الاحكام في مقتل خاشقجي.. ادانة المنفذ وتبرئة المدبر!

الاحكام في مقتل خاشقجي.. ادانة المنفذ وتبرئة المدبر!
الثلاثاء ٢٤ ديسمبر ٢٠١٩ - ٠٩:٥١ بتوقيت غرينتش

منذ اربعة عشر شهرا ربما لم يكن يتوقع النظام السعودي ان قتل صحفي معارض داخل القنصلية السعودية في اسطنبول سيقلب الدنيا ولا يقعدها ضد ممارسات الرياض لاسيما بعد بروز نجم ولي العهد محمد بن سلمان. لكن ما اعقب الجريمة كشف الكثير من الامور. 

العالم - يقال أن

بداية لا بد من استذكار للاحداث منذ الثاني من تشرين الاول-اكتوبر تاريخ الجريمة.
= الموقف الاول للسعودية بعد الجريمة كان انكار حصولها وتكرار مقولة ان خاشقجي غادر القنصلية من الباب الخلفي مع خطيبته التركية. ونشرت القنصلية السعودية تسجيلات من كاميرات المراقبة تظهر من قيل انه خاشقجي وهو يخرج من الباب الخلفي. (اتضح فيما بعد ان الشخص سعودي احضر خصيصا للعب دور خاشقجي والتمويه بانه غادر).

= بعد نحو اسبوعين من الجريمة (تخللهما اخفاء كل اثار الجريمة من داخل القنصلية) اعترفت الرياض بمقتل خاشقجي واصفة اياه بانه حصل عفويا بعد شجار مع اشخاص داخل القنصلية (ولم تكشف الرياض عن مكان جثة خاشقجي)

= بعد شهرين ونصف تقريبا اتى الاعتراف الاميركي بوقوع الجريمة بامر من القيادات العليا السعودية ليصدر مجلس الشيوخ الاميركي قرارا يحمل ولي العهد محمد بن سلمان المسؤولية

بعد كل ذلك اتت الاحكام التي اصدرها القضاء السعودي عقب محاكمات لم يعرف عنها اي شيء، الاحكام طالت ثمانية اشخاص، خمسة منهم حكموا بالاعدام وثلاثة بالسجن. والثمانية لم تعرف اسماؤهم. وما كان ملفتا اكثر من الاحكام تبرئة سعود القحطاني المستشار الاقرب لابن سلمان والمتهم المباشر في الجريمة اضافة الى احمد العسيري رئيس الاستخبارات السابق ومعه محمد العتيبي القنصل السعودي في اسطنبول. اما في حيثيات الاحكام قال القضاء السعودي ان الجريمة لم تكن متعمدة بل انية وحدثت بشكل عفوي.

هذا الكلام يفتح الجدال واسعا لتفنيد تبريرات وحجج القضاء السعودي والهدف من ورائها. فالجريمة لم تكن انية كما تقول الرياض. ويكفي الانتباه الى ان فريق القتل المكون من ثمانية عشر شخصا وصل قبل ساعات من الجريمة. ولو كان الهدف جلب خاشقجي الى الرياض كان يكفي الامن الخاص بالقنصلية للقيام بالمهمة.
اضافة لذلك التسريبات الصوتية التي تظهر فريق القتل وهو يناقش تقطيع جثة خاشقجي بعد قتله. ولو كان قتله انيا فماذا عن تقطيع الجثة الذي لم يكن ليتم بدون التواصل مع القيادات العليا مرورا بالقحطاني والعسيري وصولا لابن سلمان؟
وانطلاقا من ان الجريمة كانت متعمدة (وهو ما تؤكده الوقائع والدلائل والتقارير التي اصدرتها وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية CIA وتقرير المحققة الاممية "انييس كالامار") فان الحكم بانها كانت انية وتبرئة كل من القحطاني والعسيري يكشف عن اهداف ابعد من ادعاءات تحقيق العدالة.
وهنا يجب الربط بين القحطاني والعسيري وولي العهد السعودي. فالقحطاني من اقرب المقربين لابن سلمان وكرر مرارا ان كل ما يفعله هو تنفيذ اوامر ابن سلمان وكذلك العسيري ياتمر مباشرة من ولي العهد.
وعليه فان تبرئة الرجلين تعتبر تبرئة لولي العهد وابعادا لاسمه عن القضية بعد ان كان متهما مباشرا فيها. وهنا تجدر الاشارة الى ان المدعي العام السعودي اعتبر الجريمة متعمدة لكن ابن سلمان خرج في اخر مقابلاته وقال انها كانت انية وغير مخطط لها. وراي بن سلمان هو ما بنى عليه القضاء السعودي، ما يعزز نظرية ان الاحكام كانت لتبرئة ابن سلمان وابعاده عن المشهد.
الى جانب ذلك اتت التغريدة التي نشرها نجل خاشقجي (صلاح) وشكر فيها القضاء السعودي مبديا ثقته به وبقيادة البلاد لتعطي شرعية للاحكام وتعزز البراءة المفترضة للقحطاني والعسيري ومن خلفهما ولي العهد.
كل ذلك يكشف ان الافلات من العقاب بات اسهل من ارتكاب الجريمة نفسها. وان ما اصدره القضاء السعودي من احكام ليس حبا بتحقيق العدالة والتي لم تحصل برأي المنظمات والاطراف الدولية. بل كانت ادانة لقتلة ينفذون الاوامر وتبرئة لمدبرين خططوا وحرضوا واشرفوا وغطوا الجريمة.

حسين موسوي