سماءات" شخص يعرف باسم "أحمد الجبرين" (أحمد المطيري)، الذي يسيطر أيضا على شركة تسويق سعودية على وسائل التواصل الاجتماعي تقدم خدمات للأسرة الحاكمة في المملكة.

الى ذلك، كان موقع تويتر قد أعلن في سبتمبر أيلول، أنه أوقف حساب مستشار الديوان الملكي السابق "سعود القحطاني" وآخرين مرتبطين بأجهزة إعلامية تديرها الدولة في السعودية، إضافة لحسابات في الإمارات ومصر، تبالغ بشكل مماثل في الرسائل المؤيدة للسعودية.

وكان القحطاني، المقرب من ابن سلمان، يدير المركز الإعلامي للديوان الملكي إضافة "لجيش إلكتروني" مهمته حماية صورة المملكة ومهاجمة من تعتبرهم أعداءها عبر الإنترنت.

وبحسب تويتر، فإن الحسابات التي تم حذفها، كانت تتلاعب بسياسات المنصة وتستهدف المناقشات المتعلقة بالمملكة العربية السعودية وتعزيز اهتماماتها الجيوسياسية على الساحة العالمية، من خلال تضخيم الرسائل الموالية للسلطات السعودية من خلال الإعجاب بها وإعادة التغريد والرد عليها.

وانطلق الموقع لتفكيك هذه الشبكة في عام 2018. وتمكن من تحديد المشاركين فيها خريف 2019 بشكل أفضل واتخذ إجراءات صارمة في تشرين الاول/أكتوبر الماضي.

وأضاف موقع تويتر في مدونته، أن أنشطة تلك الحسابات ارتبطت بأحداث ذات صلة بالجماهير في الغرب، بما في ذلك تضخيم العقوبات على إيران وظهور مسؤولين سعوديين في وسائل الإعلام الغربية مشيرا إلى أن محتوى تلك الحسابات كان باللغة العربية.

ويأتي هذا الإجراء بعد اتهام سعوددين بالعبث بالأنظمة الداخلية لتويتر من أجل الحصول على معلومات شخصية عن معارضين سعوديين والآلاف من مستخدمي تويتر، قبل أسابيع.

وكانت قد أعلنت وزارة العدل الأميركية في نوفمبر - تشرين الثاني المنصرم، أن محكمة فدرالية في سان فرانسيسكو وجهت الاتهام إلى موظفين سابقين في شركة "تويتر" ورجل آخر بالتجسس على مستخدمين لمنصة التواصل الاجتماعي وجهوا انتقادات للعائلة المالكة في السعودية.

وأوضحت الوزارة أن المتهمين الثلاثة وهم سعوديان وأميركي (موظفا تويتر علي الزبارة وأحمد أبو عمو، وأحمد المطيري) عملوا معا لصالح الحكومة السعودية والعائلة المالكة من أجل كشف هويات أصحاب حسابات معارضة على تويتر.

وبحسب لائحة الاتهام فإن الأشخاص الثلاثة كانوا ينفذون توجيهات مسؤول سعودي لم تكشف هويته يعمل لصالح شخص أطلق عليه المحققون تسمية "عضو العائلة المالكة-1"، وقد أفادت صحيفة واشنطن بوست بأنه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

ويسعى العديد من عملاء إبن سلمان سعيا حثيثا لمواجهة معارضة الشباب السعودي على الإنترنت، التي انتقلت كذلك إلى السعوديين المقيمين بالخارج، وما زالت منصة تويتر تعمل في السعودية لمساعدة النظام في تقييم المزاج العام، والترويج لإبن سلمان.

وكانت الباحثة والأكاديمية السعودية المعارضة الدكتورة "مضاوي الرشيد"، كتبت في مقال لها في السياق ذاته، بموقع “ميدل إيست آي البريطاني”، أن تويتر تحول لوسيلة تجسس في السعودية، وأصبح الموقع الشهير ساحة مفضلة لجواسيس السعودية الإلكترونيين.

فبينما شدد ابن سلمان قبضته على شبكات التواصل الاجتماعي ووظف جيشا إلكترونيا لنشر الأكاذيب ومراقبة الأصوات المعارضة - ما أدى إلى فرض عقوبات قاسية على المعارضين- تولى السعوديون المقيمون في الخارج زمام المبادرة، وواصلوا نضال نظرائهم داخل البلاد.

ويستخدم ابن سلمان تويتر لمراقبة المعارضة والقبض على المعارضين، بما في ذلك نشاط السعوديين في الخارج. إذ يتابع عملاؤه أنشطة الطلاب الأكاديمية وأنشطتهم على شبكات التواصل الاجتماعي عن كثب، فيما ترسل قنصليات المملكة في البلاد المختلفة ملفات خاصة بهؤلاء الطلاب إلى الحكومة السعودية في الرياض. وفي بعض الأحيان، يقول موظفو القنصليات للمنتقدين إنهم لا يمكنهم تجديد جوازات سفرهم إلا إذا عادوا إلى السعودية.

ففي بلد يشهد قمع حرية التعبير وحظر التنظيم السياسي، لا يوجد سوى صوت واحد: صوت آلة الدعاية للنظام. ومع ذلك، يريد النظام معرفة ما يفكر فيه السعوديون، وكيف يتفاعلون مع مغامرات الدولة المتعددة في الداخل والخارج.

ويبدو أن تويتر أثبت أنه جهاز تنصت جيد، ليس فقط للقبض على المعارضين ومعاقبتهم، بل لمعرفة من يمتدح النظام كذلك، حتى يمكن مكافأته.

ويرى المحللون أن الاتهامات الجديدة للسعودية باستغلال مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة موقع تويتر للتجسس على المعارضة السعودية وقمعها في نهاية المطاف، تأتي في توقيت لا تزال فيه العلاقات بين الولايات المتحدة (الكونغرس) والسعودية متوترة على خلفية جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي التي تتابعه المبعوثة الأممية "أغنيس كالامار" عن كثب.